23-أكتوبر-2022
الصحافية شذى حماد، واستهداف الصحفيين الفلسطينيين

وقع أكثر من 300 صحفي فلسطيني وعربي على عريضة احتجاج تعبيرًا عن رفضهم لقرار مؤسسة "ثومسون رويترز" الدولية سحب جائزة "كورت شورك" من الصحافية الفلسطينية شذى حماد، وما سبق ذلك من قرارات مؤسسات إعلامية دولية آخرى بفصل صحفيين فلسطينيين بشكل تعسفي، نتيجة حملات تحريض تقوم عليها مؤسسات صهيونية.

عريضة الصحفيين الفلسطينيين: البوابات التفتيشية غير منصوبة أمام الصحفي الإسرائيلي، إنها مُعدة فقط لنا كطرف أضعف في هذا الصراع، لذلك نجد هذه الاستجابة السريعة للضغط الصهيونيّ، والتماهي التام مع خطابه ومعاييره

ورفعت العريضة الاحتجاجية، يوم السبت، باللغة الإنجليزية ومرفقة بالتواقيع إلى المؤسسة الإعلامية الدولية، ومثلُها رفع منتدى الصحفيين الفلسطينيين في غزة رسالة احتجاج، والعديد من الأجسام الصحفية الأخرى أرسلت رسائل مشابهة.

العريضة باللغة الإنجليزية
العريضة باللغة الإنجليزية

ويوم الإثنين الماضي (17 أكتوبر/ تشرين أول الجاري)، أعلنت مؤسسة "ثومسون رويترز" سحب جائزة "كورت شورك" من الصحافية شذى حماد عن فئة الصحفي المحلي.

خبر منح الجائزة للصحافية شذى حماد كما نشرته "رويترز" وسحبته لاحقًا
خبر منح الجائزة للصحافية شذى حماد كما نشرته "رويترز" وسحبته لاحقًا

وفي تعقيبها لـ "الترا فلسطين" قالت شذى حماد إن العريضة والعدد الكبير من الموقِّعين عليها إثبات على حجم تخوّف الصحافيين الفلسطينيين من تصاعد الهجمات عليهم وملاحقة ما ينشرونه من قبل منظمات صهيونية، الأمر الذي يؤثّر مستقبلًا على تغطية أحداث فلسطين، وإبعاد الصحفيين الفلسطينيين عن المساهمة في هذه التغطية، واقتصارها على جهات معينة خاصة، في المؤسسات الإعلامية الدولية الكبيرة.

وأكدت حماد أن هذه الحملات هدفها عزل الصحفيين الفلسطينيين عن الإعلام الدولي، ومنعهم من تغطية القضية الفلسطينية ونقل صوتها.

خبر منح الجائزة للصحافية شذى حماد كما نشرته "رويترز" وسحبته لاحقًا

وكتبت شذى على صفحتها في "فيسبوك": "لم أخسر بسحبهم الجائزة، فلطالما فزت بما هو أعظم في كل مرة نزلت بها إلى ميدان العمل، اكتسبت الحب والثقة، اكتسبت البيوت التي كانت تفتح أبوابها لي في كل مرة، اكتسبت حضن الناس وفنجان القهوة، اكتسبت اتصالاً يطمئن علي إذ وصلت بيتي بعد رحلة طويلة.
لم يكن هدفي الجوائز يومًا، ولم أعمل على مقال صحفي بغرض الحصول على تقديرٍ دوليّ، لقد عملت دومًا بمهنية عالية، لم أُسلم أي مادة صحفية إلا وقد استوفت شروطها المهنية، وذلك وفاء للإنسان الفلسطيني وصوته ومعاناته. وهو ما أسعى إليه وأفتخر دومًا بنقله، بانحيازٍ كامل لشعبي، وقضيتي، ولفلسطين".

وتجدر الإشارة أن جائزة "كورت شورك" هي جائزة مقامة منذ العام 2002، وتقوم عليها مؤسسة "ثومسون رويترز".

منشور شذى حمّاد

تروي حماد أنه في 12 سبتمبر/ أيلول الماضي، أرسلت المؤسسة إليها بريدًا إلكترونيًا لإعلامها بالفوز بالجائزة عن فئة "الصحفي المحلي" بناءً على تقييم ثلاث مقالات نشرت في موقع "ميدل إيست أي" وتغطي الوضع في فلسطين.

هذه المقالات الثلاثة تتعلق بتحقيق عن مخيم جنين وحالة المقاومة التي تتصاعد فيه، وقصة طفل فلسطيني شهيد، وقصة قرية فلسطينية محاصرة في مسافر يطا.

جائزة سابقة حصلت عليها شذى حماد
جائزة سابقة حصلت عليها شذى حماد 

طوال هذه الفترة كانت حماد تستعد للسفر للمشاركة في حفل توزيع الجوائز في لندن، والذي كان مقررًا في 26-27 أكتوبر/ تشرين أول الجاري.

ولكن بدأت حملة صهيونية بسحب حماد، جرى خلالها نشر مقال فيه ادّعاءات واتهامات على موقع مؤسسة "HonestReporting" الصهيونية، وبالتزامن معه بدأت حملة تشهير ونشر على موقع تويتر ضدها.

