14-مايو-2017

تعمل سلطة النقد الفلسطينية على إصدار عملة إلكترونية فلسطينية خلال خمس سنوات، على الأغلب اسمها الجنيه، وذلك وفقًا لما أفاد به رئيس سلطة النقد عزام الشوا لوكالة رويترز، بعد إعلانه في مقابلة مع صحيفة الحدث المحلية عن تحول سلطة النقد إلى بنك مركزي رسميًا خلال شهر تموز/يوليو 2017.

وقال الشوا لرويترز، إن السيطرة المحدودة على العرض النقدي، دفعت السلطة للبحث عن حلول على غرار العملة الافتراضية، مضيفًا، أن السلطة الفلسطينية تفكر بعدة حلول من بينها طباعة عملة ورقية خارج فلسطين، كون شراء ماكنات لطباعة العملات وإحضارها لفلسطين سيصطدم بمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

رئيس السلطة النقد يتحدث عن عملة فلسطينية خلال سنوات، ستكون على الأغلب إلكترونية واسمها الجنيه

ويملك الاحتلال الإسرائيلي حق استخدام "الفيتو" على العملة الفلسطينية، بناء على اتفاقية باريس الاقتصادية، التي منحت سلطة النقد الفلسطينية وظائف البنك المركزي، لكن دون إصدار عملة، وأوصت باستخدام الشيكل الإسرائيلي.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا انخفض سعر الدولار أمام الشيكل؟ 

وإضافة لاستخدام الشيكل، فإن الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة يستخدمون الدينار الأردني، والدولار الأمريكي، واليورو بشكل أقل، وقد أفاد الشوا بأن السلطة تدرس أيضًا تثبيت استخدام إحدى هذه العملات، لكنه يرى أن العملة الافتراضية (الإلكترونية) هي الحل الأمثل.

تصريحات الشوا طرحت تساؤلات عديدة أبرزها إن كانت السلطة الفلسطينية جاهزة فعلاً لاستخدام العملة الإلكترونية، التي أوضح الصحفي المتخصص في الاقتصاد محمد عبد الله خبيصة أن المقصود بها العملة المتداولة إلكترونيًا، وليست متوفرة معدنيًا أو ورقيًا في الأسواق.

ويختلف المقصود بحديث الشوا عن العملات الافتراضية المتداولة إلكترونيًا، ومنها "بيتكوين"، التي لا تتبع لأي دولة ولا وجود لها في أسواق العملات، وقد حذرت دول عديدة من التعامل بها، وآخرها سلطة النقد الفلسطينية.

يقول الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم، إن اتفاقية باريس تقيد إصدار عملة إلكترونية فلسطينية أيضًا كما قيدت العملة الورقية، مضيفًا، أن الجوانب الفنية والتقنية وحتى القانونية قد يتم حلها، إلا أن السؤال الأصعب يتعلق بكيفية توفير ثقة المستثمرين والمدخرين المحتملين، وضمان إقبالهم على اقتناء هذه العملة والتعامل فيها.

وبين عبد الكريم لـ"ألترا فلسطين"، أن عدم إقبال المستثمرين والمدخرين على التعامل بالعملة، يعني عدم قدرتها على الصمود في أسواق العملات، ما سيجبر الحكومة على فرض سعر صرف سيكون غير عادل على الأغلب، وبالتالي خسارة المستثمرين وانسحابهم.

وتتوافق رؤية عبد الكريم مع تحليل الصحفي محمد خبيصة، الذي قال لـ"ألترا فلسطين"، إن القضية أكبر من حصرها في اتفاقية باريس، "فالسؤال الأهم: كيف يمكن توفير عملة وطنية في ظل عدم سيطرة السلطة الفلسطينية على التجارة والمعابر، وعدم وجود احتياطي نقدي بالعملات الأجنبية، واحتياطي ذهب".

وأضاف، "احتياطي النقد الأجنبي لدى السلطة الفلسطينية يعادل فقط 250 مليون دولار، وهذا مبلغ قليل جدًا، كما أن عدم وجود سيادة حقيقية للسلطة الفلسطينية على التجارة والمعابر، سيجعل العملة غير معترف فيها من البنوك المركزية والقطاع الخاص والمستثمر الأجنبي، وبالتالي انهيارها، وربما الوصول إلى سوق سوداء".

ويبين محمد، أن التعامل بالعملة، في حال تم إصدارها، سيكون محدودًا، وسيقتصر على المناطق الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية، ولن يكون متاحًا حتى في إسرائيل، أو في محطات تعبئة الوقود المنتشرة في الضفة الغربية، والتي تعمل بنظام الدفع الإلكتروني".

ويتفق الخبير عبد الكريم والصحفي محمد على أن تحوّل سلطة النقد إلى بنك مركزي لا يعني بالضرورة إصدار عملة ورقية أو إلكترونية، كما أنه لا يكفي لجعل هذه العملة بعد إصدارها ذات قيمة.

تمنع اتفاقية باريس الاقتصادية السلطة الفلسطينية من إصدار عملة، لكن خبراء اقتصاديين يرون أن الظرف الاقتصادي الفلسطيني يمنع ذلك أيضًا

يقول خبايصة، إن البنك المركزي يملك صلاحيات أوسع من سلطة النقد في مراقبة أداء القطاع المصرفي ومؤسسات الإقراض ومحلات الصرافة. فيما يقول عبد الكريم، إن السعودية، مثلاً، لا يوجد فيها بنك مركزي بل سلطة نقد، وبالتالي فإن البنك المركزي لا يعني بالضرورة إصدار عملة، كما أن سلطة النقد ليست ممنوعة من إصدار العملات.

ويؤكد الصحفي محمد أن إصدار العملة حاليًا أمر صعب التنفيذ، وهو ما يشدد عليه أيضًا عبد الكريم، الذي رأى حديث الشوا استراتيجيًا أكثر منه واقعيًا، مضيفًا، "نحن نحب لعبة الأسماء. قمنا بتغيير مسمى وزارة الشؤون الاجتماعية إلى التنمية الاجتماعية، هل حدث تغير حقيقي في المضمون؟ وكذلك الأمر بالنسبة لسلطة النقد، إن لم يحدث تغير في الهيكليات والأنظمة والمهام فلن يكون المسمى الجديد مجديًا".

يذكر أن الجنيه صدر عن مجلس فلسطين للنقد الذي كان تابعًا لوزارة المستعمرات البريطانية، وكان العملة الرسمية الشرعية في مناطق الاحتلال البريطاني على فلسطين، التي شملت فلسطين التاريخية وإمارة شرق الأردن ما بين عامي 1927-1948، وكان يقسم إلى 1000 مل، وقد توقف التعامل به عام 1949، حيث أصبح التعامل في الضفة الغربية بالدينار الأردني، وفي قطاع غزة بالجنيه المصري.


اقرأ/ي أيضًا: 

التكييش يغزو الأسواق مسببًا خسائر فادحة

شركات الاتصالات أهدت زبائنها لإسرائيل وهاجمتهم

مليونيرية يقودون عصابات الشيكات البنكية