05-أغسطس-2016

من ندوة أكاديمية لبحث استراتيجيات المقاطعة ضد نظام الاحتلال والأبارتهايد الاسرائيلي

يعقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في تونس ندوة أكاديمية لبحث استراتيجيات المقاطعة ضد نظام الاحتلال والأبارتهايد الاسرائيلي، (4-6 آب/أغسطس) وتقدم في الندوة أوراق بحثية بمنهج مقارن مع تجارب أخرى، مثل جنوب أفريقيا، أو من وحي التجربة الفلسطينية ذاتها، والمقاطعة الرسمية العربية، التي لم تولَ أهمية كافية وبدأت تنهار بعد كامب ديفيد، وغيرها. واختار المركز أن يعقد الندوة في تونس، وسبق أن عقدت في هذا البلد العربي العزيز مؤتمرات عدة للمركز، وذلك للحرية الأكاديمية التي يتيحها هذا البلد، وللتواصل مع الباحثين التونسيين ومن المغرب العربي عمومًا، وتشجيعًا من المركز لتجربتها الديمقراطية التي أشدنا مرات عدة بأهميتها.

إن عدم التطبيع في فلسطين معناه ممارسة النضال ضد الاحتلال

وسبق أن عقد المركز العربي مؤتمرات مخصصة لقضية فلسطين، في تشجيع واضح ومعلن للباحثين الشباب للاهتمام بهذا الموضوع، وفي محاولة لوضع الواقع الفلسطيني بعناصره المختلفة (الاحتلال، اللجوء، القدس، الهوية الوطنية.. الخ) بقوة على أجندة العلوم الاجتماعية والإنسانية، على ضوء محاولات تهميشه.

اقرأ/ي أيضًا:  التلغراف البريطانية.. تحريض على المركز العربي

ولا يطلب المركز إذنًا من أحد لعقد مؤتمر أكاديمي أو نشاط بحثي حول القضايا التي تهم الأمة العربية، فهذا عمله، وهذه مهمته ورسالته. وتقدم في الندوة أبحاث محكمة سوف تنشر لاحقًا. وهذه خدمة يقدمها المركز للباحثين والنشطاء، إذ يعالج موضوعات راهنة تهم شعوبنا العربية، وفي المقابل تتجنبها مراكز الأبحاث غير المستقلة.

لقد سبقت المؤتمر محاولة تحريض مشبوهة من جريدة ديلي تلغراف البريطانية. وأكد  المركز في رده عليها أنه مركز أكاديمي بحثي مستقل لا يتخذ مواقف سياسية، ولكنه يرى أن علماء الاجتماع والسياسة والإنسانيات لا يمكنهم التعالي عن قضايا مجتمعاتهم، وباحثو المركز، جميعهم، يعارضون التطبيع مع دولة الاحتلال ويؤيدون مقاطعتها.

ولكن باحثي المركز لا يزايدون على الفلسطينيين، إذ يدركون أن الفلسطيينين الواقعين تحت الاحتلال لا يمكنهم المقاطعة بشكل شامل. كما أن الفلسطينيين في حدود عام 1948 ولدوا كفلسطينيين مواطنين في إسرائيل، ويرتبط بقاؤهم على الأرض بهذه المواطنة، والمقاطعة في ظروفهم ليس لها معنى، المهم في واقعهم هو عدم تطبيع العلاقة مع الخطاب الصهيوني والهوية الإسرائيلية والنضال من منطلق كونهم سكان البلاد الأصليين. وفي الضفة الغربية تعني المقاطعة أولًا رفض التنسيق الأمني، واتخاذ موقف سياسي واضح من التطبيع مع الخطاب الصهيوني وإسرائيل، والنضال ضد الاحتلال. إن عدم التطبيع في فلسطين معناه ممارسة النضال ضد الاحتلال.

المركز العربي للأبحاث أكاديمي مستقل، ويعمل بحرية من دون إملاءات. وقد اكتسب مكانته المرموقة وسمعة عربية وعالمية بسبب مثابرته وصرامته العلمية

اقرأ/ي أيضًا: آوان سقوط التشبيح باسم فلسطين

أما المقاطعة كاستراتيجية، فيفترض أن تركز على رفض التطبيع عربيًا ولا سيما في الدول التي تعقد علاقات سلام مع إسرائيل، هنا يجب العمل على مستوى المجتمعات ضد التطبيع، وكذلك على مستوى الدول التي لم تعقد معاهدات سلام، ولكنها تقوم بعملية تطبيع على مستويات مختلفة. وما يزعج إسرائيل كثيرًا هو المقاطعة على مستوى الدول الأجنبية التي تقيم علاقات مع إسرائيل، فحملة المقاطعة على المستوى الأكاديمي والاقتصادي والسياسي والعمل على عزل إسرائيل دوليًا خطوة مهمة باتجاه وضع إسرائيل في الموقع الذي كان فيه نظام الابارتهايد في جنوب أفريقيا. ولكن الأخير لم يسقط إلا بعد أن قاطعته الدول نفسها. ففي حالة جنوب أفريقيا تناغمت المقاطعة الدولية الرسمية مع المقاطعة الشعبية ومع النضال على مستوى جنوب أفريقيا ذاتها.

المركز العربي للأبحاث أكاديمي مستقل، ويعمل بحرية من دون إملاءات. وقد اكتسب مكانته المرموقة وسمعة عربية وعالمية بسبب مثابرته وصرامته العلمية ومستوى إنتاجه البحثي وغزارته. هكذا تقيّم المراكز البحثية، فمراكز الأبحاث في العلوم الاجتماعية والإنسانية تمولها الدول، المهم هو مستوى إنتاجها البحثي واستقلاليته الأكاديمية التي تضمنها الحرية الممنوحة لها للعمل. هذه هي المعايير الوحيدة ذات العلاقة. كل كلام آخر فائض عن الحاجة أو مغرض. فالباحثون في كل مكان يطالبون الدول بتمويل مراكز الأبحاث ومنحها الحرية، ويقدرون ذلك إن حصل.

محاولة الاعتداء الهزيلة والفاشلة التي قامت بها عصابة صغيرة مؤلفة من بضعة أفراد من "الزعزان" الفاشيين، الأوباش على مؤتمر أكاديمي ليست مفاجئة أبدًا، فالأنظمة التي يدافعون عنها تمنع الحرية الأكاديمية وتعادي البحث العلمي، وتزج بالباحثين في السجون. أما استخدام قضية فلسطين للتغطية على القمع وجرائم الإبادة ضد مجتمعات وشعوب عربية، وللتآمر على قضية فلسطين بتسخيرها في خدمة علاقات دولية آنية،  فهو ما لن نسمح به كعرب وكفلسطينيين. ولا يستحق الأمر أي تعليق إضافي.

اقرأ/ي أيضًا:

كيف يساهم "مناهضو التطبيع" في تفتيت الإجماع ضده؟

شبيحة تونس وطحالبها.. أكثر من مجرّد عفن خبيث