07-نوفمبر-2022
عزمي بشارة

المفكر العربي عزمي بشارة

الترا فلسطين | فريق التحرير

أكد المفكر العربي عزمي بشارة، أن التحالف الذي سيشكل الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو يمثل "لقاءً واعيًا بذاته بين الصهيونية والدين. فنحن أمام صهيونيةٍ تديّنت ودينٍ تصهينَ". جاء ذلك في حلقة خاصة أجراها التلفزيون العربي ضمن برنامج "تقدير موقف"، حول نتائج الانتخابات الإسرائيلية.

عزمي بشارة: التحوّل المستمر نحو اليمين في "إسرائيل" جاء كعاقبة لسياسات الأمننة المتطرفة هناك، واستمرارًا لما أحدثه احتلال عام 1967 من توحيد دولة إسرائيل وأرض إسرائيل التوراتية، وما جاء مع ذلك من أبعاد دينية

واعتبر عزمي بشارة، أن ارتفاع عدد مقاعد معسكر بنيامين نتنياهو إلى 64 مقعدًا لا يعني صعود اليمين في "إسرائيل"، بقدر ما يعني حصول تغيّرات داخل تركيبة هذه القوى المتطرفة في الانتخابات الإسرائيلية، مبينًا أن المتغيّر الجديد هو صعود الأحزاب الدينية الصهيونية، وتصهين الأحزاب اليهودية الأرثوذكسية.

ورأى المدير العام للمركز العربي للأبحاث أن التحوّل المستمر نحو اليمين في "إسرائيل" جاء كعاقبة لسياسات الأمننة المتطرفة هناك، واستمرارًا لما أحدثه احتلال عام 1967 من توحيد دولة إسرائيل وأرض إسرائيل التوراتية، وما جاء مع ذلك من أبعاد دينية. في حين تؤكد نتائج الانتخابات أن اليسار الصهيوني يذوب ويتلاشى من المشهد.

وقال عزمي بشارة إن الانقسامات داخل معسكر اليمين سببها شخصية نتنياهو المنفرة والاستحواذية والمتمسكة بالسلطة بأي ثمن، وليس السياسة بشكل عام، مضيفًا أن الأحزاب اليمينية المعارضة لنتنياهو، والتي ترأسها نفتالي بينيت وأفيغدور ليبرمان وغدعون ساعر؛ تعارض شخص نتنياهو وليس الفكر اليميني.

وأشار إلى أن ايتمار بن غفير الذي يطالب نتنياهو بحقيبة الأمن الداخلي معروف بكونه شخصية استيطانية استفزازية ذات ملف جنائي شارك في اقتحام المسجد الأقصى مرارًا، ويعادي أي وجود للعرب في "إسرائيل"، ويرفض التنازل عن أي شبر من الأرض لصالح الفلسطينيين، وشارك في التحريض على اغتيال رابين. أما بتسلئيل سموتريتش الذي يطالب بتولي وزارة الأمن فيقدّم صورة عن التعصّب الديني الأعمى الذي يطالب بإخضاع المجتمع لتعليمات الشريعة اليهودية، وفقًا لعزمي بشارة.

وأوضح، أن الحركات الأرثوذكسية لم تكن مهتمة بالصهيونية، بل كان يهمها فقط عيش حياة دينية، لكن اليوم، وبسبب الواقع السياسي في الداخل الإسرائيلي؛ فقد تصهين شباب هذه الحركة وباتوا في عداد اليمين المتطرف الذي يشكّل خطرًا على الفلسطينيين وعرب الداخل.

وأكد عزمي بشارة، أن معسكر الصهيونية الدينية سيواجه تحديات داخلية خاصة في سعيه إلى إملاء توجهاته الدينية على المجتمع "العلماني" في "إسرائيل"، وتدخله في قوانين الأحوال الشخصية، "عبر إحداث ثورة قضائية تعلي من شأن أحكام الشريعة اليهودية على حساب القوانين الوضعية"، وعمله على تجريد المحكمة العليا من صلاحيات مراقبة القوانين التي يصدرها الكنيست والنظر في دستوريتها.

عزمي بشارة: معسكر الصهيونية الدينية سيواجه تحديات داخلية خاصة في سعيه إلى إملاء توجهاته الدينية على المجتمع "العلماني" في "إسرائيل"، وتدخله في قوانين الأحوال الشخصية

وحول مشاركة الأحزاب العربية في الانتخابات الإسرائيلية، اعتبر عزمي بشارة أن نسبة المشاركة في التصويت -التي بلغت 53%- تُعدّ عادية، مع أنها جاءت أعلى من الانتخابات السابقة التي بلغت 45%، مضيفًا أن الفلسطينيين داخل الخط الأخضر لم يستغلوا كل إمكاناتهم للتأثير من أجل قضاياهم والقضايا المتعلقة بفلسطين عمومًا.

