19-مايو-2018

صورة توضيحية: مستوطنون شبان وهؤلاء من تركز عليهم الصهيونية الدينية - (gettyimages)

قبل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة صيف عام 2005، وقع جدلٌ في أوساط الصهيونية الدينية التي تشكل العمود الفقري للمستوطنين، بحثًا لإجابة على تساؤل "كيف بالإمكان منع إخلاء مستوطنات أخرى في المستقبل؟"، فجاء القرار أن ذلك يتطلب ممارسة التأثير من الداخل.

جاء تساؤل الصهيونية الدينية وإجابته على وقع الصدمة من غياب انخراط الجماهير الإسرائيلية على نطاق واسع في الاحتجاج على خطوة الانسحاب. إحدى خطوات تحقيق الإجابة كانت التغلغل داخل الطبقات الوسطى والدنيا في المدن، وهو ما وصفته القناة الثانية الإسرائيلية في تحقيق لها حول هذه الظاهرة بـ"بإقامة أنوية استيطانية داخل الخط الأخضر".

الصهيونية الدينية شكلت نواة استيطانية داخل الخط الأخضر، وتمارس الإرهاب ضد الإسرائيليين الرافضين لها

أبرز "نواة استيطانية" في الأراضي المحتلة 48، يقف خلفها ويدعمها وزراء حزب "البيت اليهودي" الذي يمثل الصيهونية الدينية في الحكومة والكنيست، ويقودها نتنائيل سيمان توف ورفاقه من المدرسة الدينية في مستوطنة "متسبيه يريحو"، إذ قرروا مغادرة البيوت المتنقلة في المستوطنة، وأعلنوا أنهم أتوا للسكن في "رامات هشرون" الواقعة في لواء "تل أبيب"، بغية "الاندماج في المجتمع، والاستيطان في القلوب".

خلال 10 سنوات أفلح سيمان توف بتجنيد 300 أسرة من المستوطنين للإقامة في منطقة "رمات هشرون"، وتم اختيار حي "مورشا" ليكون بؤرة الانطلاق، حيث تنخفض أسعار إيجار الشقق، وأغلب السكان من النصف الأسفل من الطبقة الوسطى؛ وجزء كبير منهم يحافظ على التقاليد الدينية. حصل معظم المستوطنين الجدد على أموال من متبرعين، وبعضهم اعتمد على مساعدات حكومية قادمة من جيوب دافعي الضرائب.

الصهيونية الدينية تركّز على استمالة اليافعين

وبثت القناة الثانية الإسرائيلية تسجيلاً جرى تصويره داجل اجتماعٍ دون علم سيمان توف، كشف أن جهود جماعته يجب أن تركز على الأطفال اليافعين، لاستمالتهم إلى اعتناق تفسير الصهيونية الدينية لليهودية.

أطلق سيمان توف على جماعته اسم "النواة التوراتية" التي قال عنها عيدان لمدان، عضو مجلس بلدية "رمات هشارون": "إنهم تنظيم لديه أجندة خلفها قصة. لم يأتوا إلى رمات هشارون بدون سبب، بل لأنهم يريدون توريث أبنائنا المزيد من الطابع اليهودي والتقاليد".

نجح سيمان توف بالسيطرة على الكنيس في حي "مورشا" وإقامة مدرسة دينية داخله، وبذلك امتلك منظومة تربوية كاملة في "رمات هشرون" تبدأ برياض الأطفال حتى المدارس الدينية، ونجح بإقصاء مديرة المدرسة واستبدالها بأحد مقربيه، وقد تم توبيخ المدرسات اللواتي لا يرتدين غطاء الرأس.

تمويل مفتوح!

مشروع سيمان توف يحصل على تمويل دائم من أسرتين يهوديتين ثريَّتين، ومن وزارة الجيش التي تمول المدرسة الدينية التي تعد الشبان للالتحاق بالجيش، كما هي صورة الوضع في المستوطنات بالضفة الغربية.

ومن يرفض أي سلوك لـ"النواة الاستيطانية"، تستخدم الجماعة ضده نفس أساليب تنظيم "جباية الثمن" الإرهابي التي يعتمدها في مواجهة الفلسطينيين، مثلا رئيس بلدية "رامات هشارون" رفض فصل النساء عن الرجال في احتفال "عيد الاستقلال"، فجاء التهديد على سيارته برسالة موقعة باسم "جباية الثمن" ومرفقة برصاصة.

وترى الصهيونية الدينية، في الجزء الأسفل من الطبقة الوسطى الإسرائيلية خزانًا بشريًا لمدّ المستوطنات في الضفة الغربية بالمستوطنين الجدد والمصوتين لصالحها في الانتخابات العامة.