11-أبريل-2023
آلاف المستوطنين احتشدوا على قمة جبل صبيح في بيتا نهار الإثنين - Getty Images

آلاف المستوطنين احتشدوا على قمة جبل صبيح في بيتا نهار الإثنين - Getty Images

الترا فلسطين | فريق التحرير

بعث المستوطنون برسائل ميدانيّة وسياسيّة في مسيرتهم الضخمة التي نظّموها ظهر الإثنين في منطقة جنوب نابلس، وشارك فيها نحو 17 ألفًا يتقدّمهم وزراء وأعضاء كنيست، للتأكيد على مطلبهم بـ "شرعنة" بؤرة "افيتار" المقامة على جبل صبيح في بلدة بيتا، وهي البؤرة التي ما تزال الحكومة الإسرائيلية تنظر إليها على أنّها "غير شرعية" حتى الآن، رغم أنها قدّمت وعودًا للمستوطنين المتطرفين بإقامة مدرسة دينية عليها، قبل الانسحاب منها في تموز/ يوليو 2021. 

 سار المستوطنون مشيًا على الأقدام نحو 1.8 كيلومتر حتى وصلوا قمة جبل صبيح التي يحاولون الاستيلاء عليها منذ سنوات 

مسيرة المستوطنين الاستعراضية التي شلّت حركة سير الفلسطينيين في جنوب نابلس، وشوّشت برنامج حياتهم، وأوقفت العملية التعليمية اليوم، انطلقت ظهرًا من حاجز زعترة العسكري الذي يفصل شمال الضفة الغربية عن وسطها، باتجاه الشرق حيث قمّة جبل صبيح الذي شيّد مستوطنون عليه في الثاني من أيار/ مايو 2021، بؤرة باسم "أفيتار" نسبة لمستوطن يدعي "أفتيار بروسكي" قتل في 30 نيسان/ابريل 2013 قرب حاجز زعترة.

حاول المستوطنون السيطرة على جبل صبيح في 2018، إلّا أن احتجاجات واسعة نفّذها أهالي البلدة أفشلت المخطط الاستيطاني، لكنّ المستوطنين عادوا في 2021 للمكان، مستغلين أحداث الشيخ جراح وهبّة أيار/ مايو، وشيّدوا أبنية في المكان، الأمر الذي فجّر هبة شعبية في بيتا، ارتقى من حينها 11 شهيدًا، وأصيب الآلاف، واعتقل المئات دفاعًا عن الجبل.

 تبعد قمة جبل صبيح التي أقام المستوطنون أبنية عليها، أقل من 2.5 كيلومتر عن مركز بلدة بيتا   

سار آلاف المستوطنين اليوم مشيًا على الأقدام لنحو 1.8 كيلومتر، وبحماية مشددة من قوات جيش الاحتلال، يتقدّمهم وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، مستعيدين بذلك تفاصيل إقامة أوّل بؤر استيطانية في الضفة الغربية عقب احتلالها، وذلك في عيد الفصح اليهودي عام 1968، حين تم إنشاء مستوطنة "الون موريه" في منطقة نابلس، و"كريات اربع" في الخليل.

Getty Images
Getty Images
getty images
getty images
getty images
getty images
getty images

الكاتب والمختصّ في الشأن الإسرائيلي عادل شديد يرى أنّ ايتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريش ومن معهم من أحفاد مجموعة "غوش أمونيم" الاستيطانية التي تُعرف باسم "معسكر الأمناء" يُكملون اليوم في بيتا وبقية أرجاء الضفة الغربية، المشوار الذي بدأته المجموعة الاستيطانية عام 1968. 

المستوطنون بعثوا برسائل ميدانية وسياسية من خلال مسيرة اليوم 

مضيفًا أنّ المستوطنين بمسيرة اليوم بعثوا رسائل ميدانية وسياسية، الأولى تتمثّل في التأكيد على ضرورة شرعنة بؤرة "افيتار"، كما استعرضوا قوتهم، بمشاركة أكثر من 17 ألف مستوطن، في مسيرة هي الأضخم حشدًا في جنوب نابلس.

وأشار إلى أنّ رسائل المستوطنين السياسية تتمثّل في التذكير بأن شرعنة البؤرة الاستيطانية واحدة من أسس الاتفاق الائتلافيّ بين المتطرّفين ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بالإضافة للاحتفال بإلغاء الكنيست مؤخرًا لقانون فكّ الارتباط، وأنّ حكومة المستوطنين في الضفة مستمرة وبقوة، ولن يكون هناك دولة فلسطينية. 

وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش
وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش

وفي كلمته التي ألقاها أمام آلاف المستوطنين الذين احتشدوا على قمّة جبل صبيح، تعهّد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، بأن تنفّذ الحكومة الإسرائيلية الخطّة التي ستسمح بعودة اليهود إلى المكان، وقال إنّ "هذا المكان [جبل صبيح] سيعج بالحياة، وسيزدهر بوجود اليهود" الذين وصفهم بـ "عشاق الأرض والتوراة". 

وأضاف أنه ومثل "افيتار" أيضًا، "ستتم شرعنة البؤر الاستيطانية القائمة، والبؤر الاستيطانية الجديدة التي سنشيّدها مستقبلًا لأن هذه أرضنا".

 ايتمار بن غفير: "سنفعل كل ما يلزم لتكون افيتار مستوطنة قانونية" 

أمّا وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير، فربط بين تشييد بؤرة "افيتار" على جبل صبيح وعودة المستوطنين لاقتحام المسجد الأقصى بشكل دائم، كما في كل مكان في أرض إسرائيل على حدّ قوله. وقال: "سنفعل كل ما يلزم لتكون افيتار مستوطنة قانونية".

وزير الأمن القومي الإسرائيلي ايتمار بن غفير
وزير الأمن القومي الإسرائيلي ايتمار بن غفير

وأضاف "لن نرضخ للإرهاب في أفيتار وليس فقط في تل أبيب". 

 

ورفضت الرئاسة الفلسطينية اليوم، تنظيم مسيرة للمستوطنين بمشاركة وزراء وأعضاء كنيست. وقال نبيل أبو ردينة إن "اجتياح المستوطنين بقيادة وزراء من حكومة الاحتلال الإسرائيلي لأراضي دولة فلسطين لا يغيّر من حقيقة أنها أرض فلسطينية وستبقى كذلك، وأن هذا الاجتياح الذي يأتي بقوة السلاح لا ينشىء حقًا".

وأضاف أنّ "الاجتياح الفاشي الذي يترافق مع القتل اليومي للفلسطينيين واقتحام المسجد الأقصى، يدفع بالأمور نحو الانفجار، الذي لن يستطيع أحد السيطرة عليه إطلاقًا".

وقال رئيس الوزراء محمد اشتية في مستهل الجلسة الأسبوعية لحكومته إن "الجرائم والانتهاكات التي تقوم بها "إسرائيل" منافية للقوانين الدولية والقيم الإنسانية والأخلاق والأديان وهذه من شيمهم وسياساتهم وممارساتهم"، ودعا دول العالم إلى "محاسبة الحكومة الإسرائيلية على جرائمها".

من جهته، اعتبر عضو المكتب السياسي لحركة حماس، موسى أبو مرزوق أن "إمعان الاحتلال في منح الترخيص لمسيرة المستوطنين وتوفير كامل الحراسة المشددة لها من قواته، وفي ذروة التوتر الأمني، يعني إصراره على استمرار موجة التصعيد الجارية".

وقال أبو مرزوق في بيان، إن مسيرة المستوطنين باتجاه بؤرة أفيتار مع سماح لعشرات آخرين بدخول المسجد الأقصى "يصب مزيدًا من الزيت على نار التصعيد، ويمنح المقاومة المزيد من بحث خياراتها المشروعة في التصدي لهذا السلوك الاحتلالي.

شدد جيش الاحتلال إجراءاته العسكرية في المنطقة بنشر المئات من جنوده على طول خطّ سير المستوطنين، وفي محيط جبل صبيح 

ومنذ ساعات الصّباح الأولى يوم الإثنين، شدد جيش الاحتلال إجراءاته العسكرية في المنطقة بنشر المئات من جنوده على طول خطّ سير المستوطنين، وفي محيط جبل صبيح، كما أغلق الطرقات والمفارق الرئيسة من دوار سلمان الفارسي في بلدة حوارة، وصولًا إلى حاجز زعترة، ما أجبر آلاف الفلسطينيين على سلوك طرق بديلة. 

وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إنّ طواقمه عالجت 216 فلسطينيًا في المواجهات قبالة جبل صبيح، منهم 22 بالرصاص المطاطي، والبقيّة جرّاء الوقوع والإصابة بقنابل الغاز في الرأس واختناقًا بالغاز. 

ووفق مراسل "الترا فلسطين" فإن جنود الاحتلال أطلقوا وبكثافة الرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وقنابل الصوت والغاز التي تعمّدوا إطلاقها على الطواقم الصحفية والطبية كما أظهرت مقاطع فيديو.