كيف نجحت "وحدة الظل" في تأمين الأسرى الإسرائيليين؟

بعد عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 بأيامٍ قليلة، انشغلت وسائل الإعلام، بالتعريف عن وحدة "دلتا" الأميركية التي وصلت إسرائيل سريعًا لمساعدة وحدة "سييرت متكال" الإسرائيلية في عملية البحث عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية في غزّة. إذ تعد الوحدتان أكثر الوحدات الأمنية تخصصًا وسرّيةً في العمل بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة. 

تأسّست "وحدة الظل" عام 2006 بعد عملية خطف الجندي الإسرائيليّ جلعاد شاليط

وبعد 15 شهرًا من حرب الإبادة في غزّة وفشل الاحتلال في تحريره أسراه، تتغير بوصلة الاهتمام باتجاه المعرفة أكثر عن الوحدة العسكرية التي نجح عملها "في الظلّ" بتأمين أكثر من 100 أسيرٍ إسرائيليّ طوّال تلك المدة، ومن ثم تولّيها مهمة تسليمهم بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، رغم الاجتياح البرّي الذي استهدف كافة مناطق القطاع مصحوبًا بالقصف الجوّيّ والمدفعيّ الهائل. إذ لم يتمكن الاحتلال إلّا من استعادة بعض الجثث من المحتجزين، ونحو سبعةٍ من الأحياء. فمن هي "وحدة الظل" التابعة لكتائب القسام؟

تأسّست "وحدة الظل" عام 2006 بعد عملية خطف الجندي الإسرائيليّ جلعاد شاليط؛ حيث أُسندت لها مهمّة تأمينه. ورغم أن الاحتلال حاول استعادة جنديِّه عبر شنّ عدوانٍ كبيرٍ على قطاع غزة عام 2008، إلّأ أن الوحدة تمكّنت من تأمين شاليط لمدّة 5 سنوات، حتى اضطرت حكومة نتنياهو، في ذلك الحين، لتوقيع صفقة التبادل المعروفة فلسطينيًا باسم "وفاء الأحرار"، وإسرائيليًا باسم "صفقة شاليط"، والتي تحرر على إثرها 1050 أسيرًا وأسيرة من سجون الاحتلال.

ثم توسّعت الوحدة لينضم إليها عناصر من جهاز "استخبارات القسام"، وآخرون من "وحدة النخبة"، ومن تشكيلات قتالية مختلفة، الذين تلقوا تدريبات أمنية واستخباراتية وتكنولوجية خاصة. لتصبح "وحدة الظل" قادرةً في عام 2014 على تولّي مهمّةٍ أكبر؛ تمثلّت بتأمين احتجاز 4 أسرى إسرائيليين، بينهما جنديان أسرتهما كتائب القسام خلال حرب 2014، واثنين آخرين دخلا غزة في ظروف غامضة ووقعا في تحت سيطرة كتائب القسام.

ووفقًا لمصادر صحفية، فإن غالبية من خدم في تأسيس "وحدة الظل"، وحراسة الجندي الإسرائيلي شاليط على وجه الخصوص، هم من سكان خانيونس، التي يقطنها قائد كتائب القسام  محمد الضيف، الذي أعلن استشهاده خلال الحرب الأخيرة، ويحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس، والذي استشهد في رفح. ومن بينهم القيادات الميدانية  في القسام: الشهداء عبد الرحمن المباشر، وخالد أبو بكرة، ومحمد رشيد داوود، وسامي الحمايدة، وعبد الله لبد. يشار إلى أن الشهيد محمد رشيد داود، سقط في قصف إسرائيلي على رفح عام 2008.

وفي نهاية شهر تموز/يوليو 2022، قالت كتائب القسام: "في الذكرى الثامنة لمعركة العصف المأكول؛ والتي أسرت خلالها كتائب القسام جنديين صهيونيين.. سمحت قيادة القسام بالكشف عن تعرض أحد الأماكن خلال معركة سيف القدس العام الماضي لقصفٍ صهيونيٍ أدى إلى استشهاد أحد مجاهدي وحدة الظل وإصابة ثلاثةٍ آخرين أثناء قيامهم بمهمة حراسة أحد الجنديين..ونتحفظ على الكشف عن اسم الشهيد في هذه المرحلة لأسبابٍ أمنية".

