14-نوفمبر-2022
علي حسن حرب من سكاكا سلفيت

خصصت القناة الرسمية الإسرائيلية "قناة كان" وصحيفة "معاريف" مساحة واسعة من محتواهما للمستوطن قاتل الشهيد علي حسن حرب في بلدة سكاكا في سلفيت، بتاريخ 21 حزيران/يونيو 2022، ليتحدث عن نفسه كضحية للشهيد علي حرب بعدما "اضطر" المستوطن لقتله، بحسب زعمه.

وجاءت هذه الدعاية الإعلامية بعد وقت قصير من إغلاق ملف التحقيق في جريمة المستوطن بدون تقديم لائحة اتهام ضده، بذريعة نقص الأدلة.

رغم الزحمة في الأحداث ذات الأهمية إلا أن قناة كان اقتطعت من برنامجها الأسبوعي 10 دقائق للمقابلة مع المستوطن القاتل، ومنحت دقيقة كاملة للمقدمة قبل التقرير، وهي فترة ليست بالقصيرة كمقدمة لخبر قياسًا لبرنامج أسبوعي مدته 50 دقيقة

وبثت "قناة كان" تقريرًا من 10 دقائق في أبرز نشراتها الإخبارية الأسبوعية، بينما أفردت صحيفة "معاريف" ثلاث صفحات كاملة من عددها يوم الجمعة الماضي، حيث يبلغ توزيع الصحيفة ذروته، وقد أعد تقريرها صحفي استقصائي ينتمي لتيار الصهيونية الدينية.

التدقيق في المقابلة التلفزيونية المطولة والمقابلة الصحفية مع المستوطن القاتل لا يظهر فرقًا جوهريًا من ناحية المضمون وتسلسل الرواية، باستثناء ما تستدعيه طبيعة الفارق بين المادة التلفزيونية والمادة المكتوبة.

في "قناة كان" تم اختيار برنامج "أخبار السبت" لبث قصة المستوطن القاتل، وهو من أكثر البرامج متابعة في القناة. ورغم أن وقت البرنامج مكتظ، وهناك زحمة في الأحداث ذات الأهمية مثل المفاوضات الائتلافية لتشكيل الحكومة وتداعيات حصول قائمة الصهيونية الدينية على حقيبتي الجيش والأمن الداخلي في الحكومة القادمة، إلا أن القناة اقتطعت 10 دقائق للمقابلة مع المستوطن القاتل، ومنحت دقيقة كاملة للمقدمة قبل التقرير، وهي فترة ليست بالقصيرة كمقدمة خبر قياسًا لبرنامج أسبوعي مدته 50 دقيقة.

واختارت "قناة كان" لتقريرها عنوان "ملف مغلق: اليهودي الذي تم اعتقاله بشبهة قتل فلسطيني وأغلق الملف ضده لنقص الأدلة يتحدث". أما "معاريف" فقد جاء تقريرها تحت عنوان "نجوت من عملية إعدام ميداني لكن حولوني لمخرب". 

ولدى الاطلاع جيدًا على المقابلتين مع المستوطن القاتل، ستلاحظ شدة التشابه في المحتوى والمعلومات وأسلوب الطرح، وستعتقد أنه في الحالتين هناك نص مكتوب مسبقًا بقلم خبير علاقات عامة يساعده مستشار قانوني.

لدى الاطلاع جيدًا على المقابلتين مع المستوطن القاتل، ستلاحظ شدة التشابه في المحتوى والمعلومات وأسلوب الطرح، وستعتقد أنه في الحالتين هناك نص مكتوب مسبقًا بقلم خبير علاقات عامة يساعده مستشار قانوني

واستشهد علي حسن حرب أثناء محاولته مع أشقائه وأبناء عمومته التصدي لإقامة بؤرة استيطانية في أرض للعائلة. آنذاك، قال حسن حرب والد الشهيد علي، إن جريمة القتل وقعت تحت أنظار جنود الاحتلال وحراس الأمن في المستوطنة التي أتى منها المستوطن القاتل، مبينًا أن مشادات وقعت بين أبنائه وأبناء أشقائه من جهة وجنود ومستوطنين من جهة أخرى، وخلال ذلك تقدم مستوطنٌ من بين الجنود نحو علي حتى مسافة صفر ثم وجه له طعنة في القلب.

