يُحاول الآلاف من أهالي الضفة الغربية الوصول إلى المسجد الأقصى في كلّ عام خلال شهر رمضان، وبالتحديد أيّام الجمع والعشر الأواخر، وبالأخصّ ليلة السابع والعشرين "ليلة القدر". 

رصاص، ضربٌ وتنكيل، قد تسقط من أعلى الجدار وتُكسر أقدامك، وقد يتم اعتقالك وأنت على وشك الدخول للأقصى 

يمنع الاحتلال أهالي الضفة الذين تقل أعمارهم عن خمسين عامًا، ولا يحملون تصاريح دخول إسرائيلية، من دخول القدس، الأمر الذي يضطرهم للذّهاب في رحلة شّاقة وطويلة، تكلّفهم كثيرًا. 

ورغم سلوكهم الطريق الشّاق والطويل، إلّا أن الشبان قد لا يتمكنون من الدخل لباحات المسجد الأقصى، فمنهم من يتعرّض للإصابة برصاص جنود الاحتلال أثناء اجتيازهم ثغرات في الجدار الممتد من شمال الضفة لجنوبها، أو يتعرّضون للتنكيل والاعتقال سواء بعد اجتيازهم الجدار، أو قبل دخولهم عتبات الأقصى. ومنهم من يُصاب بكسور ورضوض أثناء السقوط من أعلى الجدار الفاصل.

 4 فلسطينيين على الأقل أصيبوا بكسور الليلة الماضية، بعد سقوطهم عن الجدار الفاصل أثناء محاولاتهم الحثيثة الوصول للقدس 

وأصيب ليلة السابع والعشرين من رمضان، أربعة فلسطينيين على الأقل من الضفة الغربية بكسور في الأقدام، ورضوض في أنحاء متفرقة من الجسم، إثر سقوطهم من جدار الفصل العنصري أثناء محاولتهم تسلّقه للصلاة والاعتكاف في المسجد الأقصى. 

المتحدث باسم الهلال الأحمر في القدس، محمد فتياني، أوضح لـ "الترا فلسطين" أنهم تعاملوا مع 4 حالات سقوط ما بين بليغة إلى متوسطة، نتيجة القفز عن الجدار الإسرائيليّ الذي يفصل الضفة عن القدس والداخل المحتل عام 48.

وبحسب فتياني فإن المصابين الأربعة في العشرينات والثلاثينات من العمر، وجرى نقلهم إلى عدة مستشفيات لإجراء العمليات الجراحية اللازمة.

ولجأ الشبّان الذين حرمهم الاحتلال الوصول إلى الأقصى، لاستخدام السلالم والحبال لاجتياز الجدار الإسرائيليّ للوصول إلى الأقصى، رغم المخاطر الكبيرة المترتبة على ذلك.

الشاب محمد عطا من مخيّم الجلزون شمال رام الله، أسير سابق، يُلقّبه رفاقه بـ "النخبة" كان واحدًا ممن تعرضوا للسقوط من أعلى الجدار، ما أدّى لإصابته بكسر في العمود الفقري وفي القدمين، ورضوض في أنحاء متفرّقة من الجسم.

وبحسب صديقه علاء ربعي، الذي يرافقه في المستشفى، جرى إدخال محمّد لغرفة العمليات لتركيب بلاتين في القدم اليسرى، فيما قرر له الأطباء عملية أخرى في قدمه اليمنى، أمّا إصابته في العمود الفقري فقرر الأطباء أنها لا تستدعي تدخلًا جراحيًا. 

ونقل ربعي عن صديقه محمد تعليقه على إصابته، بالقول: "هذا كلّه ذرة من الدم الواجب سكبه فداءً للمسجد الأقصى والرباط فيه".

ويحرم الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين الذين تقلّ أعمارهم عن 40 عامًا، من أداء العبادة والوصول إلى المسجد الأقصى، ويفرض تصاريح دخول خاصة على من تتراوح أعمارهم بين (40 - 50 عامًا). 

