09-مارس-2022

ما إن بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا في (24 شباط/ فبراير) حتى وجد الطبيب الفلسطيني الجراح رامي أبو شمسية نفسه بين أسرّة الجرحى داخل المستشفى رقم 18 في كييف عاصمة أوكرانيا، يطبب ويقطّب جراح المصابين.

 طبيب فلسطيني يروي لـ "الترا فلسطين" تفاصيل أيام قضاها مع عائلته التي كانت في منطقة تبادل لإطلاق النار بين القوات الروسية والأوكرانية 

استمر عمل الطبيب الفلسطيني في المستشفى الأوكراني 4 أيام متواصلة، قرر بعدها العودة إلى منزله للاطمئنان على عائلته التي تقطن في قرية في ضواحي كييف. ليجد أنّ بيته الذي تقطنه زوجته وبناته ووالدة زوجته، واقع في منطقة تبادل لإطلاق النار بين القوات الروسية والأوكرانية.

الطبيب الفلسطيني الجراح رامي أبو شمسية 

يروي أبو شمسية لـ "الترا فلسطين" وقائع أوّل يوم في الحصار الذي استمر 9 أيام، قائلًا: كانت أصوات المدافع وانفجارات القذائف مرعبة وعنيفة جدًا. سارعتُ إلى وضع فراش طفلتي اللتان كانتا ترتجفان من الخوف أسفل الدرج، كونه أكثر الأمكنة أمنًا في البيت.

ويتابع أبو شمسية: في ذلك اليوم كنت أراقب مشاهد القصف المتبادل، وقد شاهدت إسقاط طائرتين حربيتين روسيتين، أحدث سقوط إحداهما انفجارًا ضخمًا أسقطني أرضًا بينما كنت بجانب المنزل.

ويضيف أبو شمسية الذي يشغل رئيس اتحاد الأطباء العرب في أوكرانيا: في الليلة التالية اشتد القصف المدفعي الروسي لمحيط المنطقة التي نسكنها، ودمرت الطائرات الروسية مطارًا رياضيًا يقع على بعد مئات الأمتار من المنزل بقنبلة ضخمة أحدثت اهتزازًا كبيرًا في منزلي تصاعدت معه صرخات طفلتي، وقفزتا من فراشهما ذعرًا.

ويواصل: انقطع التيار الكهربائي عن منزلنا، وكدنا نتجمد من البرد فقد تدنت الحرارة إلى ما دون 5 درجات تحت الصفر، وكان الثلج يتساقط، وقد بدأ الغذاء ينفذ من منزلنا، فأشعلت النار داخل المنزل لمنح أطفالي وزوجتي ووالدتها بعض الدفء.

 شاهد إسقاط ثلاث طائرات روسية، وتدمير آليات أخرى على الأرض 

ويقول أبو شمسية إنه حاول الخروج مع عائلته في السيارة بعد ثلاثة أيام من الحصار إلا أن شدة القصف واستهداف المركبات جعله يتراجع عن المخاطرة بعائلته.

وفي اليوم الثالث تصاعد الخطر كما يقول أبو شمسية، ونفذ الغذاء من منزلهم، ما اضطرهم لمحاولة مغادرة المكان في مركبتهم، إلّا أن شدة القصف في ذاك اليوم، واستهداف الطيران الروسي للمركبات جعله يتراجع مرة أخرى. 

 حاول الطبيب الهرب بعائلته من جحيم القذائف الروسية أكثر من مرة 

كان الخطر يقترب من العائلة في اليوم الرابع، إذ سقطت عدة صواريخ روسية على منزل مجاور لهم، فانطلق بسيارته مع عائلته مرة أخرى للهروب من جحيم القذائف الروسية التي كانت تتساقط بالعشرات، إلا أن هذه المحاولة قد باءت بالفشل، فقد دخل وقت حظر التجوال واشتدت حدة الاشتباكات بين الطرفين.

"أصبحت مع عائلتي في الشارع، لم نكن ندري ماذا نفعل، وكان الخوف يسيطر علينا، وكنا نخشى أن يتم استهدافنا من قبل الطرفين إذا ما تحركنا"، ويشير إلى أنهم بقوا على هذا الحال لنصف ساعة، إلى أن استضافتهم عائلة أوكرانية في قبو أسفل منزلها، كما يضيف أبو شمسية.

في صباح اليوم التالي عاد الطبيب أبو شمسة إلى منزل بلا كهرباء وبلا طعام، وبدأ يحاول تأمين الغذاء لعائلته، يقول إن ما ساعده في ذلك أن أحد جيرانه النازحين ترك بقرة حلوب في فناء منزله، وآخر ترك بضع دجاجات، فكان يجلب الحليب ويحصل على البيض لعائلته خلال تلك الأيام. 

ومع تصاعد عمليات القصف عاد أبو شمسية للتفكير مجددًا في النزوح من منزله، وهذه المرة قام بشحن هاتفه عبر بطارية السيارة وتواصل مع الجهات الأوكرانية طالبًا منهم توفير ممر آمن لخروج عائلته، إلا أن الرد الأوكراني كان يفيد بصعوبة ذلك نظرًا لأن المنطقة عسكرية.

في طريق خروجه شاهد ما يزيد على 20 سيارة مدنية تم استهدافها مباشرة في محيط منطقة سكنه 

ويتابع أبو شمسية أنه بقي في منزله بانتظار لحظة مناسبة للخروج، وأثناء ذلك كان يتابع مشاهد الاشتباكات بين الطرفين عبر نافذة صغيرة، يقول إنه شاهد إسقاط ثلاث طائرات روسية، وتدمير عدة آليات أخرى على الأرض، بعد أن استخدم الأوكرانيون الصواريخ الموجهة. 

وبعد تسعة أيام من الحصار والخوف الذي عاشته عائلة أبو شمسية، قرر الطبيب رامي الخروج على عاتقه الشخصي من المنزل مستغلًا وقف إطلاق النار لبضع ساعات.

ابتعد الطبيب رامي مع عائلته نحو مئتي كيلومتر عن العاصمة كييف إلى منطقة آمنة نسبيًا، وفي طريق خروجه شاهد ما يزيد عن عشرين سيارة مدنية تم استهدافها مباشرة في محيط منطقة سكنه.


اقرأ/ي أيضًا:

10 آلاف فلسطيني منعت "إسرائيل" سفرهم في 2021

طلبة فلسطينيون في أوكرانيا: نجونا من الموت وسافرنا بين عربتي قطار