12-يناير-2022

الطفل النواتي

دفع الطفل سليم النواتي من قطاع غزة، حياته ثمنًا لصراع قائم بين مستشفى النجاح الجامعيّ في نابلس، والحكومة الفلسطينية ممثلةً بوزارة الماليّة التي يقول المستشفى إنها ترفض تحويل مستحقّاته الماليّة، الأمر الذي دفعه لوقف استقبال الحالات المرضية.

 توفي طفل من قطاع غزة، بعد أن رفضت مستشفيات فلسطينية استقباله لعلاجه من سرطان الدم 

والطفل النواتي (15 عامًا) المريض بسرطان الدم، توفي الأحد الماضي داخل مجمّع فلسطين الطبي الحكومي بمدينة رام الله، ليعيد بذلك إلى الواجهة، معاناة المرضى الذين أغلقت أبواب المستشفيات في وجوههم على خلفيّة تراكم الديون الحكومية للمستشفيات، إذ تقول عائلة الطفل النواتي إنّ عددًا من المستشفيات اعتذرت عن استقبال ابنهم المريض.

وصباح الأربعاء، أعلنت وزيرة الصحة ميّ الكيلة تشكيل لجنة تحقيق للبحث في ملف وفاة الطفل النواتي من غزة.

مع بداية شهر تشرين ثان/ نوفمبر، تبيّن إصابة الطفل النواتي بسرطان الدم، يقول عمّه جمال النواتي إنهم حصلوا على تحويلة لعلاجه في مستشفى جامعة النجاح، وانتهى موعدها نتيجة رفض الاحتلال منحهم تصاريح السّفر من قطاع غزة ثلاث مرات، قبل أن تتدخل منظمات حقوق الإنسان وينتهي الأمر بحصولهم على التصاريح في  26 كانون أول/ ديسمبر.

في 21 كانون أول/ ديسمبر، أعلن مستشفى النجاح الوطني الجامعي بنابلس، التوقّف عن استقبال مرضى الأورام بسبب نقص الأدوية اللازمة، ونتيجة للأزمة المالية الخانقة التي سببها عدم سداد الحكومة المستحقات المتراكمة عليها. 

وتبعًا لذلك، يقول المستشفى إنه أبلغ "الشؤون المدنية" في 22 كانون أول/ ديسمبر أنه لن يتم استقبال الطفل النواتي في مستشفى النجاح، وفقًا لما أفاد به عمّه جمال. 

وأضاف جمال النواتي، أنه سافر من غزة إلى رام الله، وهناك تقدّم بطلب لدائرة العلاج في الخارج بوزارة الصحة، لإيجاد بديل عن مستشفى النجاح أو مخاطبتهم، إلا أنهم (دائرة العلاج بالخارج) وجّهونا مجددًا إلى مستشفى النجاح.

الطفل النواتي، كان مصابًا بسرطان الدم

توجهنا إثر ذلك مجددًا إلى مستشفى النجاح يقول النواتي، عمّ الطفل الضحية، لكنهم "رفضوا استقبالنا"، فعدت مباشرة إلى دائرة العلاج بالخارج في رام الله، والذين تواصلوا بدورهم مع مستشفيات المطلع والمقاصد والاستشاري ومجمّع فلسطين الطبي، إلّا أنّ المستشفيات المذكورة اعتذرت عن استقبالنا.

وأشار إلى أنّهم تواصلوا بعد ذلك مع جهات في الحرس الرئاسي الفلسطينيّ، الأمر الذي انتهى بحصولهم على تحويلة إلى مجمّع فلسطين الطبي الحكومي برام الله، وعند لقائهم نائب مدير المجمّع الذي وقّع على التحويل الطبيّة، أبلغهم بأنه "لا مجال لاستقبال المريض في مجمّع فلسطين الطبي"، وحين سؤاله عن السبب، أجاب: "(دائرة) العلاج بالخارج" يعرفون السبب.

ويكمل النواتي سرد معاناته التي استمرت أسبوعين برفقة ابن شقيقه: بعد ذلك حصلنا بمساعدة أصدقاء للعائلة على تحويلة الى مستشفى "يخلوف" الإسرائيلي في تل أبيب بموعد 9 كانون ثان/ يناير، وبعد تواصلنا مع "الإدارة المدنية (التابعة لجيش الاحتلال)" أبلغونا بأن الطلب قيد الدراسة، ثم أخبرونا بأنّ علينا العودة إلى غزة مجددًا، والتنسيق من هناك للوصول للمستشفى.

