كيف سيؤثر تعليق عمل الصليب الأحمر على إنقاذ الأرواح في مدينة غزة؟
5 أكتوبر 2025
حتى إعلانها عن تعليق عملها مؤقتًا في مدينة غزة، كانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر آخر الهيئات الدولية الفاعلة التي استمرت في أداء مهامها بالمدينة، بعدما أُجبرت الهيئات الدولية ومئات آلاف السكان والنازحين فيها على مغادرتها نحو جنوب القطاع، على وقع القصف الإسرائيلي العنيف.
يؤثر خروج هذه الهيئات الدولية عن العمل في مدينة غزة على عمل المرافق الصحية والخدمية، وقدرة الفرق الإنسانية كالدفاع المدني وسيارات الإسعاف على الحركة في الميدان
ويقول المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، هشام مهنا، لـ"الترا فلسطين"، إن اللجنة وجدت نفسها مجبرة ومضطرة لتعليق عملها في مدينة غزة ونقل موظفيها إلى مكاتبها في الجنوب، لضمان سلامتهم واستمرارية عملهم.
ويوضح مهنا أن القرار يأتي في وقت يواجه فيه عشرات الآلاف من سكان مدينة غزة ظروفًا إنسانية مروّعة، وهم في أمسّ الحاجة إلى مزيد من المساعدة مع الوضع الآخذ في التدهور.
وأكد أن "المدنيين في مدينة غزة يتعرضون للقتل والنزوح القسري، ويجبرون على تحمّل ظروف قاسية. وقد عملت فرق الاستجابة الأولية، ومنها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني والدفاع المدني، بلا كلل لتقديم الإغاثة، إلا أن قدرتها على الحركة والوصول الآمن إلى السكان المدنيين مقيدة بشدة".
ويُشار في هذا الصدد إلى أن فرق الاستجابة الإنسانية من سيارات إسعاف ودفاع مدني، وحتى تلك التابعة للبلديات، تتحرك في الميدان، خاصة في المناطق الخاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية أو الخطرة جراء وقوعها في نطاق عمليات القصف وإطلاق النار، بموجب تنسيق مسبق وبعد حصول اللجنة الدولية على موافقة إسرائيلية تسمح لهذه الفرق بالحركة والوصول.
ويؤكد مهنا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر "ستواصل جهودها لتقديم الدعم للمدنيين في مدينة غزة، كلما سمحت الظروف، من خلال مكاتبنا في دير البلح ورفح، التي لا تزال تعمل بكامل طاقتها. ويشمل ذلك تقديم الشحنات الطبية للمرافق الصحية القليلة المتبقية في مدينة غزة، وبذل قصارى جهدها لتسهيل حركة المستجيبين الأوائل".
ويشير مهنا إلى أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر موجودة في مدينة غزة منذ عقود، ويقول: "بعد التصعيد الأخير للأعمال العدائية، بقيت فرقها هناك لأطول فترة ممكنة لحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر ودعمها، وهي ملتزمة بالعودة إلى مدينة غزة حالما تسمح الظروف بذلك".
توقف الإمدادات الإنسانية
ويعزز وجود اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وغيرها من الهيئات الدولية التي تنشط في قطاعات مختلفة، من صمود الفلسطينيين في مناطقهم.
وخلال الأسبوعين الأخيرين، قبل قرارها بتعليق العمل في مدينة غزة، زوّدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر المستشفيات والمراكز الصحية القليلة المتبقية في مدينة غزة بإمدادات طبية منقذة للحياة، وسط تزايد أعداد المصابين. كما دعمت الأفران المحلية في 14 مخيمًا للنازحين، التي توفر 45 ألف رغيف خبز يوميًا لـ1600 عائلة.
كما قدّمت فرق الصليب الأحمر خزانات مياه، وخدمات نقل مياه بالشاحنات، ودعمت إصلاح شبكات المياه والصرف الصحي جنبًا إلى جنب مع مقدمي الخدمات المحليين.
والآن، لن يجد مئات آلاف المدنيين في مدينة غزة أي هيئة دولية قادرة على تغطية احتياجاتهم مثل الصليب الأحمر وغيرها من الهيئات الإغاثية الدولية التي غادرت المدينة أيضًا. بينما يدعو مهنا إلى "حماية المدنيين سواء بقوا في مدينة غزة أو غادروها"، مشددًا على أن "إسرائيل، بصفتها القوة المحتلة، ملزمة بضمان تلبية احتياجاتهم الأساسية".
ويقول: "يجب احترام وحماية الطواقم والمرافق والمركبات الطبية، كما يجب احترام أفراد الدفاع المدني وحمايتهم، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية بسرعة ودون عوائق إلى جميع أرجاء قطاع غزة".
وكانت منظمة أطباء بلا حدود قد سبقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بإعلان وقف عملها في مدينة غزة ومغادرتها.
ويؤثر خروج هذه الهيئات الدولية عن العمل في مدينة غزة على عمل المرافق الصحية والخدمية، وقدرة الفرق الإنسانية كالدفاع المدني وسيارات الإسعاف على الحركة في الميدان لتلبية نداءات الاستغاثة من ضحايا القصف والغارات الإسرائيلية، ومواصلة تقديم الخدمات الحيوية للمواطنين.
ويقول مدير عام مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، محمد أبو سلمية، لـ"الترا فلسطين"، إن لمغادرة الهيئات الدولية مدينة غزة "تداعيات خطيرة وسلبية على المنظومة الصحية والإسعافية والخدمية، التي تعمل بأدنى الإمكانيات وبمقومات تكاد تكون معدومة".
ويحذر أبو سلمية من "مصير كارثي لمئات آلاف الفلسطينيين من سكان مدينة غزة والنازحين فيها، خاصة الجرحى والمرضى"، مع استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية على المدينة، وحصارها، ومنع الإمدادات الطبية والإنسانية. ويقول: "يزداد هذا الواقع سوءًا ومأساوية مع تعليق الصليب الأحمر عمله، ومغادرة هيئات دولية أخرى مدينة غزة".
الدفاع المدني وبلدية غزة يقاومان منفردين
من جانبه، يقول الناطق باسم جهاز الدفاع المدني، محمود بصل، لـ"الترا فلسطين"، إن "نحو نصف مليون إنسان يتواجدون حاليًا في مدينة غزة محرومون من أبسط مقومات الحياة، بلا غذاء أو ماء أو دواء".
ويؤكد بصل أن تعليق اللجنة الدولية للصليب الأحمر عملها في المدينة من شأنه أن يحد من قدرة فرق الدفاع المدني على الحركة في الميدان والاستجابة لنداءات الاستغاثة العاجلة وأداء المهام الإنسانية.
ويحذر بصل من ارتفاع معدلات القتل وخسارة الأرواح جراء تعقيدات التنسيق مع الاحتلال لحركة مركبات الدفاع المدني كالإطفاء والإسعاف، بعد خروج الصليب الأحمر من غزة.
ويتهم الدفاع المدني الاحتلال بعرقلة عمله واستهداف فرقه الإنسانية الميدانية، مثلما حصل الأسبوع الماضي، حيث استُشهد أحد أفراده، منذر الدهشان، في غارة جوية إسرائيلية أسفرت أيضًا عن 7 إصابات أخرى أثناء مشاركته في مهمة إنقاذ في مدرسة الفلاح بحي الزيتون.
ويؤكد بصل أن المعوّقات الشديدة والتعقيدات المشددة تشكّل خطرًا على عمل فرق الدفاع المدني، لكنها لن تحول دون مواصلة العمل وإغاثة الضحايا. ويشدد: "سنبقى في مدينة غزة ولن نغادرها رغم المخاطر، وسيستمر عملنا في خدمة السكان".
ومن جهته، يقول المتحدث باسم بلدية غزة، المهندس عاصم النبيه، لـ"الترا فلسطين"، إن البلدية تواجه صعوبة شديدة في أداء رسالتها الإنسانية ومواصلة تقديم الخدمات الحيوية للسكان والنازحين في المدينة، وذلك جراء تصاعد العدوان على المدينة، والدمار الهائل في مقدرات البلدية من آليات ثقيلة، وتدمير الشوارع والبنى التحتية، ونزوح عدد كبير من موظفي البلدية إلى جنوب القطاع.
وجراء الحصار المشدد الذي تفرضه قوات الاحتلال على مدينة غزة، تعاني البلدية من شح كبير في الموارد والإمدادات الأساسية اللازمة لاستمرارية عملها، ورغم ذلك فإنها تحاول إيجاد البدائل لنقص الموظفين والاحتياجات الأساسية من أجل ضمان إيصال الخدمات لمئات آلاف المواطنين في المدينة.
الكلمات المفتاحية

