05-أبريل-2022
إسرائيل وعلاقات سرية

صورة تعبيرية | جيتي ايميجز

الترا فلسطين | ترجمة فريق التحرير

نشرت صحيفة هآرتس مقابلة مطولة مع المؤرخ الإسرائيلي البروفيسور إيلي فودا حملت عنوان: "إسرائيل عدو في العلن. لكن وراء الكواليس يحدث الكثير"، استعرضت خلالها أبزر ما ورد في كتاب نشره مؤخرًا حول العلاقات السرية الإسرائيلية مع دولٍ معادية لـ"إسرائيل".

يحمل ا لكتاب عنوان "إسرائيل: من محظية سرية لزوجة في العلن"، ويتحدث مؤلفه عن العلاقات بين "إسرائيل" وإيران بعد "الثورة الإسلامية" بقيادة الخميني، ومصر في عهد جمال عبد الناصر

ويحمل الكتاب عنوان "إسرائيل: من محظية سرية لزوجة في العلن"، ويتحدث مؤلفه المؤرخ فودا عن العلاقات والدعم الذي حظيت به من "إسرائيل" دولٌ مثل إيران بعد "الثورة الإسلامية" بقيادة الخميني، ومصر في عهد جمال عبد الناصر، وكذلك السعودية ولبنان.

وكتبت "هآرتس" في تقريرها حول المقابلة: "قبل مئة عام من قمة النقب التي عقدت هذا الأسبوع بمشاركة وزراء خارجية إسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب ومصر، التقى ممثلو الصهاينة بنظرائهم العرب لإجراء محادثات سلام سرية. كان العام 1922 والمضيف كان القاهرة. على أحد جانبي طاولة المفاوضات كان ممثلو الحركة القومية العربية من سوريا ولبنان ومصر، في المقابل جلس أعضاء الدائرة السياسية في المنظمة الصهيونية، ومثل هذا الأسبوع برز غياب ممثل فلسطيني".

وأضافت: "بعد جولتين من المحادثات تمت صياغة وثيقة تتحدث عن الحاجة إلى إيجاد أرضية مشتركة لاتفاق لصالح الشعبين، العرب واليهود الذين ينتمون إلى عرق واحد ويتحدثون نفس اللغة، وكذلك من يحملون نفس الثقافة وهي الثقافة الشرقية".

تلغرام

وقال المؤرخ فودا في حديثه لهآرتس، إنه راجع 28 حالة في الصراع العربي - الإسرائيلي بحثًا عن أخطاء، وتوصل أنه كان بالإمكان منع حرب 67 (النكسة) أو تأخيرها على الأقل، ومبرر ذلك أنه في عام 1965، في باريس، نشأت علاقة بين مسؤول في "الموساد" ولواء في سلاح الجو المصري كان مقربًا من الرئيس المصري جمال عبد الناصر، حيث ناقشا في اجتماعهم الخطوط العريضة لتخفيف التوترات ومنع الأعمال العدائية بين الطرفين.

ثم في عام 1966، تصاعدت المحادثات والتقى الجنرال المصري محمود خليل برئيس "الموساد" آنذاك مئير عميت. وفي تقرير أعده الأخير لرئيس الوزراء ليفي إشكول، كتب: "تركت الاجتماع وأنا أشعر أن صدعًا ضيقًا من الحوار قد انفتح بالفعل ويجب أن نتمسك به وألا نتخلى عنه. فمحاوري واحد من كبار أعضاء الحكومة المصرية الحالية".

القيادة الإسرائيلية ترددت في المحادثات مع المصريين ورفضت اقتراحهم بعقد اجتماع في القاهرة، فاستاء المصريون من الموقف الإسرائيلي وانقطع الاتصال

وعلق فودا قائلاً إن" هذا الاتصال المباشر يعني أن ناصر كانت لديه رغبة في إجراء بعض الاتصالات، يُلخصها قول عميت في رسالته: سنصنع التاريخ هنا". وأفاد بأن القيادة الإسرائيلية هي من ترددت في هذه المحادثات ورفضت الاقتراح المصري بعقد اجتماع في القاهرة، فاستاء المصريون من الموقف الإسرائيلي وانقطع الاتصال.

وتحت عنوان "الاتصالات السرية مع نظام الخميني"، كتبت هآرتس: "اتصالات إسرائيل السرية  مع إيران استمرت بعد وصول الخميني لسدة الحكم بعد ثورة 1979. وهكذا، خلال الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات، كان العراق بقيادة صدام حسين للحظة عدوًا كبيرًا للبلدين". يقول فودا: "كانت إيران بحاجة إلى قطع غيار لمعداتها العسكرية. فمعدات الجيش التي ورثها النظام الجديد كانت قائمة على المنتجات الغربية".

