03-سبتمبر-2022
مواجهات مع الاحتلال في سلواد شرق رام الله - issam Rimawi/ Getty

مواجهات مع الاحتلال في سلواد شرق رام الله - issam Rimawi/ Getty

شيّعت بلدة سلواد في حزيران/ يونيو الماضي، جثمان الفتى الشّهيد محمد عبد الله حماد. يومها، شارك مسلّحون في التشييع ولكنّهم لم يطلقوا الرّصاص في الهواء، ولفّوا فوهات بنادقهم بالقماش، معلنين أن رصاصهم سيصوّب على جنود الاحتلال فقط. وفي ذات اليوم، مساءً، جرى استهداف جنود الاحتلال المتمركزين عند برج عسكري على أطراف البلدة، يحول بينها وبين شارع 60.

تكررت عمليّات إطلاق النار تجاه الاحتلال من سلواد، وتبع ذلك اعتقالات واسعة، وعقوبات جماعية بحق أهالي البلدة الواقعة شرق رام الله 

بعد ذلك اليوم، يفرض الاحتلال عقوبات جماعية تطال سكان سلواد، ثاني أكبر بلدة في محافظة رام الله، بعدد سكان يصل 11 ألف نسمة.

تعمل الصحفية شذى حمّاد على توثيق انتهاكات الاحتلال في بلدة سلواد، وتقول في حديث مع "الترا فلسطين"، إن حملة العقوبات الجماعية على البلدة بدأت منذ 3 أشهر تقريبًا بعد استشهاد الفتى محمد حامد، حيث نُفّذت عدة عمليات إطلاق نار تجاه جنود الاحتلال، ومعها تصاعدت حملة الاحتلال العسكرية على سلواد.

وتتمثل هذه العقوبات وفق شذى، بإغلاق مداخل البلدة بالحواجز العسكرية والسواتر الترابية، وبحملة اعتقالات كبيرة طالت عشرات الشبان بعضهم أفرج عنه، وبعضهم جرى تحويله للاعتقال الإداري، فيما وُجّهت لوائح اتّهام لآخرين، ويرافق ذلك اقتحام عنيف للبيوت، وتخريب للممتلكات، وإخضاع معتقلين لتحقيق ميدانيّ. ونوهت شذى إلى أن جنود الاحتلال اعتقلوا 30 شابًّا في يوم واحد، وهي من أكبر حملات الاعتقال التي شهدتها سلواد مؤخرًا.

ورغم الاعتقالات التي لم تتوقف، والعقوبات الجماعية المستمرّة على أهالي بلدة سلواد، تواصلت عمليّات إطلاق النار، فتم استهداف حافلة للمستوطنين في وادي عيون الحرامية الشهير، تبعها تصعيد جيش الاحتلال حملته ضدّ البلدة، ثم تبع ذلك اشتباك مسلّح مع النقطة العسكرية المقامة عند أطراف البلدة.

مواجهات في بلدة سلواد نهاية آب/ اغسطس الماضي. (ABBAS MOMANI/ Getty)
مواجهات في بلدة سلواد نهاية آب/ اغسطس الماضي. (ABBAS MOMANI/ Getty)

الجديد في عمليات إطلاق النار، كما تقول الصحفية شذى حماد، هو إطلاق النار تجاه الجنود والمركبات العسكرية عند اقتحامهم البلدة وفي أزقّتها، وليس فقط على النقطة العسكرية أو مركبات وحافلات المستوطنين التي تسلك شارع "60". 

وحول أثر العقوبات الجماعية على البلدة، يوضح رائد حامد رئيس البلدية أن الاحتلال يستهدف بلدة سلواد بشكل مستمر، ولكن منذ نحو أسبوعين تصاعدت حملة العقوبات الجماعية بشكل كبير وخطير، مبيّنًا خلال حديثه لـ "الترا فلسطين" أن العقوبات تتمثل بإغلاق المدخل الغربي لسلواد الذي يربط بينها وبين قرية يبرود بسواتر ترابية، وخلف هذا الساتر الترابي يقع مكب نفايات تستخدمه سلواد، وبالتالي ليس ثمّة إمكانية تصريف النفايات حاليًا، وخلف الساتر الترابي الذي وضعه الاحتلال أيضًا، مقبرة سلواد الرئيسة، وفي مكان أبعد يجري تصريف مياه المجاري في منطقة عين سينيا، وبالتالي لم يعد بإمكانهم الوصول إلى هناك. 

وتابع حامد: بالإضافة إلى ذلك تقع قرية يبرود خلف الساتر الذي وضعه الاحتلال، وهي قرية صغيرة ترتبط بسلواد في معظم مناحي الحياة، فطلابها يدرسون في سلواد، ويعاني المعلمون في التنقل منها وإليها، كما أن خط سير يبرود إلى رام الله يمر من بلدة سلواد، وبالتالي فإن أهالي القرية لا يستطيعون الوصول إلى رام الله بسهولة. 

ويضع الاحتلال حاجزًا عسكريًا على المدخل الرئيس لسلواد، ويقول رئيس البلدية إنه لا يتم فتح الحاجز إلا بضع ساعات قليلة يوميًا، وهذا الحاجز يؤثر على قرى شرق رام الله (المزرعة الشرقية، كفر مالك، يبرود، دير جرير، الطيبة، رمون)، وليس فقط سلواد، مضيفًا أن إغلاق المدخل الرئيس عطّل الحياة بشكل كبير وأحدث إرباكًا في عمل العمال والموظفين وطلبة الجامعات، وعلى من يترددون على رام الله والوزارات والمستشفيات. 

العقوبات الجماعية التي يتحدّث عنها رئيس بلدية سلواد، لم تقتصر على الإغلاقات، بل تشمل الاقتحامات اليومية للبلدة، والاعتقالات المستمرة، فقد جرى تسجيل أكثر من 55 حالة اعتقال في آخر شهرين، بعضهم أشقاء، أو أب وأبناؤه، كما أن بعض الجرحى ما يزالون في المستشفيات. ويشير رائد حامد إلى أن جنود الاحتلال يتعمّدون عند اقتحام البيوت تكسير وتدمير الممتلكات، وإطلاق الرصاص على البيوت، وإطلاق قنابل الصوت والغاز بشكل عشوائي تجاه المنازل.

وفي كل مرة يجري فيها اقتحام البلدة يتصدى الشبان لجيش الاحتلال وتندلع المواجهات، ما يُحدث ضررًا كبيرًا في البنية التحتية والنفايات وشبكة الكهرباء، وعلاوة على كل هذا، ألغى الاحتلال مؤخرًا تصاريح عمل عدد من العمال العاملين داخل الخط الأخضر، وفقًا لرئيس بلدية سلواد.

ويرى حامد أن الاحتلال يتذرّع بأن هناك إطلاق نار، وفي كل مرة يجري اعتقال شابين أو ثلاثة ثم يعلن الاحتلال عن اعتقال مطلقي النار، ولكن بعدها بأيام يجري اعتقال آخرين والإعلان مجددًا أنهم أطلقوا النار، واعتبر أن أجهزة مخابرات الاحتلال تتخبّط في التعامل مع سلواد.

وترى الصحفية شذى حماد، أن سياسة الردع والعقوبات الجماعية ليست جديدة على بلدة سلواد، بل تعود إلى فترة الانتداب البريطاني أيام ثورة عام 1936، وتتكرر باستمرار في كل مرة تتصاعد فيها عمليات المقاومة، من فرض حظر التجوال، وإغلاق المداخل، والاعتقالات، واقتحام المنازل، بشكل خاص في الانتفاضتين الأولى والثانية وفي هبّة القدس 2015.