10-ديسمبر-2024
 طيران الاحتلال ينفذ غارات على القلمون في سوريا.

تناولت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، التبرير الإسرائيلي لتدخل جيش الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة منزوعة السلاح على الحدود السورية، واستيلائه على الجانب السوري من جبل الشيخ عقب انهيار نظام بشار الأسد. وبرر الجيش هذا التدخل بأنه يهدف إلى "ضمان الأمن"، إلا أن الصحيفة أكدت أن السيطرة على الأراضي لم تُظهر فعالية في تحسين الوضع الأمني. وأضافت الصحيفة أن هذه الخطوة قد تحمل معها مخاطر أمنية وسياسية كبيرة.

وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي أفاد بأن "الجنود السوريين تخلوا عن مواقعهم، وهذا ما دفع الجيش الإسرائيلي لدخول الجانب السوري من مرتفعات الجولان". وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الخطوة تمثل تغييرًا في الوضع الراهن للأراضي التي "تُعتبر دوليًا تابعة لسوريا"، ما قد يخلق "ذرائع جديدة للاشتباكات".

حذرت الصحيفة من أن دمج مفهومي "التاريخي" و"الفرص الجديدة" قد يؤدي إلى تعزيز "أحلام توسيع الأراضي الإسرائيلية"

وأوضحت الصحيفة، أن نتنياهو يسعى لتحقيق أهداف تتجاوز الجانب الأمني، إذ يحاول استثمار الموقف لتشكيل "صورة نصر" لصالحه على الحدود السورية. وأشارت الصحيفة إلى تصريحاته التي اعتبر فيها انهيار النظام السوري "مؤشرًا على انهيار حلقة رئيسية في محور الشر الإيراني"، وهو ما يعكس سعيه لتحقيق مكاسب سياسية، مضيفًا أن هذا التطور "يفتح فرصًا جديدة ومهمة للغاية لإسرائيل".

كما حذرت الصحيفة من أن دمج مفهومي "التاريخي" و"الفرص الجديدة" قد يؤدي إلى تعزيز "أحلام توسيع الأراضي الإسرائيلية"، وهو ما يروج له بعض أعضاء اليمين المتطرف في إسرائيل. وأشارت الصحيفة إلى أن هؤلاء الأعضاء دعوا علنًا إلى "احتلال جبل الشيخ السوري" قبل أن يقرر الجيش التحرك.

في هذا السياق، ذكرت الصحيفة أن نتنياهو يدرك تمامًا المخاطر المرتبطة بالسيطرة المستمرة على "أراضٍ ليست جزءًا من إسرائيل"، وفق ما ورد. وأشارت إلى ردود الفعل الإقليمية التي بدأت تظهر، حيث دانت وزارة الخارجية المصرية "استغلال إسرائيل لحالة الفراغ في سوريا لاحتلال المزيد من الأراضي السورية وفرض أمر واقع جديد".

وأوضحت الصحيفة أن الضباط في جيش الاحتلال الإسرائيلي أشاروا إلى أن الوضع في سوريا "غير مستقر"، مع تزايد قوة الجماعات الإسلامية المتطرفة، وهو ما يستدعي متابعة التطورات. وأضافت الصحيفة أن التعامل مع هذه المخاطر، في ظل "حكومة وقيادة غير مسؤولة"، قد يؤدي إلى "خطأ تاريخي تكون عواقبه وخيمة على إسرائيل".

وفي مقال آخر، حذر اللواء إسحاق بريك في صحيفة "معاريف"، من أن التحديات الأمنية الحالية تمثل "لعبة محصلتها الصفر"، حيث يتطلب القتال في عدة جبهات مثل الجولان والضفة الغربية والحدود الأردنية "حشد قوات كبيرة". وذكر أن "إسرائيل تعيش على الحظ خلال العقدين الماضيين"، مشيرًا إلى أن جيش الاحتلال لا يستطيع الآن مواجهة حرب متعددة الجبهات بسبب تقليص حجم الجيش.

كما أشار بريك، الناقد المعروف للجيش الإسرائيلي، إلى أن هذا التقليص قد يترك ثغرات دفاعية "كارثية". وأكد بريك أن "نقص القوات" أدى إلى "تأهيل غير كافٍ للجنود"، إذ إن "الكتائب النظامية والاحتياطية، التي خاضت المعارك طوال أكثر من عام، بحاجة إلى ترميم شامل بسبب الإرهاق".

