16-يناير-2019

منذ أكثر من خمس سنواتٍ بدأت التحذيرات العلنية التي يطلقها جنرالاتٌ كبار سابقين في إسرائيل من تعاظم نفوذ الاستثمار الصيني في إسرائيل، بالتوازي مع ترحيبٍ أظهره رئيس الحكومة نتنياهو، وأبرز أركان ائتلاف الحكومة، الوزير نفتالي بينيت.

الاستثمار الصيني في "إسرائيل" -كما يراه الخبراء الأمنيين والعسكريين والاستراتيجيين الإسرائيليين- ينطلق من "استراتيجية القوة الناعمة للصين" التي يجرى تطبيقها عبر التواجد في دولٍ محددةٍ والتسلل في منظوماتها التجارية والاقتصادية، ثم البدء بممارسة التأثير عند الحاجة، لتعزيز قوة الصين، أو دعم حلفائها، أو إضعاف خصومها التجاريين بالدرجة الأولى، أو السياسيين.

الخبراء الأمنيين الإسرائيليين يعتقدون أن الصين ستستغل استثماراتها في الضغط على إسرائيل لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية لاحقًا

مراجعة محاضرات وتصريحات وأبحاث الخائفين من "اجتياح الصين لـ إسرائيل" كما وصفته القناة العاشرة الإسرائيلية في تحقيقٍ خاصٍ لها حول الملف، تتفق على نقطةٍ مشتركةٍ هي أن الاستثمارات الصينية ليس هدفها مجرد الربح، فالاستثمار في دولة ما يمنح الصين القدرة على التأثير في سياسات تلك الدول.

ولكن مسوّغات التحذير من خطورة الاستثمارات الخارجية كما يعرضها الجنرلات، ومنهم رئيس مجلس الأمن القومي السابق غيورا ايلند، والرئيس الأسبق لجهاز المخابرات الإسرائيلية "الموساد افرايم هيلفي، تبدو للوهلة الأولى أنها تنطبق على الاستثمارات الأمريكية والأوروبية التي يشتركون بالترحيب فيها مع الساسة.

الصين في عيون جنرلات إسرائيل هي أكبر دولة عظمى تملك استثمارات ومصالح اقتصادية في إيران، والتواجد الصيني في ميناء حيفا بعد إقامة مستودعٍ لـ"مجموعة شنغهاي الدولية"، قد يحرم البحرية الإسرائيلية من استضافة بوارج وسفن الأسطول الأمريكي في ذلك الميناء، وقد صرح بذلك سيت كروبسي، المسؤول السابق في رئاسة البحرية الأمريكية قائلاً: "لقد باتت الصين تملك موقعًا هامًا لمراقبة ميناء حيفا، وأصبح بإمكانها وضع أي سفينة تدخل حيفا أو تخرج تحت مراقبتها". ويرى الجنرلات أن فتح إسرائيل الطريق أمام الصين على البحر الأبيض -وهي أهم خصمٍ استراتيجيٍ للولايات المتحدة الأمريكية في البحر المتوسط- بمثابة دق إسفين بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

تخشى الولايات المتحدة من تجسس الصين على أسطولها البحري من خلال موقعٍ أنشأته في ميناء حيفا

وبدأت الاستثمارات الصينية في إسرائيل بالتصاعد منذ عام 2012، تحديدًا في قطاع الاتصالات؛ بعد أن أنشأت شركة "هواوي" الصينية، مركز تطويرٍ في إسرائيل، ثم اشترت، شركة "شيم تشاينا"، شركة "مخشيتم اغام" الإسرائيلية، بحوالي مليار دولار ونصف، خلال شهر حزيران/يوينو 2012.

وفي شهر تشرين أول/نوفمبر 2012 أيضًا، وصلت الاستثمارات الصينية إلى مجال الزراعة، إذ اشترت شركة "هتشسونو الصينة"، شركة "كينوروت" التقنية الاسرائيلية، ثم استثمرت الشركة الصينية ذاتها في مجال تحلية المياه، تحديدًا في مشروع "سوريك" الذي يزود إسرائيل بنصف كمية المياه المخصصة للشرب.

وصلت استثمارات شركات صينية في إسرائيل إلى مجالات التكنولوجيا والتغذية والمال والعقارات

ولم تعد تقتصر الاستثمارات الصينية في إسرائيل الآن على قطاعات محددة، بل إن شركات صينية كبرى تستثمر في شتى المجالات، مثل التكنولوجيا، والتغذية، والمجال المالي، والعقارات.

وإضافة إلى الجنرالات السابقين، ورئيس البحرية الأمريكية، فقد أطلق رئيس جهاز "الشاباك" نداف أرغمان تحذيرًا من قدرة الصين على التأثير في إسرائيل، بل إن الأمر تجاوز ذلك، فالتلفزيون الإسرائيلي الرسمي أشار إلى أن العلاقات الصينية الإسرائيلية الآخذة بالتوطد اقتصاديًا، كانت على رأس قائمة الملفات التي ناقشها مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، خلال زيارته إلى إسرائيل قبل أيام، وعلى رأس ذلك التواجد الصيني في ميناء حيفا، وخطورة استغلال ذلك في التجسس على الأسطول الأمريكي.

وكانت تقارير أمنية، ورئيس "الشاباك" أرغمان، حذروا من تدخل دولة أجنبية في الانتخابات الإسرائيلية المرتقبة خلال شهر نيسان/إبريل المقبل، وقد ردّت روسيا على ذلك بنفي أن يكون لديها نية بالتدخل، فيما بقيت أصابع الاتهام موجهة إلى الصين بهذا الخصوص.


اقرأ/ي أيضًا: 

"الشاباك": الصين تمارس تأثيرًا خطيرًا على إسرائيل

موريس: الدولة الواحدة حقيقية مستقبلية

رئيس حزب العمل الإسرائيلي يزور الإمارات سرًا