18-مايو-2021

صورة أرشيفية: مظاهرة فلسطينية في أم الفحم | gettyimages

"الدولة تستخدم المستوطنين في قمعنا". تقول الناشطة آيه زيناتي من مدينة اللد داخل الخط الأخضر، محاولة تلخيص الصورة في المدينة التي تشهد منذ أسبوع أحداثًا يُمكن وصفها بأنها الأعنف داخل الخط الأخضر، بدءًا من استشهاد الشاب موسى حسونة برصاص مستوطن، وصولاً إلى هجمات إرهابية ينفذها مستوطنون بحماية "حرس الحدود" وشرطة الاحتلال. هذا المشهد ينسحب أيضًا على بقية المدن والبلدات الفلسطينية و"المختلطة" بالداخل على مدار الأسبوع ذاته.

شهود عيان على قتل موسى حسونة أدلوا بشهادتهم لشرطة الاحتلال، لكنها أطلقت سراح المجرمين دون عقاب

الشهيد حسونة، قُتِل برصاص مستوطن أواخر شهر رمضان. يقول والده لـ الترا فلسطين، إن شهود عيان على قتل نجله برصاص مستوطن أدلوا بشهادتهم أمام شرطة الاحتلال، لكنها رغم ذلك أطلقت سراح المجرمين دون عقاب.

اقرأ/ي أيضًا: "عدالة": لوائح اتهام عنصرية يواجهها فلسطينيو الداخل تُهدد مستقبلهم

يُبين حسونة أن نجله "كان ذاهبًا ليتناول الإفطار في منزل شقيقته، وبمجرد ترجله من السيارة قام أربعة من المتطرفين اليهود بإطلاق النار عليه"، مشددًا أنه لن يتخلى عن محاكمة قتلة نجله، وسيواصل ملاحقتهم.

ويقول: "نحن ضحية لسياسات رئيس بلدية اللد وللحكومة الإسرائيلية التي تحضر المستوطنين على المدينة".

نتنياهو في لقائه بحرس الحدود في اللد حيث منحهم تصريحًا مفتوحًا للعدوان

وبالفعل، تؤكد الناشطة زيناتي أن مئات المستوطنين وصلوا إلى اللد في حافلات، الأسبوع الماضي، واتخذوا من مبنى البلدية مقرًا لهم، وحصلوا على خرائط للأحياء ومنازل الفلسطينيين فيها. وأظهر مقطع فيديو قيامهم بوضع علامات على هذه المنازل للهجوم عليها.

وفرضت قوات الاحتلال حظر التجوال الليلي في اللد، لكنها في ذات الوقت كانت تسمح للمستوطنين بالتوافد للمدينة والتجول فيها، ما يُمثل إشارة ثانية على دعمها لهم، واستهدافها لأبناء المدينة في إجراءاتها.

وأشارت زيناتي إلى أن المستوطنين هاجموا مساجد في المدينة، في حين أن قوات الاحتلال شنت حملات اعتقالات طالت المئات من أبناء المدينة. وأضافت، "في حي المحطة كان الجندي يقول للشاب إنت رح تموت اليوم".

في المقابل، يُنظم أبناء اللد أنفسهم في مجموعات وغرف طوارئ لصد اعتداءات المستوطنين. تُبين زيناتي، أن المجموعات فعالة 24 ساعة، "والناس حرفيًا لا تنام"، حيث يتم رصد تحركات المستوطنين والأحياء التي يتسللون إليها وتعميم ذلك، ليتوجه الناس من كل مكان إلى الموقع المستهدف وينجحون في التصدي للاعتداء.

وأكدت، أن المستوطنين يتجولون بالسلاح في المدينة، ويستخدمونه في أي وقت كما حدث عندما قتلوا الشهيد حسونة، مضيفة، "عمليًا الدولة تستخدم المستوطنين في قمعنا والاعتداء علينا".

مستوطنون يتجولون بالسلاح في مدينة اللد

اللد، مثل بقية المدن والبلدات العربية داخل الخط الأخضر، انضمت إلى "إضراب الكرامة" يوم الثلاثاء (18/أيار). هذا الإضراب، مثل الاحتجاجات التي تحدث في المدينة منذ أسبوع، سيؤكد، وفق زيناتي، على الهوية الفلسطينية والعربية لأبناء مدينة اللد، بعد عقودٍ من محاولات أسرلتهم بل وإقصائهم وإحلال المستوطنين مكانهم في أحياء أقيمت داخل الأحياء العربية، لكن بظروف معيشية مرفهة لإغراء المستوطنين بالحضور للمدينة.

