27-ديسمبر-2017

تصوير: محمد الحجار (غزة)

 كانت عقارب الساعة تشير إلى 11 ظهرًا، عندما بدأت أم محمد القرم تسمع أصوات انفجارات متكررة هزّت أزقة وشوارع مخيم الشاطئ، لتسرع حينها للشارع تسأل عن ما تسمع.

أحد المارّة أخبرها أنّ الأصوات بسبب قصف إسرائيلي ضخم استهدف موقع المشتل الأمنيّ، وهو نفس الموقع الذي يعمل فيه ابنها، لتسرع حافية القدمين، صوب المقرّ الأمنيّ بصحبة أمّهات سمعن نفس الخبر. خرجت جثة ابنها محمد.. وأغمي عليها في تلك اللحظات.

 9 سنوات على "معركة الفرقان" وفق تسمية المقاومة الفلسطينية بغزة، و"الرصاص المصبوب" وفق التسمية الإسرائيليّة 

مرّت تسع سنوات صعبة، على "أم محمد"، وفي ظهيرة كل عام من هذا اليوم، تجلس الأم فاطمة أمام عتبة البيت، وتسترجع ذكريات فراق ابنها الوحيد من الذكور، إلى جانب خمس فتيات.

تقول فاطمة (56 عامًا) في حديثها لـ "الترا فلسطين" إنّها فقدت شقيقها الشهيد أيمن في قصف إسرائيليّ أعقب عمليّة نفّذتها المقاومة عام 2006، أسفرت عن اختطاف الجنديّ الإسرائيلي "جلعاد شاليط"، وفي تلك اللحظة، تقول إنّ خوفها من فقدان ابنها الوحيد شكّل هاجسًا لها في حياتها، سيما أنّه جاء بعد 15 سنة من الانتظار.

دخل قوات الشرطة، وظلّ قلبها يلاحقه، خوفًا عليه، لكنّها اضطرت في النّهاية  لوضع خوفها جانبًا، والقبول بالعمل الذي أحبّه ابنها. في النهاية تقول إنّ حياتها اسودّت منذ يوم استشهاد ابنها محمد.

اقرأ/ي أيضًا: عندما كان الأمل في الحياة "صفر".. روايات ناجين من حرب 2014

أمّا أنور بعلوشة (46 عامًا)، فلا ينسى يوم الحرب الثالث، حين فقد طفلاته الخمس، تحرير، وإكرام، وسمر، ودينا، وأصغرهنّ جواهر التي لم تتجاوز عامها الرابع. في قصف إسرائيليّ استهدف مسجدًا ملاصقًا للمنزل الذي آوى الطفلات الخمس، بينما كُنّ نائمات في منتصف الليل.

اليوم، يُصرّ الأب بعلوشة على ملاحقة قتلة طفلاته، رغم أنّه لم يجد الطريق بعد إلى "لاهاي" لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين.  

ضربة الطيران الحربيّ الأولى التي استمرّت زهاء السّاعة، هدفت لخلق إرباك واضح في كل غزة، هكذا فهم الغزيون، فالمقار الأمنيّة استُهدفت في معظمها، والقصف بدأ بينما كان دوام طلبة المدارس يوشك على الانتهاء. والنتيجة؛ دمٌ يسيل، وهلعٌ في كل مكان، وطائرات حربية تُلبّد سماء القطاع.

أدّت الضربة الأولى لاستشهاد أكثر من 100 من أفراد الشرطة والأمن، بينهم اللواء توفيق جبر مدير عام الشرطة في غزة، والعقيد إسماعيل الجعبري مسؤول الأمن والحماية، ومحافظ الوسطى أبو أحمد عاشور.

حسب إحصاءات وزارة الداخلية في غزة، ارتقى خلال العدوان الإسرائيلي الأول 1417 شهيدًا، بينهم 626 مدنيًا، و412 طفلًا، و111 امرأة، فيما أصيب نحو 4336.


اقرأ/ي أيضًا:

25 سنة غياب: "بلوطة" تنتظر وزيتون يبكي

الشتاء يقرع أبواب السجون: بردٌ في كلّ مكان

"عهد" أيقونة جيل فلسطيني مقاوم