ورأى أن نتائج القوائم العربية المشاركة في الانتخابات أثبتت أن خيار المشاركة في الائتلاف الحكومي لم يحقّق شيئًا عكس ما كان يتوقعه المدافعون عنه، "لأن التمييز في إسرائيل بنيوي"، مضيفًا أن المشاركة في الحكومة الإسرائيلية قادت إلى نتائج عكسية، إذ تعزّزت شوكة اليمين المتطرّف الرافض للعرب والذي استخدم في دعايته ورقة دخول العرب في حكومة بينيت ولابيد. وتابع: "في دولة ترى نفسها يهودية يؤدي هذا السلوك إلى ضده، وهو ما تجسّد في رد فعل عنيف وعنصري من الشارع الإسرائيلي برفع نسبة اليمين".

وأضاف أن دخول حزب عربي في ائتلاف الحكومة الإسرائيلية مثل كسرًا للثقافة السياسية والتربية التي يفترض أن تقوم الحركة الوطنية بها لصالح كوادرها، كما يشكّل الانضمام إلى معسكر صهيوني كسرًا أخلاقيًا مع الهوية الوطنية واشتراط الحقوق بالولاء السياسي.

ونوه أن فلسطينيي الداخل حصلوا على حقوق كثيرة وتطورت أوضاعهم دون المشاركة في الحكومات الإسرائيلية، بل عبر خوض النضال والدخول في البرلمان الذي كان تسوية لا بدّ منها، ولذلك كان الموقف السليم هو رفض المشاركة في الائتلافات الحكومية الإسرائيلية ولو ترتّب عليها انقسام وتنافس سياسي.

وحول حصول القائمة العربية الموحدة (التي شاركت في الائتلاف الحكومي) على المركز الأول بين الأحزاب العربية في عدد المقاعد، فقد أوضح عزمي بشارة أن هذه النتيجة هي مؤشر أن "وهم المشاركة في الحكومات الصهيونية وممارسة التأثير من داخلها" مازال له أساس، وهذا يتطلّب جهدًا أكبر من طرف الحركة الوطنية لإثبات تناقضه واستحالته.

ورأى عزمي بشارة أن النتيجة التي حصل عليها حزب التجمع الوطني (140 ألف صوت وعدم اجتياز نسبة الحسم) تمثل نتيجة إيجابية، "فقد أرجع حزب التجمع الحياة للحركة الوطنية الفلسطينية في ظل ظروف صعبة يمر بها الحزب، والمطلوب الآن المحافظة على تلك النتيجة والاستمرار في النضال".

عزمي بشارة:  واقع السلطة الفلسطينية عقب الانتخابات الإسرائيلية، إذ وصف الوضع الذي وصلت له السلطة الفلسطينية بأنه "مزري"، إذ لم تعد الحكومات الإسرائيلية مستعدة للجلوس مع قيادة السلطة بأي شرط، ولا يبدو أن هذا الواقع سيتبدّل

وتطرق الحوار مع عزمي بشارة إلى واقع السلطة الفلسطينية عقب الانتخابات الإسرائيلية، إذ وصف الوضع الذي وصلت له السلطة الفلسطينية بأنه "مزري"، إذ لم تعد الحكومات الإسرائيلية مستعدة للجلوس مع قيادة السلطة بأي شرط، ولا يبدو أن هذا الواقع سيتبدّل، معتبرًا أن السلطة ستواجه مزيدًا من الضغط في ظل تفجر الأوضاع في الضفة الغربية، التي وصف حالتها "بانتفاضة تحت السلطة".

وبخصوص العلاقة بين الحكومة الإسرائيلية القادمة وواشنطن، قال عزمي بشارة إن تقدّم بنيامين نتنياهو وتراجع الحزب الديمقراطي لن يكون له تأثير جذري على العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، مشيرًا إلى وجود غضب عند يهود أمريكا من نتنياهو الداعم للجمهوريين، إلا أنه اعتبر أن التحالف الإسرائيلي الأمريكي لا يمكن أن يتغير مع تغيّر الأشخاص في الحكم.

وأكد عزمي بشارة، أن نتنياهو سيستكمل مسار من سبقوه في التصعيد تجاه إيران ورفض أي اتفاق حول برنامجها النووي، مع مواصلة سياسته المعتمدة على نقل الحرب إلى داخل إيران. أما في موضوع ترسيم الحدود مع لبنان، فيميل عزمي بشارة للاعتقاد بأن هذا الملف لن يتأثر بوصول نتنياهو إلى السلطة، مبينًا أن ما جرى هو اتفاق مقبول في إسرائيل رغم الضجيج الانتخابي الشعبوي.