مدينة الناصرة، شهدت أيضًا مظاهرات تعرضت للقمع من قبل قوات الاحتلال. تُبين سمر عزازي، أنهم يجهزون أنفسهم قبل كل مشاركة في مظاهرة سلمية للاعتقال، فلديهم مجموعة من المحامين والأخصائيين النفسيين لعلاج بعض الأشخاص الذين يمرون بصدمة أثناء الاعتقال.

سمر عزازي: نجهز أنفسنا قبل كل مشاركة في مظاهرة سلمية للاعتقال

ومع استمرار الانتهاكات، يتم تشكيل لجان مراقبة داخل كل حي، بسبب عدم تجاوب الشرطة من أجل حمايتهم. في ذات الوقت، يحاول الناشطون التواصل مع دبلوماسيين أوروبيين ووسائل إعلام أجنبية من أجل توصيل روايتهم للعالم.

اقرأ/ي أيضًا:  فيديو | نشطاء بالداخل يُعرُّون القمع والعنصرية الإسرائيلية

أما حيفا، فقد خاضت حراكات شبابية ونسوية وطلابية احتجاجات تعرضت للقمع العنيف والاعتقالات. وفق الصحافي ربيع عيد، فإن قسمًا من المعتقلين تم الإفراج عنهم، وآخرين مازالوا يخضعون للمحاكمة.

يُبين ربيع في حديث لـ الترا فلسطين، أن حي الألمانية في شارع بن غوريون كان مركز المظاهرات الاحتجاجية في حيفا، وبعضها لم يكن مرتبًا له بشكل مسبق، منوهًا أن هذا الشارع مركزي سياحي وفيه مطاعم ومقاهي.

حراكات شبابية ونسوية تحرك الاحتجاجات في حيفا | gettimages

واستخدمت قوات الاحتلال العنف المفرط في قمع المتظاهرين والمتظاهرات في حيفا. في حين، يؤكد ربيع، أنها أشرفت على اعتداءات كبيرة قام بها المستوطنون في المدينة، حيث هاجموا محلات تجارية ومنازل كانوا يعرفون هوية أصحابها من زينة رمضان أو من الصليب.

الاعتداء على شاب خلال اعتقاله في حيفا | gettyimages

وأكد ربيع، أن لجانًا تم تشكيلها في حيفا لحماية الأحياء العربية مثل حي النسناس، وهذه اللجان تضم محامين ونشطاء يرصدون تحركات المستوطنين ويبلغون عنها من أجل التصدي للمستوطنين.

أبو شحادة: الإضراب مهم جدًا على مستوى الوعي والهوية الوطنية والانتماء لفلسطيني الـ48

ويشهد الثلاثاء، إضرابًا شاملاً لكل فلسطين، خرجت الدعوة له من لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية داخل الخط الأخضر، واستجابت له قطاعات واسعة في القدس والضفة الغربية. سامي أبو شحادة، عضو الكنيست ولجنة المتابعة، أكد أن الإضراب مهم جدًا على مستوى الوعي والهوية الوطنية والانتماء لفلسطيني الـ48.

اقرأ/ي أيضًا: سفاح كفر قاسم يكشف أخطر أسباب المجزرة

"هناك شعب يُذبح في كل فلسطين، وبالأخص في غزة، لذلك يحق لنا وواجبنا أن نقوم بدورنا كجزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني" يقول أبو شحادة لـ الترا فلسطين.

وبيّن أن الإضراب يُساهم في إعلاء صوت الفلسطينيين ليصل إلى حكومة "إسرائيل" والعالم، بالإضافة إلى أبعاده الاقتصادية على السوق الإسرائيلي. فمثلا، جزءٌ كبيرٌ من قطاع العمار والبناء في "إسرائيل" يستند على الفلسطينيين، وكذلك جزءٌ كبيرٌ من الكادر الطبي وموظفي المطاعم.

ويضيف: "هناك قطاعات كاملة تعتمد بشكل كبير على الفلسطينيين في الداخل، وهذا يؤثر على الاقتصاد ويضعفه، في وقت تمر فيه إسرائيل بأزمة اقتصادية كبيرة بسبب كورونا وحربها على غزة وعدم قدرتها على توفير الأمن الداخلي في البلاد".

أبو شحادة: هناك قطاعات كاملة تعتمد بشكل كبير على الفلسطينيين في الداخل

ويرى أبو شحادة، أن هناك تثقيفًا سياسيًا في خطوة الإضراب للشباب الفلسطيني في الـ48، فهم يوصلون رسالة مفادها "أننا جزءٌ لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، وما يجري في غزة يقلق الداخل الفلسطيني".

وقفة في يافا بذكرى النكبة ورفضًا للعدوان على غزة | gettyimages

ويتابع: "نستطيع أن نلمس نتائج إيجابية من الإضراب الذي أعلن في مدينة يافا، إذا وصلت الرسالة الإعلامية من الإضراب، وقد بدأنا نلمس الاهتمام منذ لحظة الإعلان عنه، وكانت خطوة انضمام أهالي القدس والضفة إلى الإضراب داعمة لنا، وقد يتبناه الفلسطينيون في الشتات أيضًا".