رُبع مليون فلسطينيّ تواجدوا في باحات المسجد الأقصى ليلة السابع والعشرين من رمضان 

وبحسب الأوقاف الإسلاميّة في القدس، فإن رُبع مليون فلسطينيّ تواجدوا في باحات المسجد الأقصى ليلة السابع والعشرين من رمضان، رغم التّشديدات والتضييقات الإسرائيلية. 

وفي كثير من الأحيان يفشل الشبان في اجتياز الجدار والسياج الشائك بسبب انتشار جنود الاحتلال ووضع المزيد من العوائق والأسلاك الشائكة، ورغم أنهم لا يسلمون من القمع الإسرائيلي، إلّا أنهم يُصرّون على تكرار المحاولة للوصول إلى الأقصى. 

ونشر المصوّر الصحفي وهاج بني مفلح صورة لقيت انتشارًا واسعًا على منصّات التواصل الاجتماعي لشبّان يحاولون تسلّق الجدار الإسرائيليّ الذي يصل ارتفاعه لنحو 8-10 أمتار. 

وبعد ذلك نشر "بني مفلح" صورة من داخل باحات المسجد الأقصى لشابين لحظة إجهاشهما بالبكاء، بعد رؤيتهما قبة الصخرة لأول مرة في حياتهما، وعقّب ملتقط الصورة عليها بالقول: "ما فهمته أنهما حاولا الدخول عدة مرات لكن لم ينجحا سوى هذه المرّة".

كما أظهر مقطع فيديو، فتاة تبكي بحرقة، بعد تمكنها من الوصول إلى المسجد الأقصى لأول مرة في حياتها.

ونشر الفنان التشكيلي فؤاد اليماني عبر حسابه في "فيسبوك"، تصميمًا يُظهر شبانًا أثناء تسلقهم جدار الفصل العنصري، والذي رسمه على هيئة إشارة مرور تحمل سهمًا يشير إلى القدس، وعنون الرسم بعبارة: "الطريق إلى القدس".

ولا يعد نجاح الشبان في تجاوز جدار الفصل، نهاية المطاف بالنّسبة للرحلة الشاقة للوصول إلى الأقصى، فهاجس الخوف من الاعتقال يبقى يلاحقهم في أي لحظة، وهو ما حدث مع عمّار وبلال حمايل الذين تمكنا من اجتياز الجدار الإسرائيلي بالفعل، وبعد وصولهما منطقة باب العامود، التقط عمّار صورة له فرحًا بوصوله وسط القدس، غير أن عناصر شرطة الاحتلال اعتقلوا على إحدى بوابات الأقصى قبل دخوله الباحات.

وكانت شرطة الاحتلال اعتقلت عشرات الشبان من الضفة الغربية أثناء اعتكافهم في المصلى القبلي بعد اقتحامه في الجمعة الثانية من رمضان، وأفرجت عنهم لاحقًا.

اقرأ/ي أيضًا:

عن رمضان داخل السّجن

ولا تقتصر معاناة رحلة الوصول إلى المسجد الأقصى على الشبان الذين يقفزون عن الجدار أو ينجحون في اجتياز السلك الشائك، فحتى الذين يحصلون على تصاريح عبور، يقضون ساعات طويلة في حر الشمس والزحام الشديد، حتى يتمكنوا من اجتياز إجراءات التفتيش الإسرائيلية، وبعضهم لا يتم السماح له بالدخول بذريعة أمنية، ووثّق ذلك صحافيون بعدساتهم، منها صور التقطها مصوّر وكالة الأناضول هشام أبو شقرة، ومصوّر الوكالة الفرنسية عباس مومني. 

اقرأ/ي أيضًا:

فيديو | دقيقة ونصف من الجدار!

"قلنديا رايح جاي": يوميات أهل القدس في قالب كوميدي

صور | الطريق للأقصى.. بوّابات في كُلّ مكان

الطريق إلى القدس من غزة!