قناة أميركية: نتنياهو أمر بالهجوم على سفن أسطول الصمود قرب تونس الشهر الماضي

كشفت قناة "سي بي إس نيوز" الأميركية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وافق بشكل مباشر، في وقت مبكر من الشهر الماضي، على تنفيذ عمليات عسكرية استهدفت سفينتين كانتا ضمن أسطول الصمود المتجه إلى غزة، ويحمل مساعدات ومتضامنين للقضية الفلسطينية، من بينهم الناشطة السويدية غريتا تونبرغ.

قال "أسطول الصمود العالمي": "إن تأكيد تورط إسرائيل لن يفاجئنا؛ بل سيكشف ببساطة نمطًا من الغطرسة والإفلات من العقاب بلغ من الفظاعة حدًّا لا يمكن أن يفلت في النهاية من المساءلة"

وقال مسؤولان في الاستخبارات الأميركية، أُطلعا على القضية، لـ"سي بي إس نيوز"، إن القوات الإسرائيلية أطلقت في الثامن والتاسع من أيلول/سبتمبر طائرات مسيّرة من غواصة، وأسقطت مواد حارقة على السفينتين اللتين كانتا راسيتين قبالة ميناء سيدي بوسعيد التونسي، ما أدى إلى نشوب حريق. وتحدث المسؤولان بشرط عدم الكشف عن هويتهما، لعدم حصولهما على إذن بالحديث علنًا في مسائل تتعلق بالأمن القومي.

وبموجب القانون الإنساني الدولي وقوانين النزاعات المسلحة، يُحظر استخدام الأسلحة الحارقة ضد السكان المدنيين أو الأعيان المدنية في جميع الظروف.

وتفرض إسرائيل حصارًا بحريًا على قطاع غزة منذ أكثر من عقد، بعد أن أعلنت لأول مرة في كانون الثاني/يناير 2009 إغلاق المياه الساحلية أمام حركة الملاحة البحرية.

ونظمت "أسطول الصمود العالمي" المبادرة البحرية الدولية التي تهدف إلى كسر الحصار البحري الإسرائيلي المفروض على غزة وتقديم المساعدات للقطاع الذي أنهكته الحرب.

وفي الثامن من أيلول/سبتمبر، أُلقيت عبوة حارقة على سفينة "فاميلي" التي ترفع العلم البرتغالي. وقال "أسطول الصمود العالمي" للقناة، إن النائبة البرتغالية ماريانا مارتاغوا كانت على متن السفينة في الليلة السابقة للهجوم. ويعتقد الناشطون أن الجهة المنفذة "تعمّدت الانتظار حتى غياب المسؤولين المنتخبين أو الشخصيات البارزة"، بحسب ما جاء في بيان المجموعة الموجَّه إلى "سي بي إس نيوز" يوم الجمعة.

وفي التاسع من أيلول/سبتمبر، تعرضت سفينة "ألما" التي ترفع العلم البريطاني لهجوم مماثل لما وقع مع سفينة "فاميلي". وفي كلتا الحالتين، قالت المجموعة الشهر الماضي، إن النيران ألحقت أضرارًا بالسفينتين، لكن الطاقم تمكن من إخمادها بسرعة، دون وقوع قتلى أو إصابات.

وقال "أسطول الصمود العالمي" في بيانه يوم الجمعة: "إن تأكيد تورط إسرائيل لن يفاجئنا؛ بل سيكشف ببساطة نمطًا من الغطرسة والإفلات من العقاب بلغ من الفظاعة حدًّا لا يمكن أن يفلت في النهاية من المساءلة".

وأضاف البيان: "سواء كان الهدف من هذه الهجمات قتلنا، أو إخافتنا، أو تعطيل سفننا، فقد عرضت المدنيين والمتطوعين الإنسانيين للخطر بتهور. يجب على العالم أن يدرك أن محاولات إسكاتنا أو ترهيبنا أو عرقلة التزامنا تجاه القضية الفلسطينية وشعبها لن تنجح. نحن ندعو إلى فتح تحقيقات عاجلة ومستقلة في هذه الهجمات ومحاسبة المسؤولين عنها بالكامل".

وفي أيلول/سبتمبر، شككت السلطات التونسية في أن طائرات مسيّرة أسقطت مواد حارقة تسببت في الحريق، مدعيةً بدلًا من ذلك أن الفحص الأولي أشار إلى أن الانفجار بدأ من داخل السفينة، وفقًا لما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC News). في المقابل، زعمت حسابات مؤيدة لـ "إسرائيل" على وسائل التواصل الاجتماعي، أن الحرائق اندلعت بسبب سوء استخدام الناشطين لمسدس الإشارات.

إلا أن مقطعًا مصورًا نشره أسطول الصمود العالمي وحصلت عليه القناة، يبدو أنه يُظهر كرة من النار تسقط على السفينة وتشعل الحريق على متنها، وليس من داخلها. ولم تلتقط الكاميرات الثابتة المثبتة على السفن مصدر النيران قبل سقوطها، كما لم تُظهر استخدام أي مسدس إشارات.

وفي حوادث منفصلة أواخر أيلول/سبتمبر، قال أسطول الصمود العالمي، إنهم تعرضوا لهجوم من 15 طائرة مسيّرة منخفضة الارتفاع أثناء إبحارهم جنوب اليونان. وأوضح أن ما لا يقل عن 13 انفجارًا سُمع على متن عدد من سفن الأسطول وفي محيطها، كما أُلقيت أجسام على ما لا يقل عن 10 سفن، ما تسبب بأضرار مادية. ولم تُسجل إصابات، لكن المجموعة قالت إن أنظمة الاتصالات لديها تعطلت أيضًا.

وخلال الأسبوع الجاري، اعترضت القوات البحرية الإسرائيلية معظم السفن المتجهة إلى غزة، واحتجزت عشرات الناشطين، من بينهم غريتا تونبرغ وعدد من النواب الأوروبيين، وهو ما أثار انتقادات دولية واسعة وسريعة.

كما احتجزت "إسرائيل" مواطنين أميركيين كانوا على متن الأسطول. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لـ"سي بي إس نيوز"، إن الوزارة تتابع الموقف وتلتزم بتقديم المساعدة للمواطنين الأميركيين، مضيفًا أن الأسطول يمثل "استفزازًا متعمدًا وغير ضروري"، خصوصًا في ظل استمرار إدارة ترامب في السعي إلى حل تفاوضي لإنهاء الحرب في غزة.

ومن بين الأميركيين المشاركين في أسطول الصمود العالمي، جيسيكا كلوتفيلتر، وهي من قدامى مشاة البحرية الأميركية، وغريغ ستوكر، منسق وفد المحاربين القدامى في المجموعة. وتحدث الاثنان عبر زووم إلى "سي بي إس نيوز" شيكاغو يوم الأربعاء، قبل نحو ساعة واحدة فقط من اعتراض البحرية الإسرائيلية للأسطول.

وقال غريغ ستوكر: "نحن مهمة مدنية لتقديم المساعدات، نحاول كسر الحصار المفروض على غزة، ونحمل مساعدات إنسانية وفقًا للقانونين الإنساني والبحري الدوليين". فيما قالت جيسيكا كلوتفيلتر، إن الصور الخارجة من غزة خلال العامين الماضيين كانت "مفجعة للقلب" و"تمزق الأحشاء". وأضافت: "أعني، لقد بكيتُ على الأرجح كل يوم منذ صعودنا إلى هذه السفينة، مع تصاعد العنف منذ أن انطلقنا في 31 آب/أغسطس".