الترا فلسطين | فريق التحرير
ثلاثة أيّام مرّت ورام الله والبيرة في معمعة الاقتحامات الإسرائيليّة، لا ليل هُنا يختلف عن النهار، طالت مداهمات جيش الاحتلال أحياء الإرسال والمصايف والبالوع، وشملت بنايات سكنية ومحال تجارية، ومؤسسات رسمية. كانت "إسرائيل" تبحث عن طرف خيط يوصلها لشاب أو شبّان فتحوا نيران بنادقهم ليل الأحد الماضي، وأصابوا سبعة مستوطنين بعضهم كان يقيم نصبًا تذكاريًا لمستوطن قُتل في وقت سابق، بنيران مسلحين فلسطينيين قرب مستوطنة "عوفرة" الواقعة شرق رام الله، تحديدًا على أراضي بلدتي سلواد وعين يبرود.
كانت "إسرائيل" تبحث عن طرف خيط يوصلها لشاب أو شبّان فتحوا نيران بنادقهم ليل الأحد الماضي، وأصابوا سبعة مستوطنين شرق رام الله
وقبل انتصاف ليل الخميس، أعلنت "إسرائيل" أنها قتلت صالح عمر صالح البرغوثي (29 عامًا)، من بلدة كوبر شمال رام الله، في عمليّة معقدة ومشركة بين الجيش والشاباك، معتبرةً أنه أحد منفذي عملية "عوفرة"، وادّعت أنه قُتل بعد محاولته الهرب. جيش الاحتلال قال أيضًا إنه اعتقل "بقية أفراد الخلية المنفذة للعملية"، دون أن يشير إلى أسماء معتقلين أو أعدادهم.
وقبل هذا الإعلان عن استشهاد صالح، كانت قوات من جيش الاحتلال تقتحم حيّ عين مصباح في رام الله، تحديدًا عند الساعة الثامنة والنصف مساءً، وتحاصر بناية سكنية، وبعد ساعات في المكان، انسحبت منه وهي تجر مركبة من نوع "بيجو" بيضاء اللون، يُرجّح أن تكون هي السيارة التي ظهرت في شريط الفيديو الذي بثّته مصادر عبرية للحظة تنفيذ عمليّة إطلاق النار على مفترق مستوطنة "عوفرة".
وسبق الحدث الأبرز مساء الأربعاء، تشديد قوات الاحتلال خناقها على مداخل ومخارج رام الله (بيت ايل، عين سينيا، عطارة)، حيث اشتكى مواطنون من مكوثهم لساعتين على حواجز أقامها جنود الاحتلال في طريق دخولهم أو خروجهم من المدينة.
تزامنًا مع ذلك، وفي بلدة سردا شمال رام الله، اعتقد كثيرون في البداية أنّ حادث سير وقع على الطريق الرئيس، وهكذا تناقل بعض الصحافيين، إلى أن بدأت الأمور تتكشّف شيئًا فشيئًا.
بحدود الساعة السادسة والنصف على وجه التقريب، كانت قوّة إسرائيليّة خاصّة تستقل سيارة خاصّة "جيب" أزرق سماويّ اللون، وسيارة أخرى من نوع مرسيدس كتلك التي يستعملها باعة الخضار، تقطع الطريق على سائق سيارة أجرة "تاكسي"، بينما كان يسير على الشارع الرئيس.
شهود عيان تواجدوا في المكان لحظة الحادث، قالوا لصحفيين ووسائل إعلام محليّة إنّ قوة إسرائيلية خاصّة اختطفت صالح البرغوثي من التاكسي الذي كان يقوده، وأشاروا إلى أنهم شاهدوا الجنود ينزلونه على الأرض، ثم قيّدوه وأعصبوا عينه، ونقلوه في السيارة التي قدمت فيها القوات الخاصّة.
شهود العيان قالوا في حينه إنهم لم يشاهدوا آثار دماء، في المركبة التي تهشّم زجاجها الخلفيّ، وعُثر على أحد مقاعدها طلقات نارية لم يُسمع صوت إطلاقها، ورجّح بعضهم في مشاهد فيديو بُثّت بشكل مباشر أن تكون القوة الخاصة قد استعملت سلاحًا كاتمًا للصوت.
إلى هُنا، كانت القوة الإسرائيليّة الخاصّة قد اختطفت الشاب صالح، وتركت مركبته وسط الطريق، وغادرت المكان، فما كان من أحد الشبّان ويسمّى وعد البرغوثي، إلّا أن قام بتحريك السيارة من مكانها لإفساح المجال لحركة المركبات الأخرى، عاد جنود الاحتلال بعد ذلك، وسألوا عن الشخص الذي نقل المركبة من مكانها، وعندما أجابهم (وعد) أنه هو من فعل ذلك، اعتقلوه.
وبعد انتهاء هذا الحدث الذي ظلّت تفاصيله غير معروفة، فيما يتعلق باعتقال صالح؛ هل هو مصاب أم لا؟ طبيعة إصابته؟ وهل له علاقة بعملية "عوفرة"؟ كانت الأخبار تتوارد من كوبر، أنّ الاحتلال يقتحم البلدة بأكثر من 50 آلية عسكرية، ثم داهم الجنود منزل عمر البرغوثي والد الشهيد صالح، ويمنعون عشرات الرجال والنساء من مغادرته، ثم أطلقوا قنابل الصوت والغاز على المحاصرين في المنزل بعد مشادات مع عدد منهم.
مراسل "الترا فلسطين" أشار إلى أنّ جنود الاحتلال فصلوا والد الشهيد صالح، واثنين من أشقائه وزوج أخته عن بقية المحتجزين، وأخضعوهم لتحقيق ميدانيّ دون إبلاغهم بمصير نجلهم.
في هذه الأثناء اندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال، أُصيب على إثرها طفل برصاصة في ساقه، وشاب برصاصة أخرى في يده، بينما عرقل جنود الاحتلال وصول سيارات الإسعاف للمصابين وقتًا طويلًا. كما انتشر أعداد من الجنود في القرية، وشرعوا باقتحام منازل وتفتيشها.
وكانت قوات الاحتلال اقتحمت رام الله والبيرة على مدار يومين، اندلعت خلالها مواجهات عنفية مع الشبّان، وتمركزت في أحياء المصايف والإرسال والبالوع، بحثًا عن تسجلات كاميرات المراقبة في المحال التجارية والمؤسسات الرسمية بينها مقرّ وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، وعلى مقربة من مقر وزارة المالية.
تجدر الإشارة إلى أنّ الاحتلال سبق واعتقل عاصم شقيق الشهيد صالح، لمدة 11 سنة، فيما قضى والده المعروف بـ "أبو عاصم" مدة تجاوزت 28 سنة على اعتقالات متقطّعة في سجون الاحتلال، ولا يزال عمّه نائل البرغوثي معتقلًا منذ 39 سنة، باستثناء المدة التي خرجها في صفقة "وفاء الأحرار" قبل أن يعيد الاحتلال اعتقاله.