وأوضح، أنه لا وجود لمخطط باستمرار الإضراب حاليًا، "فنحن نسير بحسب الأحداث وهناك انعقاد دائم بلجنة المتابعة، ونريد أن نتماشى مع الأحداث والتطورات في كل فلسطين".

أبو شحادة:  لا وجود لمخطط باستمرار الإضراب حاليًا، وهناك انعقاد دائم بلجنة المتابعة

وحول المخططات القادمة لمواجهة اعتداءات المستوطنين والشرطة الإسرائيلية، يشير أبو شحادة لوجود تحركات على المستوى القطري والمحلي. ويضيف: "التعويل بشكل أكبر على التنظيم داخل المدن الفلسطينية، فعلى سبيل المثال، تم تشكيل لجنة الطوارئ للدفاع عن مدينة يافا، تضم كافة القوى الوطنية والإسلامية وبعض النشطاء الوطنيين والسياسيين، وتم تقسيمها للجان مختصة".

اقرأ/ي أيضًا: تحقيق إسرائيلي يكشف تفاصيل مرعبة إبان النكبة

وتركز بعض اللجان على القضايا الصحية، وتتابع ملف الاعتداءات على المواطنين وزيارة الجرحى داخل المشافي والبيوت، بالإضافة إلى لجنة الإعلام التي ترصد الاعتداءات، ولجنة المحامين التي تتابع قضايا المعتقلين والاعتداء على المتظاهرين، فيما تعمل لجنة أخرى على جمع التبرعات من أجل دعم المصابين والمعتقلين وعائلاتهم والمتضررين من أجل خدمة الفلسطينيين في هذه الظروف.

وعلى مدار أسبوع فقط، حتى ظهر الإثنين، اعتقلت قوات الاحتلال 850 فلسطينيًا من داخل الخط الأخضر. وبحسب معطيات أوردها مركز عدالة لـ الترا فلسطين، فإن التهم الموجهة لبعض المتهمين قد تؤدي إلى الحكم عليهم بالسجن لفترات تتراوح بين 4 إلى 10 سنوات، وقد تصل إلى 10 سنوات.

وبيّن، أن هذه التهم والأحكام الناتجة عنها تُهدد مستقبل الشبان، حيث ستمنعهم من مواصلة دراستهم، أو العمل في مهن تحتاج لشهادة عدم التعرض للسجن، مثل المحاماة والطب.

من جانبه، يعتبر المحامي وسام قحاوش اغبارية من أم الفحم، عضو اللجنة المركزية في التجمع الوطني الديمقراطي، أن "جميع القوانين الإسرائيلية جاءت ضد الشباب الفلسطيني، خاصة تلك التي فيها بنود للتعامل مع الفلسطينيين".

اغبارية: عندما نتحدث عن حماية الشباب الفلسطيني، فلن نتطرق للقانون، بل يجب أن تكون هناك حراكات شبابية لأن المستوطنين يستمدون قوتهم من الشرطة

وأضاف، "عندما نتحدث عن حماية الشباب الفلسطيني، فربما لن نتطرق للقانون، بل يجب أن تكون هناك حراكات شبابية منظمة لحماية أنفسهم ومنازلهم ومقدساتهم، وذلك لأن المستوطنين يستمدون قوتهم من الشرطة التي يجب أن تحمي الجميع".

ويؤكد اغبارية لـ الترا فلسطين وجود ازدواجية في المعايير في جوهر القانون الإسرائيلي وفي الحكومة، بدأت تظهر بشكل أكبر في الأحداث الأخيرة، "فعندما يخرج وزير إسرائيلي يصرح بضرورة عدم اعتقال قاتل الشهيد موسى حسونة، فهذا يعتبر تصريحًا للمستوطنين بقتل العرب وتحريضًا".

ويضيف: "هناك مجموعة قوانين عنصرية سنت في آخر خمس سنوات مثل قانون القومية وقانون الإرهاب، وهي قوانين ليس لها مثيل في كل العالم وتستهدف الفلسطينيين بالدرجة الأولى، وتطبق عندما يكون هناك مظاهرات وإضراب".

يُشدد اغبارية أن ما يحصل "حملة مسعورة" على الفلسطينيين، "لذلك لسنا نحن من سنقوم بإنهاء هذا الوضع، فنحن المعتدى عليه ولسنا المعتدين".


اقرأ/ي أيضًا: 

الإرهابي جلعاد اكتشف أصوله فتحوّل لـ"رجل سلام"

كتاب إسرائيلي يوثق النهب اليهودي لأملاك العرب إبان النكبة