وبيّن فودا، أنه في أوائل ثمانينات القرن الماضي، باعت "إسرائيل مدافع 106 ملم، ومدافع رشاشة، وإطارات للطائرات فانتوم، وذخيرة وأكثر من ذلك، للنظام الإسلامي الإيراني عن طريق تجار أسلحة إيرانيين وغيرهم. ونُقلت بعض الشحنات جوًا إلى طهران بشكل مباشر، لكن في العادة كان يتم تمويه الشحنات من خلال شركات البريد السريع في أوروبا. "في ذلك الوقت، مؤسسة الصناعات العسكرية الإسرائيلية أبرمت صفقات قيمتها عشرات الملايين من الدولارات مع إيران" أضاف فودا.

في أوائل ثمانينات القرن الماضي، باعت "إسرائيل مدافع 106 ملم، ومدافع رشاشة، وإطارات للطائرات فانتوم، وذخيرة وأكثر من ذلك، للنظام الإسلامي عن طريق تجار أسلحة إيرانيين وغيرهم

ويدَّعي فودا في كتابه أن "إسرائيل" كانت لها أيضًا علاقاتٌ مع السعودية بدءًا من ستينات القرن الماضي. وقال في حديثه لهآرتس:  "في بعض الأحداث التاريخية كانت للدولتين مصالح مشتركة، وتم تشكيل نوع من التحالف السري بين إسرائيل والسعودية ضد أعداء مشتركين في الشرق الأوسط. أدى ذلك إلى ظهور اتصالات غير مباشرة وعقدت أيضًا عدة اجتماعات سرية".

وكشف المؤرخ فودا في كتابه أن دفيد كيمخي؛ أحد كبار مسؤولي "الموساد" سابقًا في باريس قدم للنظام السعودي في سبعينات القرن الماضي معلومات استخبارية عبر رجل الأعمال السعودي عدنان خاشقجي، المقرب من العائلة المالكة. هذه المعلومات تناولت "شيوعيين عرب" تدربوا في موسكو وكانوا ينوون العمل على "زعزعة استقرار" النظام السعودي. وقدمت أيضًا معلومات حول مخطط لاغتيال الملك فهد، عبر جهاز استخباري عربي في الثمانينات أيضًا.

وكشف أيضًا أنه بعد حرب 67 واحتلال الضفة وغزة والجولان التقى البارون البريطاني إدموند روتشيلد في باريس مع رجل الأعمال خاشقجي لترتيب لقاء مع الملك فيصل في الرياض، على أن يكون خاشقجي هو الوسيط بين اليهود والعرب. آنذاك، طُلب من روتشيلد إحضار كتاب توصية من رئيسة الحكومة الإسرائيلية جولدامائير، لكنه عاد خالي الوفاض.

أحد كبار مسؤولي "الموساد" سابقًا في باريس قدم للنظام السعودي في سبعينات القرن الماضي معلومات استخبارية عن "شيوعيين عرب" تدربوا في موسكو وكانوا ينوون "زعزعة استقرار" النظام السعودي

وأضاف فودا، أنه في عام 1969 وجه الملك فيصل نداءً لإسرائيل لفتح حوار من أجل التوصل إلى تسوية سياسية لكن "إسرائيل" لم تتجاوب معه. وخلُص فودا إلى "إسرائيل أضاعت فرصة إقامة اتصال مباشر مع السعودية، كان من الممكن أن يؤدي لانفراج سياسي"، معتبرًا الرفض الإسرائيلي "للتودد" السعودي - وفق وصفه- "أمرٌ مثيرٌ للدهشة ومخيبٌ للآمال".

وتطرق فودا في كتابه أيضًا إلى علاقات الإسرائيليين مع الموارنة في لبنان، قائلاً إن هذه العلاقات بدأت حتى قبل إقامة دولة "إسرائيل". ففي الثلاثينات ناقشت الحركة الصهيونية مع قيادة المارونية الترويج للتحالف الصهيوني الماروني الذي يقوم على تقسيم ثلاثي: لبنان للمسيحيين، وفلسطين لليهود، وسوريا للمسلمين. واستدرك بأن الفكرة بقيت على الورق فقط، لكن التواصل مع الموارنة استمرَّ حتى حرب لبنان الأولى.

وأشار في حديثه لهآرتس إلى أن العلاقة بين المارونية والإسرائيليين كانت "تبادلية"، سعى فيها كل طرف إلى استغلال الطرف الآخر لتحقيق مصالحه الخاصة، فكان المارونية يريدون مساعدة "إسرائيل" لهم في طرد السوريين والفلسطينيين وتعزيز حكمهم في لبنان، في حين كان الإسرائيليون يريدون إبعاد الفلسطينيين عن الحدود، وإقامة حكومة مسيحية توقع اتفاق سلام مع "إسرائيل". يؤكد فودا أن هذه العلاقة أيضًا كانت "قصة فشل" وفق تعبيره.