وأضاف، على إثر ذلك توجهت بالطفل إلى "دائرة العلاج بالخارج" مجددًا وتم عرضه على اللجنة الطبية، ولحظتها طلبوا سيارة إسعاف لنقله لمجمّع فلسطين الطبي، وأبلغوني بأنه سيتم قبوله هذه المرة، وبعد دخوله للاستقبال بعشر دقائق أخبروني بوفاته". 

مستشفى النجاح يرد

من جهته، يقول الرئيس التنفيذي لمستشفى النجاح كمال حجازي، إنهم أصدروا تحويلة للطفل النواتي في 11 تشرين ثان/ نوفمبر، وقد جرى تجديدها أكثر من مرة لعدم تمكُّن المريض من السفر بسبب تأخر حصوله على تصريح إسرائيلي.

وأضاف في حديث لـ "الترا فلسطين" أنهم أعلنوا في أواخر كانون أول/ ديسمبر الماضي، وقف استقبال الحالات الجديدة لعدم توفّر بعض الأدوية المهمة لعلاج الأورام، وكانت هذه الحالات ضمن عدد من الحالات أبلغنا دائرة "شراء الخدمة (في وزارة الصحة)" أننا لن نستطيع استقبالها، والدائرة بدورها أبلغت العائلة التي كانت ما تزال في قطاع غزة.

وبيّن حجازي أن المريض حضر لديهم برفقة عمّه بتاريخ 26 كانون أول/ ديسمبر، و"لم تكن حالته طارئة" وكان "يمشي على قدميه"، ونحن أخبرناه بأننا بلّغنا مسبقًا باعتذارنا عن استقبال الحالة لأن علاجها لم يعد متوفرًا لدينا بسبب أزمة الديون المتراكمة على الحكومة لصالح المستشفى، ووجهناهم للتواصل مع وحدة شراء الخدمة لتغيير مسار الخدمة نحو مستشفيات يتوفّر فيها العلاج، وهنا انتهى دور مستشفى النجاح.

ولفت حجازي إلى أنّ مستشفى النجاح اتفق مع وزارة الصحة على استقبال الحالات التي يتم رفضها من مستشفيات المطلع والاستشاري استثنائيًا، وبشرط توفّر العلاج.

وذكر أنّ العلاج المتوفّر لدى المستشفى يكفي فقط لـ 1600 مريض فقط، وذلك بفعل توقّف المورِّدين عن توفير الأدوية اللازمة بفعل تراكم الديون على المستشفى والتي بلغت أكثر من 250 مليون شيقل.

وأوضح حجازي أنه لم يصل للمستشفى حتى اللحظة أي رد رسمي من أي جهة حكومة حول حل مشكلة الديون أو جدولتها، والبالغة حوالي 413 مليون شيقل، وشدد على رفضه لوضع مستشفى النجاح في دائرة الاتهام، لمجرد أنه أعلن عدم توفّر العلاج المناسب لهذه الحالة المرضية، داعيًا دائرة "العلاج بالخارج" لتحمُّل المسؤولية، وتساءل: لماذا تم تحويله إلى مستشفى النجاح ومجمّع فلسطين مع علمهم أن علاجه غير متوفر لديهما؟!

اقرأ/ي أيضًا: قيّده الجنود ونكلوا به.. استشهاد مسن فلسطيني شمال رام الله

بدوره نفى الرئيس التنفيذي لمجمع فلسطين الطبي الدكتور أحمد البيتاوي علمه بتفاصيل قضيّة الطفل النواتي، وأشار في حديثه لـ "الترا فلسطين" إلى أن جميع الحالات القادمة من قطاع غزة تعرض عليه، ومن يكون من الممكن استقباله يتم إدخاله المجمّع، وما دون ذلك يتم الإشارة إلى أن علاجه غير متوفّر لدينا.

 

وبيّن البيتاوي أن علاج الطفل النواتي غير متوفر في مجمع فلسطين الطبي، إذ إن المجمع لا يوجد به قسم للأورام وزراعة النخاع.

وإلى حين سداد الحكومة الفلسطينية الديوان المتراكمة لصالح مستشفيات الضفة الغربية أو الاتفاق على آلية بين الطرفين لحل هذه القضية، يبقى المرضى خاصة أصحاب الأمراض المزمنة في دائرة الخطر.


اقرأ/ي أيضًا:

إعفاء الهدري من منصبه في "التحويلات الطبية" وتعيين العطاونة خلفًا له