مدارس غزة.. عودة مرتجفة للتعليم بين الركام والنازحين ومقاعد بلا أصحاب
لم يكن المشهد الذي رافق استئناف العملية التعليمية في غزة يشبه أي عودة مدرسية شهدها القطاع من قبل

10 أيام من الاقتحام: الاحتلال يحوّل منازل في يعبد إلى ثكنات عسكرية ويُشرد العائلات
"منذ اليوم الأول للاقتحام، احتلّ الجنود ستة منازل بالكامل، والآن يسكنون فيها، بعد أن أجبروا سكانها على المغادرة وإبقاء الأبواب مفتوحة".

رصاص وكمائن حول الجدار: تصاعد خطير في إصابات العمّال الفلسطينيين
64 عاملاً استشهدوا منذ بداية الحرب على غزة، منهم نحو 40 عاملاً منذ مطلع العام 2025. وهناك أكثر من 3 آلاف إصابة موثقة خلال العامين الماضيين

مدارس غزة.. عودة مرتجفة للتعليم بين الركام والنازحين ومقاعد بلا أصحاب
لم يكن المشهد الذي رافق استئناف العملية التعليمية في غزة يشبه أي عودة مدرسية شهدها القطاع من قبل

قيادي في حماس لـ "الترا فلسطين": تواصلنا مع روسيا والصين والجزائر لإحباط المشروع الأميركي في مجلس الأمن
قال القيادي في حماس وليد كيلاني، لـ"الترا فلسطين"، إن الحركة أجرت اتصالات عديدة في الأيام الماضية، خاصة مع روسيا والصين والجزائر، للضغط بهدف إحباط المشروع الأميركي في مجلس الأمن

الإعلام الحكومي: 288 ألف أسرة بغزة لا تملك أبسط مقومات الحياة
قطاع غزة يحتاج 300,000 خيمة وبيت متنقل لتأمين الحد الأساسي للسكن الإنساني.

عن رواتب الأسرى.. بيان للرئاسة الفلسطينية يكرر التأكيد على دور "مؤسسة تمكين"
في 10 شباط/فبراير، قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس نقل صلاحية صرف رواتب أسر الشهداء والأسرى إلى مؤسسة "تمكين"، تحت عنوان "إصلاح النظام المالي" واستعادة المساعدات الدولية المعلّقة

