17-فبراير-2018

دولة الاحتلال غير العزيزة أبدًا، لا تحية ولا سلام، أما بعد:

ينفطر قلبي وأنا أتابع أخبار ملاحقتكم لفساد رئيس وزرائكم، الأسى والقهر يسيطران عليّ تمامًا وأنا أرى فيكم الكثير من المهنية والشفافية وأنتم تفعلون ذلك. ينفطر قلبي كأننا لم نُهزم من قبل، وكأنكم لم تسرقوا أراضينا ولم تقتلوا أبناءنا. وكأننا لأول مرة نمتلك كرة الزمن السحرية نرى فيها مستقبلاً مخيفًا من هزائمنا الجديدة أمام احتلال يحرص دائمًا أن يظل نظيفًا من جرائمه.

من المثير للخوف أن تكون مؤسسات دولتكم التي بنيت مقراتها على أراضينا مثيرة للإعجاب! كأن يتغزل الضحية بجمال سوط جلاده ونظافته! أنتم مجرمون حقًا وأذكياء ومنظمون وأنتم تفعلون ذلك، لديكم من هذا الذكاء ما يكفي ليس فقط لمحو أي أدلة تشير إلى تورطكم في الجريمة بحقنا، بل بما يكفي أيضًا لترتبوا بيتكم الداخلي ليظل قويًا لممارسة جرائم جديدة. برافو!

دولة الاحتلال.. لديكم من الذكاء ما يكفي لترتبوا بيتكم الداخلي ليظل قويًا لممارسة جرائم جديدة

أعتقد أننا على نفس الصفحة فيما يتعلق بجيشكم "الذي لا يقهر". على القارئ أن يهز رأسه ويبتسم بسخرية وهو يقرأ التوصيف، فهذا الجيش لم تنجح كل الأسلحة التي يمتلكها في إزالة الخوف من نفوس جنوده –قلت نفوسهم وليست قلوبهم لأنني لا أعتقد أنهم يملكونها-  المهم أنه يبدو غريبًا جدًا أن يتمكن الخوف من وجه جندي بكامل ذخيرته بينما يواجه شابًا بتيشيرت خفيف! أعتقد أن الصورة واضحة وأننا على نفس الصفحة: نحن أقوى منكم في المواجهات رغم أننا نخسر في معظم الأوقات، لا أعلم كيف يجتمع الأمران.

اقرأ/ي أيضًا: نيفين عواودة.. ضحية الجريمة وممحاتها

دولة الاحتلال، أتنمى لمؤسساتك أن تنهار، أتمنى ذلك وأنا أقرأ بقهر تسلسل الخطوات القانونية التي اتبعتموها على مدار عامين من التحقيق، لتصل أجهزة الشرطة إلى أن هناك أدلة كافية ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لاتهامه بقبول رشاوى، والاحتيال، واستغلال الثقة. حقًا، استمرت أجهزتكم بالبحث عامين متواصلين، حقًا؟ لم تُهملوا التهم؟ لم يخف المسؤولون في الشرطة من استكمال تحقيقات يكون المتهم فيها هو رئيس الوزراء؟ لم يتدخل المتهم ليعرقل مجريات التحقيق مستخدماً نفوذه وسلطته؟ لم تجدوا جثة أحد المحققين مقتولاً في شقته في ظروف غامضة؟

أعرف أنه ليس من حقي أن أطلب منكم شيئًا بحكم الكراهية التي بيننا، ولكن حقًا كيف تفعلون ذلك؟ هل هناك وصفة معينة لبناء مؤسسات قوية تحاسب الأفراد مهما بلغت مناصبهم؟ فأنا وكما قلت لكم مسبقًا أجدكم غير نافعين في ساحات المعركة رغم كل ما تملكون، وأرى أن تفوقكم على شعبنا لا يأتي بسبب قوتكم العسكرية، ولكني أراه بسبب ضعف ما فينا  ندركه ولكننا لسنا جاهزين لمواجهته بعد، عليكم أن تخافوا فنحن نمتلك الشعب القادر على الفوز في المعركة، نمتلك جسدًا قويًا ولكن الرأس هو الذي يعرقلنا دائمًا، ولكننا حتمًا سنتمكن من حل هذه المعضلة يومًا ما.

عليكم أن تخافوا فنحن نمتلك الشعب القادر على الفوز في المعركة، نمتلك جسدًا قويًا ولكن الرأس هو الذي يعرقلنا دائمًا

أعرف أنكم لن تشاركوا وصفة النجاح مع أعدائكم، ولكن الطلب جاء كإقرار بتفوقكم مؤسساتيًا، وفي ذات الوقت إقرارًا بإدراكنا لنقاط ضعفنا وتخلفنا، وهذا بالتأكيد لن يعجبكم لأنكم تحبون أن تظل الغشاوة على عيوننا، ولكن هذا لن يحصل، فالكثيرون منا يعلمون أننا نمتلك رأسًا ثقيلاً لا غرف منظمة فيه، الداخل والخارج، البائع والمشتري، البضاعة الجيدة والفاسدة كلها موجودة، ويصعب فرزها أو التخلص من قديمها واستبداله، يصعب تغير ترتيب الغرف، لأن أحدًا ما أخبرنا أن تغير الترتيب يجلب لنا سوء الحظ والهزيمة.

طبعًا أبدو كخائنة لبلدي وأنا أغازل مؤسسات دولتكم التي تحتل بلدي، ولكن هذه التهم لا تهم فكلنا يعرف أن إبداء الإعجاب بذكاء المجرم لا يعفيه من جريمته ولا يمنحه البراءة من فعلته، بل هو ضرورة للضحية لتعرف أن خصمها ليس قليلاً أبداً كما نقول بالعامية الفلسطينية. وعلى ذكر ذلك فإن لدى العامة من الفلسطينيين ما يكفي من الأدوات الأولية من الشجاعة والصبر للاستمرار في الصمود  أمام مؤسساتكم المجرمة بشكل عبقري، وهذا لا بد أنه يثير إعجابكم وخوفكم أيضاً، أليس كذلك؟


اقرأ/ي أيضًا: 

كيف تدحرجت قضية المهندسة نيفين وصولاً لقتلها؟

القضية وابنها العاق

متى ستقدم إسرائيل لنا ديكًا روميًا