27-أغسطس-2019

في غرفتها الصغيرة، تجلس فاطمة الهشلمون (23 عامًا) لتخطَّ أحلامًا وآمالاً بالألوان الزيتية والفسفور. لوحاتٌ عديدةٌ رسمتها أنامل فاطمة بأدواتٍ بسيطة، كانت أكثرها تميزًا لوحة المرأة الحامل وجنينها الذي يظهر فقط في العتمة.

فاطمة الهشلمون، فنانةٌ فلسطينيةٌ من القدس ابتكرت فكرة قد تكون الأولى محليًا، من خلال رسم لوحاتٍ تتضمن جانبًا يختفي في الضوء، ويظهر في العتمة.

فاطمة الهشلمون، ابنة القدس، ترسم لوحاتٍ تتضمن جانبًا يختفي في الضوء، ويظهر في العتمة

ابتكرت فاطمة فكرتها من خلال التخصص الذي تعمل به، وهو التصوير الإشعاعي. تقول: "فكرة الرسم بالعتمة خطرتلي قبل فترة، إنه أرسم لوحة تبين شي بالنهار، وبالليل شي ثاني، الفكرة حفزتني أعمل وأتعب عليها، فأول اشي خطرلي هو المرأة الحامل، إني أرسم امرأة حامل، ولما أطفي الضو يبيّن الجنين داخل بطنها زي فكرة التصوير بالأمواج الصوتية".

تسمية

"كان أفضل شي لأطبق الفكرة، عن طريق المرأة الحامل الي بنشوف جنينها من خلال التصوير بالأمواج الصوتية بالجل الطبي، فأنا كنت بدي أجيب شي زي الجل ما يظهر جزء من لوحتي الي هو الجنين إلا في العتمة، فاستخدمت ألوان الفسفور، الي مابتظهر إلا في الظلام، وكانت فرحتي الكبيرة بنجاح الفكرة".

تُبين فاطمة، أنها استغرقت عدة أيام في رسم لوحة المرأة الحامل بألوان زيتية، فيما رسمت الجنين بألوان الفسفور، لتظهر في الضوء امرأة حامل فقط، فيما يظهر في العتمة الجنين، مشابهًا لما يظهر عليه في تصوير الصورة التلفزيونية (ألترا ساوند).

تسمية

أرادت فاطمة، إبراز فكرتها والترويج لها، فاستثمرت هوايتها في التصوير والمونتاج، وصوّرت نفسها بطريقةٍ احترافيةٍ وهي ترسم اللوحة وصولاً لنجاح الفكرة، ونشرت الفيديو على حسابها الشخصي في موقع "فيسبوك"، لتُفاجأ بانتشاره بشكل واسع، إذ تعدت مشاهداته 40 ألف مشاهدة في وقتٍ قياسي.

فاطمة الهشلمون، تربط في لوحاتها بين تخصصها العملي وهو التصوير الطبي، وبين هوايتها الرسم

وأوضحت، أن الهدف الرئيسي من فكرة الرسم بألوان الفسفور هي الربط بين تخصصها العملي وهو التصوير الطبي للأعضاء والأمراض، وبين هوايتها الرسم، تمامًا مثل فكرة تصوير الأشعة للأمراض والعظام، والتركيز على جانب معين منها.

وتسعى فاطمة لتجسيد الأمراض بلوحاتها، من خلال رسم إنسانٍ سليمٍ بالألوان الزيتية، ورسم العضو الذي يعاني من مرض معيّن بألوان الفسفور، وإبراز معاناته في العتمة فقط.

لوحة المرأة الحامل كانت حافزًا لها لتطوير موهبة الرسم، واستثمار مواقع التواصل الاجتماعي في مشاركة موهبتها مع أصدقائها ومتابعيها. تقول إن جميع لوحاتها تحكي عن قضايا فلسطينية في القدس، ولحظاتٍ عاشتها، وأحاسيس ومشاعر مرت بها.

ورغم أنّ فكرة الرسم بألوان الفسفور فريدة وغير مستهلكة، إلا أن فاطمة تفتقر للدعم المادي والعملي من أجل مواصلة تطبيق فكرتها.

تقول: "مش سهل الفنان وخاصة الرسام يوصل لحلمه أو للمستوى اللي بده اياه بالقدس، ومش كثير الإعلام بركز عليه كشيء أساسي. بحس في ظلم بالموضوع كمان من ناحية دعم، ما في ولا جهة ممكن تتواصل معي عشان تنمي الموهبة وتطلع منها شغلات أكتر وأحلى".

تمتنع فاطمة عن الحصول على دعم مؤسساتٍ وجمعياتٍ إسرائيليةٍ، رفضًا للتطبيع مع الاحتلال، وكان من ذلك رفضها إقامة معرض خاصٍ بها، اقترحته عليها مديرة مدرسة الأشعة في "تل أبيب"، بالتعاون مع جهاتٍ إسرائيلية، ما يُعمق مشكلتها في هذا الجانب، أمام افتقار القدس لمؤسساتٍ فلسطينيةٍ وعربية قادرة أو مهتمة بدعم فكرتها.


اقرأ/ي أيضًا: