05-فبراير-2017

فلسطينيون يحتفلون بانتصار المنتخب المصري - صورة أرشيفية

ما إن انتصف نهار غزة البارد والملبد بغيوم ٍتخفي بعضًا من دفئ الشمس، وأخرى تخفي سعادةً محتملةً حول إمكانية انتزاع المنتخب المصري لكأس الأمم الإفريقية من الكاميرونيين مساء الأحد 2 شباط/فبراير 2017، حتى حجز عشاق ذلك المنتخب مقاعد متقدمةٍ في المقاهي ذات الدرجة الأولى، والتي جهزت شاشاتها لعرض المباراة النارية.

ذلك كان في مقهى "قهوتنا" وهو أحد سلسلة المقاهي الممتدة على شارع الرشيد الشهير بمقاهيه المطلة على البحر مباشرة، وقد تزامن مع ذلك تجهيز عشاق "الفراعنة" سياراتهم لكسوتها بالأعلام المصرية، سواءً خسر أم فاز من ينتظرون فوزه، قائلين إن تشجيعهم للمنتخب المصري "عشقٌ فِطري".

يقول سكان قطاع غزة إن حبهم للمنتخب المصري "عشقٌ فطريٌ"، ويسارعون قبل كل مباراة إلى حجز مقاعد في المقاهي لمشاهدتها

صحيحٌ أن الجيرة الجغرافية الأبدية لغزة ومصر قد يعني منطقيًا –على الأقل- أن الغزيين سيشجعون منتخب الفراعنة، لكن ذلك الحب يفوق تلك الحدود الصغيرة بين البلدين إلى شغفٍ غريزي كما يعتقد من التقاهم "ألترا فلسطين".

[[{"fid":"56761","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"attributes":{"height":333,"width":472,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"},"link_text":null}]]

اقرأ/ي أيضًا: فيديو | "سبايدر مان" فلسطيني!

أسامة جرادة (35 عامًا) يعتقد أن اهتمام أهالي غزة بتشجيع مصر لا يمثل أي نوعٍ من المغازلة السياسية على الإطلاق لكسب ود المصريين، فللغزل السياسي طرقٌ أخرى بعيدًا عن الرياضة.

"لن تجد أحدًا من هؤلاء المشجعين هذا المساء في حال لم يكن المنتخب المصري متأهلاً، فوجود مصر هو ما دفعهم لمشاهدة المباراة، رغم ما قاساه أهلنا كثيرًا من الظلم والتهم منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك". يقول جرادة.

[[{"fid":"56766","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"attributes":{"height":333,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"},"link_text":null}]]

يتساءل مُهند العلمي الذي يصف نفسه بـ"عاشق نادي الزمالك"، "ماذا تتوقع من شعبٍ عاش عصره الذهبي تحت إدارة الحاكم المصري حتى 1967، حيث لم تكن الإدارة آنذاك تفرق في التعامل بين مصري وغزي كما يحدثني والدي".

"منذ كنت في السادسة لم أسمع عن لاعبين من منتخبنا الفلسطيني، عوضًا عن ذلك فإن لاعبي الأهلي الشقيقين حسام حسن وإبراهيم حسن هما من ترددت أسماؤهما آنذاك، رغم أني زملكاوي اليوم".

وشهدت العلاقات بين مصر وغزة طوال ثلاثة عقودٍ ماضيةٍ الكثير من الإجراءات السياسية والأمنية التي لم تكن مطلقًا لصالح قطاع غزة، كتضييق السفر وإغلاق المنفذ الوحيد وإغراق الأنفاق الحدودية بمياه البحر والصرف الصحي.

هذا الشغف الغزي بالكرة المصرية انفجر منذ عودة من درس من الفلسطينيين في الجامعات المصرية، حيث عادوا لأهليهم إما "زملكاويين أو أهلاويين" عدا عن شهادات في تخصصاتهم، بحسب ماهر حميد رئيس رابطة مشجعي الزمالك في غزة.

[[{"fid":"56776","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"attributes":{"height":333,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"},"link_text":null}]]

ويرى حميد (53 عامًا) الذي التقاه "ألترا فلسطين" في مقر الرابطة التي تجهزت لاستقبال أكثر من 500 مشجع، أن الفلسطينيين عمومًا والغزيين خصوصًا كانوا ولا يزالون يعرفون الكثير عن حياة لاعبي المنتخب والأندية أكثر مما يعرفه المصريون أنفسهم.

يضيف، "أعرف زملكاويين بغزة يحفظون عدد الأندية التي تنقل بينها اللاعبون المصريون وتواريخ ميلادهم وحتى أسماء زوجات اللاعبين".

يحظى فريقا الزمالك والأهلي بشعبيةٍ هائلةٍ في غزة، ولكل منهما رابطة مشجعين ستوفر الفرصة لمشاهدة نهائي كأس أفريقيا

وضمت الأندية المصرية لاعبين فلسطينيين خلال الفترة الماضية، حيث تميز رمزي صالح في أدائه أثناء حراسته لمرمى النادي الأهلي في 2008، ثم نادي المصري، عدا عن مصطفى نجم الذي لعب في خطوط دفاع الزمالك عام 1990.

[[{"fid":"56771","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"attributes":{"height":281,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"},"link_text":null}]]

الشاب أنس أبو شعبان (24 عامًا) لا يُضيره تعثر سفره لثلاث مرات عبر مصر بسبب الإجراءات السفر المعقدة من الطرف المصري في معبر رفح، ومع ذلك يقول: "صحيح تبهدلت بس لسه بحبك يا مصر".

ومع ذلك، فإن فرحة الفوز المتوقع الذي ستضفيه المباراة على الشعبين الفلسطيني والمصري قد تستمر لساعات، "إلا أن هذين الشعبين في أمس الحاجة إلى مثل تلك البهجة، فنحن وهم لم تعُمُنَا الفرحة منذ زمنٍ بسبب طول صراعنا مع الاحتلال وهم بسبب الأزمات التي شهدتها البلاد". يقول أبو شعبان.

يشار إلى أن حرارة متابعة وتشجيع المنتخب المصري من قبل أهالي القطاع تضاعفت بشكلٍ ملحوظ حين سمحت السلطات المصرية في العام 2005 لسكان غزة بالعبور إلى أراضيها دون تسجيلٍ، وشراء حاجياتهم الأساسية التي حرمهم منها الحصار الإسرائيلي.

"لندع فرصةً للرياضة للتقريب بين وجهتي النظر"، يقول الناطق باسم مشجعي النادي الأهلي بغزة أسامة عمر. "الرياضة لغة تفهمها الشعوب لا السياسيين؛ فقد تنقلب السياسة في لحظاتٍ لكن من يفهمون شيفرة الرياضة يدركون أنه لا خداع أو مكر فيها، ويحكمها صفارة إنذارٍ أو بطاقة حمراء على أبعد تقدير، وليس النار والدم".

وسبق للفراعنة أن واجهوا "الأسود غير المروّضة" في 24 مباراة، كانت الغلبة فيها للمصريين الذين أحرزوا 12 انتصارًا، مقابل 5 هزائم، بينما تعادل المنتخبان 7 مرات، وفق موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا".

لقاءٌ كروي لـ90 دقيقةً قد تمتد لنصف ساعةٍ أخرى، كشف مخزونًا هائلاً من عشق الفلسطينيين لمصر وشعبها، خلطت ما بين السياسة والرياضة، فالفلسطينيون باركوا لمصر وشعبها، وقدموا كل التهاني بكلماتٍ تختصر كل الكلام: "يا شقيقتنا الكبرى بنحبّك يا مصر".

اقرأ/ي أيضًا:

دوري المحترفين.. من أين جاءت ألقاب الأندية؟

رمال شاطئ غزة ملاذهم الوحيد..

محترفون فلسطينيون في الخارج.. تجارب ناجحة؟