وبينت حماد أن رويترز تأثرت مباشرة بهذا التحريض وأقاموا جلسة تحقيق لها لمدة نصف ساعة، كان هدفها التأكيد على أن هذه المنشورات موجودة على صفحتها، وليس بغرض تفسير وإيضاح هذه المنشورات وما هو حقيقي منها، لكنها أوضحت لهم ما هي هذه المنشورات، وما هو مضمونها، وأن هناك منشور موجود في المقال ملفق وغير حقيقي ولا يمثلها، لكنهم في النهاية خضعوا للحملة وأعلنوا سحب الجائزة.

خبر فصل شذى حماد من عملها في "ميدل ايست اي"

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قام موقع "ميدل إيست آي" الذي تعمل فيه شذى حمّاد بسحب كل الأخبار المتعلقة بفوز شذى بالجائزة عن صفحته، وجرى نشر بيان تم الإعلان فيه عن إنهاء التعاون مع شذى، وكان البيان حاد ومؤذي بحق حماد، واستمر على الموقع لمدة 17 ساعة قبل سحبه.

وبحسب ما علم "الترا فلسطين"، فإن موقع ميدل إيست آي" يقوم وعبر محامي بالتحقيق الآن في ما جرى، وما سيتم اتخاذه من قرارات.

قام موقع "ميدل إيست آي" الذي تعمل فيه شذى حمّاد بسحب كل الأخبار المتعلقة بفوز شذى بالجائزة عن صفحته، وجرى نشر بيان تم الإعلان فيه عن إنهاء التعاون مع شذى، لكن الحملة تواصلت ضدها

الحملة تواصلت ضد حماد، حيث قام نفس موقع المؤسسة الصهيونية بعدها بنشر مقال يحتفي بالبيان المنشور على موقع "ميدل إيست أي" ويحتفي بتحقيق هدفهم في فصل حمّاد من عملها.

وتابعت حماد أن الحملة ضدها تواصلت بالنشر بشكل مستمر على تويتر ومهاجمتها والتحريض عليها، كما أنها تتلقى عدة رسائل يوميًا على فيسبوك وتويتر فيها تحريض وأذى وشتائم تصفها بأنها "نازية وتستحق ما جرى معها". 

اللافت في الأمر أن من يقوم بالنشر والكتابة على موقع مؤسسة "HonestReporting" الصهيونية أغلبهم جنود احتياط وفق ما تؤكد حماد لـ"الترا فلسطين". لذا تشدد على أن من يقف خلف هذه الحملات والمنظمات هم جزء من ماكنة الجيش الإسرائيلي والاستعمار الذي يواجه الصحفي في كل مكان، في الميدان يطلق عليه الرصاص وتم بالفعل اغتيال شيرين أبو عاقلة، وعلى المنصات يواجه الصحفي الفلسطيني نفس الجيش بهذه الحملات.

تجدر الإشارة أن "نيويورك تايمز" فصلت مطلع هذا الشهر مصورين فلسطينيين من غزّة من عملهم، هم حسام سالم وفادي حنونة، كما سبقها فصل "دويتش فيله" الألمانية لعدد من الصحفيين الفلسطينيين، وفصل الصحفية تالا حلاوة من عملها في BBC على خلفية استدعاء منشورات سابقة من صفحات الصحافيين على منصات التواصل الاجتماعي. 

وعلى أثر قرار "نيويورك تايمز" ثم "ثومسون رويترز"، وقع أكثر من 300 صحافي وصحافية فلسطينيين عريضة، جاء فيها أن "المؤسسات الصهيونية تنبش في تاريخ الحسابات الشخصية للصحفيين الفلسطينيين، وتلاحق أي تعبير أو تصريح أو حتى نكتة، ولو قالها أحدهم في طفولته، ليس مهمًا بالنسبة لهم، المهم هو أنهم قادرون بفضل الهيمنة والطغيان وإخضاع الجميع أن يطاردونا على بقايا الهواء الذي لم يلوثه رصاصهم".

عربضة

وأضافت العريضة أن "هذا السلوك المخابراتي في مطاردة كل شيء، يجب أن يوضع له حدّ، باصطفافنا مع بعضنا البعض، ورفضنا لأي نوع من أنواع الابتزاز".

وورد فيها "ليست المسألة هنا في دفاعنا عن جُملٍ معينة أو تعابير عينية، بل نحن نرفض من الأساس أن يتم حشرنا في هذا النوع من التحقيق. المسألة تتعلق في دفاعنا عن حقّنا البسيط، في أن لا نمرّ عبر البوابة الصهيونية للتفتيش خلال سيرنا نحو أي وظيفة أو فعالية في العالم".

وأكدت العريضة أن مثل "هذه البوابات التفتيشية غير منصوبة أمام الصحفي الإسرائيلي، إنها مُعدة فقط لنا كطرف أضعف في هذا الصراع، لذلك نجد هذه الاستجابة السريعة من المؤسسات الدولية للضغط الصهيونيّ، والتماهي التام مع خطابها ومعاييرها".

وشدد الصحفيون الموقعون على العريضة على أنهم "ضدّ هذه البوابات التفتيشية وضدّ من يستجيب لمعاييرها، ومع الصحافية شذى المعروفة بمهنيتها وانتمائها العالي، والزملاء الآخرين ممن لاحقتهم وتلاحقهم المؤسسات الصهيونية، نكتب هذا الموقف".