وفي 14 كانون الأول/ديسمبر، كشفت كتائب القسام، لأول مرة، عن صور لبندقية الجندي هدار غولدن، الذي أسرته كتائب القسام خلال الحرب مع الاحتلال الإسرائيلي في عام 2014، ولم تعلن عن مصيره حتى الآن، بينما أعلن الاحتلال مقتله.

من السرّ إلى العلن

بقيت "وحدة الظل" سرّيةً لمدّة 10 سنوات، إلى أن كُشف عنها النقاب لأول مرّة عام 2016 في مقطع فيديو قالت فيه كتائب القسام، إنه يتم اختيار عناصر الوحدة بعنايةٍ فائقة، بحيث يخضعون لتدريباتٍ خاصّة لرفع قدراتهم العسكرية. مؤكدةً، في حينه، على أن "أفراد وضباط الوحدة ملزمون بمعاملة الأسرى الإسرائيليين بأخلاق الإسلام، والمحافظة عليهم حتى إنجاز صفقةٍ تبادل للأسرى".

وعن وحدة الظل، قالت كتائب القسام، إن "ساهمت بشكل مباشر في أعقد عملية أمنية خاضتها المقاومة في تاريخ الصراع مع العدو"، مضيفةً: "الوحدة بضباطها وجنودها هي بمثابة حلقة مفقودة ومهمتها الاساسية أن تظل على الدوام كذلك".

القناة الـ12 الإسرائيلية: المركبة التي ظهرت في عملية تسليم الأسيرين الإسرائيليين عوفر كالديرون ويردان بيبس، تم الاستيلاء عليها من الجيش الإسرائيلي في هجوم 7 أكتوبر. pic.twitter.com/W18THg83gD

— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) February 1, 2025

في حينه، نشرت القسام صورة للقيادي الميداني فيها عبدالرحمن المباشر، رفقة شاليط داخل أحد المنازل، أثناء تأمينه. ولاحقًا كشف عن مقاطع تظهر تنقل شاليط في داخل قطاع غزة، ومن بينها خروجه إلى شاطئ البحر، تحت حراسة "وحدة الظل".

كيف تعمل "وحدة الظل"؟

تداخل عملُ عناصر الوحدة مع مهامٍّ أخرى، منها المشاركة في إطلاق صواريخ أو حفر أنفاق، خاصةً في الفترات التي شهدت هدوءًا نسبيًا، بينما كانت مرحلة الطوفان استثنائيةً بالنسبة لمهمتهم الذي فُرض عليها تحديّاتٍ هائلة، بحكم العدد الكبير للمحتجزين والقصف المستمر.

وبحسب مصادر صحفية، فإن "وحدة الظل" كانت تتلقى تعليماتٍ على مدار الساعة لنقل الأسرى من مكانٍ إلى آخر، سواءً كانوا فوق الأرض أو تحتها (الأنفاق). وتضيف المصادر أن "وحدة الظل" واجهت عمليات تفجير الأنفاق- بالقصف الجوي أو بالمتفجرات- من خلال نقل الأسرى من الأنفاق إلى فوق الأرض في شققٍ سكنيّة سريّة تتبع للوحدة. بعد التمويه في التأمين.. تمويهٌ في التسليم

ظهر عناصر الوحدة بشكلٍ خاطف في عمليات التبادل التي جرت الأيام الماضية ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. وبحسب مصادر صحفية، فإن الوحدة شاركت مع وحداتٍ قتالية أخرى في عملية التمويه بنقل الأسرى الإسرائيليين من مكان إلى آخر ومن مركبةٍ إلى أخرى؛ إذ تم إخراج عدّة مركبات بنفس النوع من أكثر من مكان لضمان تأمين عملية نقلهم، لحين إيصالهم إلى مكان التسليم العلنيّ لطواقم الصليب الأحمر.