27-يناير-2018

مسافة رمال الشاطئ تناقصت 12 مترًا خلال 4 سنوات | تصوير: أحمد الكباريتي

"يا فرحتك يا رابين.. حُلمك قد يتحقق بقريتنا"، كانت تلك عبارات أطلقها عبد الله النجار، أحد سكان القرية السويدية الساحلية برفح بعد أن حاولت أمواج البحر ملامسة جدران منازلهم خلال الأيام المطيرة التي شهدتها المناطق الفلسطينية مؤخرًا.

   شيئًا فشيئًا، تقترب أمواج البحر من منازل الأهالي في القرية السويدية الساحلية برفح، بعد أن قضمت الكثير من رمال الجرف الشاطئيّ   

سكان "القرية السويدية" أو "العزبة"، حسبما تعارف سُكان المنطقة على تسمية منطقتهم التي تبعد 7 أمتار فقط عن الحدود الشمالية الشرقية لمصر، وقفوا باكرًا أمام منازلهم واضعين أياديهم في جيوبهم ليروا كم مترًا هذه المرّة بقي أمام الموج ليصنع بحيرات صغيرة في غرفهم أو حتى سحب القرية بأكملها إلى القاع.

انهيار جزء كبير من الجرف الشاطئي
انهيار جزء كبير من الجرف الشاطئي
عبد الله النجار قرب الحدود الدولية
عبد الله النجار قرب الحدود الدولية
نقطة مراقبة الحدود المشتركة
نقطة مراقبة الحدود المشتركة

سكان العزبة التي تضم 130 منزلًا تقريبًا صنعت من الأسبستوس والمواد الأولية كالشوادر البلاستيكية، يقولون إنهم مُتخوفون من موسم الشتاء الحالي، فقد يقضم الموج مزيدًا من رمال الجرف الشاطئي الذي قد يتسبب بانهيار الطريق الأسفلتي وصولًا إلى منازلهم.

اقرأ/ي أيضًا: الشتاء في لهجتنا العاميّة

"خلال الأعوام الماضية، كانت أطراف المدّ تبعد 60 أو 70 مترًا عن أبواب أول منزل، أما اليوم فلم يعد يفصل الموج عن المنازل إلّا هذا الشارع الصغير، فيما ينخر الموج رمال الشارع من أسفله، ساعتها سيبتلعنا البحر مثلما تمنى رابين". يقول النجار (60 عامًا) لـ"الترا فلسطين".

السياج الفاصل بين البحر والطريق
السياج الفاصل بين البحر والطريق

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين قال عام 1992 إنه يتمنى أن يستيقظ يومًا ما من النوم ويرى غزة قد ابتلعها البحر، وذلك بسبب حجم الأزمات التي تسببت بها غزة لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

ويعتقد سكان العزبة الممتدة على 40 دونمًا أن اللسان البحري الممتد داخل البحر في الجهة المقابلة من الحدود الدولية والذي أنشأته السلطات المصرية قبل 7 أعوام، هو السبب وراء ارتفاع منسوب المياه وتآكل مساحة الشاطئ.

ويشير توضيح من بلدية رفح على لسان مدير دائرة الصحة والبيئة في البلدية أسامة أبو نقيرة، أن مسافة رمال الشاطئ تناقصت 12 مترًا خلال أربع سنوات، ما بين عامي 2010 و2014.

أطفال من القرية السويدية "العزبة"
أطفال من القرية السويدية "العزبة"

أقرب تلك المساكن إلى الموج الهادر يعود لأحمد أبو سْلَيْمة (41 عامًا) الذي يملك كغالبية رجال القرية قوارب ويعملون في الصيد. "كان هذا السياج الشائك خلف ظهورنا بنحو 10 أو 15 مترًا، لكن وبعد ارتفاع الموج وتآكل الرمال أصبحت الأسلاك أمامنا... ربما سنتحول إلى جزيرة، فالشتاء بالنسبة لأهل العزية يعني الغرق القريب".

لذا، فإن مزيدًا من الانتظار لن يصب في صالح سكان هذه القرية. ويقول النجار "إن مسؤولين في الهلال الأحمر يسارعون فقط لتقديم شوادر بطول 4 أمتار فقط.. كيف ستحمي هذه القطع منازلنا من مدّ الموج؟".

لكنّ سكان المنازل لم يكونوا وحدهم تحت تهديد ملايين من الأمتار المكعبة من المياه المالحة التي تهدد بالهجوم؛ فقواربهم الصغيرة سُحبت إلى عُرض البحر.

اقرأ/ي أيضًا: "البنانير" أو "القلول" لعبة طفولة لا تُنسى

الصيّاد ربحي النجار
الصيّاد ربحي النجار

التقيتُ الصيّاد ربحي النجار (66 عامًا) أثناء محاولته إصلاح التمزقات في شباكه بسبب المد البحري الأخير.

"كما ترى، الصيادون اضطروا لنقل قواربهم إلى الجهة المقابلة من الشارع خوفًا من أن يستيقظوا صباح يومٍ ويجدونها على بعد أميال داخل الماء، وطبعًا ستتعرض لإطلاق النار إذا ذهبت جنوبًا نحو المياه المصرية أو غربًا نحو الزوارق الإسرائيلية".

الصيادون اضطروا لنقل قواربهم إلى الجهة الأخرى من الشارع
الصيادون اضطروا لنقل قواربهم إلى الجهة الأخرى من الشارع

ويرى المسؤول في البلدية أن إنشاء لسان بحري كما هو حاصل لدى الجانب المصري يتطلب في المقابل اتخاذ تدابير أخرى لإيجاد وسيلة لنقل الطمي المترسب على الجانب الجنوبي للسان، ونقلها شمالًا، عبر مضخات للرمال تضمن عدم انحسار الشاطئ.

وحول إمكانية اتخاذ تدبير وقائي مماثل، قال أبو نقيرة إن إنشاء لسان بحري قبالة شواطئ رفح قد يخفف المشكلة هنا، لكنّها ستنتقل شمالًا إلى شواطئ المحافظات القريبة كخانيونس أو دير البلح ما يعني غرقًا محتملًا لسكان شواطئ تلك المنطقتين.

يُشار إلى أن هذه القرية أنشأت في ستينات القرن الماضي، بعد أن قدّم جنرال سويدي خلال زيارته للقرية مبلغًا ماليًا لإعادة بنائها، كما أنها تعاني من عدم وجود بنية تحتية، وطرقات، فيما لا تفصل جدران ونوافذ القرية سوى سنتيمترات على أبعد تقدير.

التساؤل الأهم لدى سكان "العزبة" الحدودية اليوم: "خلال المنخفض الجوي القادم، هل سنكون جزيرة؟ أم ركامًا فوق الموج؟ أم سنستمر بإطلاق نداءات الاستغاثة"؟

لافتة رُخاميّة عُلّقت على مدخل القرية
لافتة رُخاميّة عُلّقت على مدخل القرية

اقرأ/ي أيضًا: 

هل تصبح الأمطار حدثًا سارًا في غزة هذا الشتاء؟

فيديو | مطاردة "الفقع".. هل عشتم التجربة؟

الكستناء فاكهة الشتاء.. تعرّفوا عليها