09-أبريل-2018

كاريكاتير الحلم الفلسطيني لـ عمر صمُد نُشر على موقع الجزيرة

تحت العتمة؛ وبين أزقة المخيم، يخطّ بقلم الرصاص ما استطاع من أفكار ورسومات، استقاها من واقع ممزق، ووطن محتل، وشعب محاصر، وفق فلسفة ابتدعها هو ومجموعة من رفاقه، فكان هو الوحيد بينهم الذي اختار فن رسم الكاريكاتير، عوضًا عن أي شيء آخر، ليوصل رسالته.

رسّام الكاريكاتير إسماعيل البزم (32 عامًا) من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، خريج كلية تكنولوجيا المعلومات، واحد من آلاف الخريجين الذين لم يجدوا فرصتهم حتى اللحظة. بدأ إسماعيل مشواره الفني قبل عامين ونصف، وهو كما قال لـ الترا فلسطين: "انفجرت بي الموهبة دون إرادتي، فالظروف التي نعيشها هي من دفعتني أولاً لهذا العمل".

يبيّن البزم أن كل موهوب في غزة يلاقي صعوبة في تنمية موهبته "طالما كان غير محزّب، أو لا يعمل وفق أهداف جهة أو حاضنة ما"، وهذه كانت العقبة الأولى في مشواره الفنّي، حسب قوله.

الموهوب في غزة يلاقي صعوبة في تنمية موهبته طالما كان غير محزّب، ولا يعمل وفق حاضنة ما

ينشط البزم على مواقع التواصل، وبشكل أكبر في موقع "فيسبوك"، لكن صحفًا محلية وعالمية استعارت رسوماته. يقول إن التحديات الكبيرة أمام الشعب الفلسطيني، وانعدام التوازن في القوة مع الاحتلال، دفعه إلى التفكير بالنهج السلمي الذي من شأنه تعرية الاحتلال أمام العالم.

اقرأ/ي أيضًا: الزوبعة: مسرحية لا ترحب بالإعلام

ويضيف أن رسوماته "مقتبسة من معطيات تاريخية وسياسية وواقعية تتعلق بالقضية الفلسطينية"، موضحًا أنه "يهدف بالأساس  لإيصال رسالة فن، ورسالة حياة، إلى العالم أجمع، كما و رسالة نضال وصمود في نفس الوقت إلى الاحتلال" وفق قوله.

عمر عبد الرحمن صُمد (30 عامًا)، فنان آخر يقيم في السويد، ويرسم منذ طفولته، وقد أتقن التصميم الجرافيكي، والرسم اليدوي، ثم الرسم الرقمي على الحاسوب، ثم الكاريكاتير. يقول إنه منذ رسومات الانتفاضة، ومن خلال أعمال الفنان ناجي العلي، "ترسّخت بداخلي مفاهيم الوطنية والقلم والريشة، واقتنعت بقوّتهن على فضح الجلّاد، وإظهار قبحه للعالم" وفق قوله لـ الترا فلسطين.

يرى صُمد أن رسم الكاريكاتير يتوازى مع كل ميادين العمل النضالي، مضيفًا، "الرسومات تعكس مدى الظلم الواقع على شعبنا، وتكشف زيف وتضليل الروايات الإسرائيلية المناقضة للواقع والحقيقة". ويتابع، "نحاول برسوماتنا هذه أن نقول لهذا العالم بأننا لسنا كما يكذب عليكم الاحتلال، فنحن دعاة حياة، وفن، ومواهب، وجزء إيجابي في هذا العالم".

يبحث صمُد كثيرًا عن منابر يُمكن أن تصل لأكبر شريحة ممكنة من غير العرب ليعرض لهم رسوماته، ومن ذلك مواقع التواصل الاجتماعي،  والصحف الكبيرة. يقول: "نجحنا في ذلك نوعًا ما، وها نحن نحاول، وهذا بالإضافة إلى أنشطة مختلفة نقوم بها كفنانين وناشطين، من معارض فنية، وحملات مختلفة".

تنبع أهمية رسوم الكاريكاتير من قدرتها على السخرية وتلخيص القضايا الكبرى، "فالدكتاتورية لا يهز عرشها إلا السخرية منها" وفق الأديب والناقد ناصر رباح، الذي رأى في الكاريكاتير "سلاحًا للأقلية ضد هيمنة السلطات بشكل عام، والأسلوب الذي تقدمه الحياة للضعفاء، كي يقاوموا" على حد تعبيره.

الكاريكاتير الفلسطيني لا يزال خجولاً ولا يُمكن القول عن ما يتوفر منه الآن إنه فن مؤثر

يشير رباح إلى أن الكاريكاتير لا يزال خجولاً ويعتمد على اجتهادات شخصية في مواكبة مسيرات العودة الكبرى، وبشكل عام فما يتوفر الآن لا يمكن القول عنه إنه فن مؤثر، حسب رأيه. وأضاف لـ الترا فلسطين، "انجرفت بعض الرسومات إلى مناظرة النظير الفلسطيني، أو النظير العربي، وفي أفضل الأحوال إلى تصوير الفلسطيني كعملاق مقابل المحتل"، مؤكدًا على ضرورة تصوير جرائم جيش الاحتلال وعدم تغييب أن الشعب الفلسطيني في الواقع ضحيّة.

وقال: "رُغم أن مولانا حنظلة أيقونة ناجي العلي، كان الفقير الحافي الضعيف، ولكنه الأكثر تأثيرًا وحضورًا في ذاكرتنا الوطنية. الكاريكاتير المؤثر هو الذي يعتمد على المفارقة الدرامية والدهشة، لا على الشعارات التي تتكدس على الأرصفة كل يوم. ويعتمد أيضًا على الصورة البسيطة السهلة، التي تنتشر في الأذهان متجاوزة اللغة والمكان والقضايا المحلية إلى العالم كله".

ودعا رباح إلى الاهتمام أكثر بالرسامين الموهوبين، وتأهيلهم بالمفاهيم العميقة والوطنية، "لاستثمار هذا الفن في هذه المرحلة الخطيرة التي تمر بها قضيتنا".


اقرأ/ي أيضًا:

فداء سمار.. أن تجعل الطبيعة أداة للفن

صور | خالد زياد: كومكس في غزة

تذكار يوثق اللحظات السعيدة