16-يوليو-2017

صورة أرشيفية - تصوير عباس مومني (Getty)

قبل 17 عاما كان عمار الطيراوي قريبًا جدًا من الموت، لكن هذا الأخير لم يجد سبيلاً إلى الشاب الذي أصر على الحياة، ليجد لاحقًا الاعتقال بانتظاره في مرتين، ثم يجد عمار نفسه بعد قرابة عقدين من الزمن في مواجهة الموت مرة أخرى، فينتصر به هذه المرة، ويرتقي شهيدًا.

مساء السبت 15 تموز/يوليو، أعلن جيش الاحتلال أن مقاومًا فلسطينيًا أطلق النار على البرج العسكري المقام عند مدخل قرية النبي صالح شمال غرب رام الله، ونصبت قواته حاجزًا عسكريًا وانتشرت بكثافة في المنطقة حتى مدخل قرية كفر عين، وبدأت أعمال البحث عن المنفذ بمشاركة طائرة استكشاف وأخرى عسكرية.

عمار الطيراوي أُصيب برصاصة في الرأس في انتفاضة الأقصى، ثم تعرض للاعتقال، وانتهت حياته باشتباك مسلح مع وحدات إسرائيلية خاصة

ومع حلول ساعات الفجر، اغتالت قوات من وحدة "اليمام" الخاصة، و"الشاباك"، عمار الطيراوي (34 عاما) من كفر عين، بعد اشتباك مسلح. قال جيش الاحتلال، إن الشهيد كان مطلوبًا بسبب تنفيذ عمليات إطلاق نار.

اقرأ/ي أيضًا: أطلق النار على الجنود.. استشهاد مقاوم شمال رام الله

بلال الطيراوي شقيق الشهيد عمار، قال لـ"ألترا فلسطين"، إن شقيقه كان في زيارة لمنزل شقيقتهما المتزوجة من ابن عمهما لطفي الطيراوي، وهناك بالقرب من المنزل في المنطقة الواقعة ما بين قريتي كفر عين والنبي صالح، تم اغتيال عمار وإصابة لطفي بجروح طفيفة.

عمار الطيراوي

وأضاف، "لم نكن نعلم أن الانتشار المكثف لجنود الاحتلال كان من أجل اغتيال عمار، وبعد نشر الإعلام العبري خبر اغتيال فلسطيني يبلغ من العمر 34 عاما في المنطقة المذكورة، انتابني شعور أنه عمار، حاولت الاتصال عليه إلا أن هاتفه مغلق".

تداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي خبر استشهاد عمار، فخرجت عائلته عند الساعة السادسة صباحًا برفقة شبان القرية للبحث عن جثمانه، كما خرجت أمه لتبحث عنه بين الأشجار، داعية في سرها أن لا يصيب مكروهٌ ابنَها، فهي لا تحتمل فقدان شخص ثالث من أبنائها، إذ تجرّعت ألم فراق ابن وابنة لها في حادثين منفصلين.

 

 

وبعد نحو ساعتين ونصف من عملية البحث، أكد الارتباط العسكري الفلسطيني لعائلة عمار خبر استشهاده، وإصابة لطفي واعتقاله، وهو ضابط في الأمن الوقائي، ولم تتلق العائلة أي معلومات حول موعد تسليم الجثمان.

توجهت عائلة الطيراوي لموقع استشهاد نجلها، لتجد آثار دمائه وخمس رصاصات في الموقع.

بعد ثلاثة أشهر من اندلاع انتفاضة الأقصى؛ أُصيب عمار بجروح خطيرة خلال مواجهات قرب رام الله. آلاء الطيراوي شقيقة الشهيد تروي لـ"ألترا فلسطين"، أن عمار أُصيب حينها برصاصة في رأسه ونُقل إلى مستشفى رام الله، وبسبب تعطّل بعض الأجهزة نُقل لمستشفى رفيديا، ومنهما إلى مستشفى المقاصد في القدس، بسبب خطورة وضعه الصحي، وهناك خضع لعملية جراحية وتم استئصال الرصاصة.

بعد عام من إصابته، وخلال مروره من حاجز النبي صالح متوجهًا لمدينة رام الله، اعتُقل عمار وحكم عليه بالسجن سبع سنوات ونصف، أمضى منها سبع سنوات انتهت عام 2008، قبل أن يُعيد جيش الاحتلال اعتقاله في 2015 لمدة عام.

قرر عمار بعد عام من انتهاء اعتقاله الأول؛ أن يستقيل من جهاز الأمن الوطني الذي كان قد التحق به قبل ستة أشهر من اعتقاله، ويبدأ العمل في أعمال حرة، وبعد عام تزوج ورُزق بابنة.

تقول آلاء: "ريفا ابنة عمار كانت كل حياته، كانوا كالأصدقاء، تناديه باسمه، وتناديه بابا عندما يكون جالسا مع غيرنا، إلا أنه وبعد انفصاله عن زوجته لم يرها لسنة، إلا أنه كان يطمئن عليها بطرق مختلفة".

ريفا ابنة الشهيد عمار

وتوضح أن عمار انشغل بالبحث عن رزقه في سنواته الأخيرة، إلا أنه كان ناشطًا بقوة في المسيرات الداعمة لإضراب الكرامة الذي بدأ في شهر نيسان/إبريل، واعتاد ارتياد خيمة التضامن.

وتشير آلاء إلى أن عمار كان الأقرب عليها بين إخوانها الخمسة. تصفه بأنه هادئ، يستمع أكثر مما يتكلم، غامض، لا يبوح عما يختلج بداخله، ولا يشكو همه لأحد، وكان يردد الشهادة ويتمناها.


اقرأ/ي أيضًا: 

محمد أبو خليفة.. استُشهد سره معه

سبأ.. استُشهد حتى لا يستشهد الأسرى

فاطمة حجيجي.. أسيرة ثم فدائية