علي حسن حرب
وداع الشهيد علي حرب | تصوير جعفر اشتية

ومنع جنود الاحتلال تقديم الإسعاف لعلي حرب أكثر من نصف ساعة، ثم سمحوا للعائلة بأخذ جثمانه ومحاولة نقله للعلاج، وقد استغرقت هذه العملية وقتًا بسبب طبيعة الأرض الوعرة في المنطقة التي وقعت فيها الجريمة وبعدها عن أقرب مستشفى، ليكون علي قد ارتقى شهيدًا.

علي حرب
وداع الشهيد علي حرب | تصوير عصام ريماوي
علي حرب
وداع الشهيد علي حرب | تصوير ناصر اشتية

هذه الرواية تجاهلتها تمامًا "قناة كان" وصحيفة "معاريف"، ومنحت كلٌ منهما المستوطن مساحة واسعة للكذب ليس فقط في سرد تفاصيل الواقعة، بل أيضًا في الزعم أن قتله لعلي حسن حرب تسبب له بصدمة نفسية.

ويزعم المستوطن أنه كان يقود جولة لمجموعة من "الأطفال" وعندما وصلوا منطقة خالية بدأوا بإزالة الحجارة منها تمهيدًا لإقامة بؤرة فيها، ثم فجأة شاهد أربعين فلسطينيًا يحملون الهراوات والفؤوس قادمين نحوهم، فحاول الاعتذار منهم ومغادرة المكان تفاديًا لذبح الأطفال.

ويواصل المستوطن مزاعمه حول الجريمة قائلاً إن الشهيد علي حرب كان يحمل سكينًا، وقد ألقى عليه حجرًا لكنه لم يصبه، فمد إحدى يديه نحو وباليد الأخرى رفع سكينًا، "فأخرجت أنا الأداة التي كانت في جيبي وتصديت له. كل القصة في ثانية، ولو أقم بردة الفعل في تلك الثانية كنت أسموت بطعنة سكين في القلب أو المعدة".

رواية شرطة الاحتلال حول قتل الشهيد علي حرب لم تورد أي ذكر لوجود أطفال في الواقعة. كما لم تورد أن الشهيد علي حرب كان يحمل أي سكين أو أداة حادة

تجدر الإشارة أن رواية شرطة الاحتلال حول قتل الشهيد علي حرب لم تورد أي ذكر لوجود أطفال في الواقعة. كما لم تورد أن الشهيد علي حرب كان يحمل أي سكين أو أداة حادة، ولم تنشر صورة للسكين المزعوم، خلافًا لما جرت عليه العادة في عمليات الطعن أو الاشتباه بنية تنفيذ طعن، ما يعني أن مزاعم المستوطن القاتل تُخالف حتى رواية شرطة الاحتلال، وهو ما لم تتطرق له القناة والصحيفة مطلقًا في المقابلتين مع المستوطن القاتل.

وبحسب المستوطن القاتل، فقد أخذت شرطة الاحتلال هويته وإفادته حول الواقعة وطلبت منه التزام البيت، قبل أن يعلم لاحقًا من صديق له باستشهاد علي حرب. وزعم: "بمجرد أن سمعت ذلك حدث انفجار في قلبي. لا يهم أنه إرهابي وأنه قادم لقتلنا، حقيقة أنني قتلت شخصًا أمر صادم". وهنا تظهر محاولة المستوطن في تقديم نفسه كإنسان مسالم يعاني صدمة نفسية بسبب علي حرب الذي أجبره على قتله دفاعًا عن نفسه.

وتكتظ المقابلتان مع المستوطن القاتل بحديثه عن نفسه كرب أسرة وأب لطفلين، والصوت الوحيد الإضافي في التقرير هو محامي منظمة "حونينيو" المتخصصة بتقديم خدماتها ومساعدتها لمنفذي العمليات الارهابية من تنظيم "تدفيع الثمن" الإرهابي.