24-سبتمبر-2019

منذ نعومة أظفارها، اكتسبت نادين طوقان موهبة الرسم، ورغم عدم التحاقها ببرامج تعليم الرسم، إلا أنها استطاعت نقش حجارة القدس بلوحاتها ورسوماتها التي توثق من خلالها عمارة القدس العتيقة وبُنيانها بريشة وألوان مائية، بعد أن بدأت علاقتها بالرسم بطريقة مشابهة لـ"لوحات المستشرقين" كما تقول.

نادين طوقان تلتقط صورًا لمعالم القدس ثم ترسمها توثيقًا للعمارة الإسلامية والفلسطينية في المدينة

"بالأول كنت أرسم أي شي بعجبني مثل لوحات المستشرقين، اليوم أنا بركز على رسم العمارة الفلسطينية بشكل عام والعمارة الإسلامية بشكل خاص، سيما التراثية عن طريق إني بنزل عالقدس بصور معالمها وبروح عالبيت أرسمها".

اقرأ/ي أيضًا: صور | فاطمة الهشلمون.. الرسم للعتمة

حصلت طوقان على البكالوريوس في الهندسة المعمارية والماجستير في علم الآثار، وقررت دمج التخصصين التعليمين مع شغفها بالرسم، فكانت النتيجة أن توجهت إلى رسم القدس وحجارتها، واستطاعت خلال فترة زمنية قصيرة رسم عمارة القدس الإسلامية والعربية من مساجد وكنائس وبنيان معماري.

تقول نادين: "دمجت اليوم ثلاثة مواضيع معًا. شغفي بالرّسم والفن، وتخصصي في الهندسة المعمارية وعلم الآثار، فالفن لغة الشعوب وتوثيق للتراث والتاريخ. احنا الفنانين النا دور كبير بحماية تاريخنا وأرضنا والتمسك بوطنا بالرسم للحفاظ على موروثنا المعماري والثقافي وأصالة مدينتا".

أوضحت نادين، أنّ لكل عمارة من العمارات الإسلامية في لوحاتها الفنية حكايةٌ عن الحجارة والنوافذ والأبواب وأي ركن من أركانها، وكذلك عن الناس الذين عاشوا ويعيشون فيها.

وأضافت، "أنا بتمنى يكون لكل لوحة تاريخية رابط مع الأجيال القادمة لنحافظ على هذه المعالم المعمارية من أي تهميش أو تخريب وطمس لمعالمها".

تهتم طوقان بإبراز جميع تفاصيل البنيان والعمارة، "للحث على الحفاظ على المنارات الفلسطينية والتاريخية ونقلها للأجيال القادمة، في ظل محاولات التخريب وتغيير معالمها وطمسها وتغيير وظيفتها "كما تقول.

وأضافت، "تركيزي الكبير على العمارة في الفترة المملوكية لأنها تُعتبر العصر الذهبي في فن العمارة الإسلامي، وفيه الزخارف التي بتزين عمارات القدس، فأنا ببرز هذه العناصر بلوحاتي".

تُركز طوقان على العمارة في الفترة المملوكية لأنها تعتبر العصر الذهبي في فن العمارة الإسلامي

لوحات نادين تمرّ بعدة مراحل قبل أن تصل إلى شكلها النهائي الذي تظهر فيه كما لو كانت صورة حقيقية، وخلال ذلك تُركز بدقة على التفاصيل وهندسة اللوحات وتصميمها بشكل احترافي كرسم الظلال، بداية من الرسم بالرصاص وتحديد الخطوط الرئيسية، ثم دمج الألوان ببعضها وتلوين العمران والحجارة باستخدام الألوان المائية.

وتقول: "لوحاتي جزء مني لأني بتعب عليها كثير، وبتاخذ ساعات طويلة مني وأنا برسمها، وغير أنها بتمثل صورة للوطن، فبصير علاقة بيني وبينها تتطور من بداية رسمي لها حتى شكلها النهائي".

استخدام طوقان للألوان المائية في لوحاتها يزيد صعوبة مهمتها عن ما ستكون عليه لو استخدمت أدوات الرسم الأخرى، لاستحالة حذف أي خطأ في ألوان اللوحة.

أول معارض طوقان كان في إمارة الشارقة عام 2002/2003، وحصلت خلاله على جوائز فنية، ثم معرض "كنوز" في لندن، إضافة لمعارض فلسطينية بينها معرض "شذرات فنية من ملامح شرقية" في دار اسعاف النشاشيبي بالقدس، ثم معرضي "تراثيات" و"مدينتي القدس"، وكذلك معرضًا خاصًا في باقة الغربية، ومعارض "من الجليل للقدس" و"من الناصرة للقدس"، و"منارات مقدسية ذاكرة وحكاية".

كما شاركت في معرض "ربيع القدس" الذي تنقل بين محافظات القدس ورام الله والخليل ونابلس وطولكرم. 

وترى نادين أن هناك معوقات تواجه الفنان الفلسطيني في القدس، تعود لافتقار المدينة لنشاط ثقافي للحركة الفنية، إضافة لعدم قدرة الفنانين والمواطنين من الضفة الغربية أو غزة على الوصول إلى القدس للمشاركة في معارضها، بسبب جدار الفصل العنصري وحواجز الاحتلال العسكرية، وهو ما يجعل حصة الفنان "المقدسي" من الفن محدودة.


اقرأ/ي أيضًا: 

"قلنديا رايح جاي".. يوميات أهل القدس في قالب كوميدي

عندما يصبح الطفل البدوي فنانًا

جورج ابن الناصرة.. "كوفية فنية" من المهجر لأجل القضية