وفيما يتعلق بالتهديدات المتطرفة، أكد بريك أن "انتصار هذه التنظيمات في سوريا، مع احتمال تمددها إلى الأردن، يشكل تهديدًا أكبر لإسرائيل مقارنة بنظام الأسد". ودعا إلى "توسيع الجيش البري" وزيادة شراء الوسائل القتالية الحديثة، مثل الطائرات المُسيّرة والصواريخ وأنظمة الدفاع المتعددة، لضمان التوازن الدفاعي والهجومي اللازم لمواجهة هذه التهديدات المتزايدة.

من جانبه، أكد غيل تماري، محلل الشؤون السياسية في القناة 13 الإسرائيلية، أن انهيار النظام السوري كان مفاجئًا للعالم بأسره، مشيرًا إلى أن "أي جهاز استخباراتي، سواء في الولايات المتحدة أو إسرائيل، لم يكن يتوقع هذا التطور بهذا الشكل السريع". وأضاف تماري أن هذا يثير تساؤلات كثيرة حول ما ستؤول إليه الأحداث في سوريا، مشيرًا إلى أن الإدارة الأميركية برئاسة بايدن قد بدأت مشاورات مع فريق الأمن القومي لاستشراف مستقبل الوضع السوري، وهو ما تفعله إسرائيل أيضًا.

وفي ذات السياق، أشار ألون بن دافيد، محلل الشؤون العسكرية في القناة 13 الإسرائيلية، إلى أن السياسة الإسرائيلية الحالية تتبع "الهجوم الوقائي"، حيث لا تنخرط إسرائيل مباشرة في الصراع السوري، لكنها تعزز دفاعاتها من خلال الغارات الجوية التي استهدفت مستودعات الأسلحة وتضمنت صواريخ ومواد كيميائية ودفاعات جوية.

كما زعم بن دافيد أن "أكبر التحديات الاستخباراتية التي تواجهها إسرائيل في الوقت الراهن هو نقص المعلومات عن المعارضة في سوريا"، داعيًا إلى بناء نظام استخباري قوي لمتابعة تحركاتهم.

وفي نفس السياق، أشار ميخائيل شيمش، مراسل الشؤون السياسية في التلفزيون الإسرائيلي قناة "كان"، إلى الضغوط السياسية الداخلية على رئيس الحكومة نتنياهو من قبل وزراء اليمين، الذين يمارسون ضغطًا متزايدًا عليه لتعزيز السيطرة الإسرائيلية على الأراضي السورية. وأوضح أن القرارات الأخيرة قد اتخذت بالإجماع، ولكن بعض الوزراء يطالبون باتخاذ مزيد من الإجراءات في هذا الاتجاه.

أما عوفر شيلح، الباحث في معهد الأمن القومي بجامعة تل أبيب، فقد حذر من الدور التركي في المنطقة، مشيرًا إلى أن تركيا لها مصالح خاصة في شمال سوريا، ما يشكل تهديدًا خطيرًا لإسرائيل. كما أكد شيلح أن "تعزيز الحضور التركي في المنطقة، وتنامي موقفها المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين، يمثل تهديدًا استراتيجيًا لإسرائيل"، على حد قوله.

وفي تحذير آخر، ذكر آفي إيسسخاروف، محلل الشؤون العربية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن "الجماعات المتمردة في سوريا ليست على علاقة ودية مع إسرائيل، بل هي جماعات إسلامية نجحت في الإطاحة بنظام الأسد بسرعة، وهو ما يشير إلى تحديات جديدة بالنسبة لإسرائيل".

من جهته، أشار نير دفوري، مراسل الشؤون العسكرية في القناة 12 الإسرائيلية، إلى أن "الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تؤكد أنه من المبكر الاحتفال، حيث أن التدخل الأميركي في إعادة بناء سوريا قد يؤثر على الوضع الإقليمي، وإذا لم تتدخل، فقد يكون ذلك في صالح قوى أخرى قد تشكل تهديدًا أكبر لإسرائيل".