11-نوفمبر-2018

تؤكد معاصر النبيذ الحجرية القديمة التي اكتشفت في مختلف المناطق الفلسطينية، أن الفلسطيني أولى اهتمامًا كبيرًا بزراعة العنب منذ عهد الكنعانيين، حتى أصبح العنب إرثًا حضاريًا وثقافيًا ورمزًا في تراث الشعب الفلسطيني. ظلت زراعة العنب كغيرها تتطور في فلسطين، ويحتل العنب هذه الأيام المرتبة الثانية من حيث كميات الإنتاج بعد زيت الزيتون.

العنب يأتي في المرتبة الثانية من حيث كميات الإنتاج في الضفة وغزة، وتبلغ مساحة الأراضي المزروعة بالعنب، 50 ألف دونم

تبلغ مساحة الأراضي المزروعة بالعنب في الضفة الغربية وغزة 50 ألف دونم، منها 40 ألف دونم مثمر، وحوالي 10 آلاف دونم غير مثمر حديث الزراعة. فيما يتراوح المعدل الطبيعي لإنتاج العنب من 45- 50 ألف طن سنويًا، وفق الأرقام الرسمية التي حصل عليها موقع الترا فلسطين من وزارة الزراعة. 

اقرأ/ي أيضًا: الحاجة زهرية.. أم العنب والتين

لكنّ إنتاج العنب هذا العام تراجع بكمياتٍ اقتصاديةٍ أدت إلى تسويق ما جادت به كروم العنب في السوق المحلي، وعدم التصدير للخارج.

ومع نهاية موسم العنب الحالي، كشف مدير دائرة البستنة الشجرية في وزارة الزراعة عودة صبارنة، أن إنتاج العنب هذا العام بلغ حوالي 38 ألف طن خلال فترة الإنتاج التي تمتد من منتصف شهر نيسان/إبريل، وحتى نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر.

[[{"fid":"75802","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":427,"width":640,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

ولأن الشهد في عنب الخليل، ولطالما تغزل البائعون بالعنب على أنه "خليلي يا عنب"، فقد نالت محافظة الخليل هذا العام كما جرت العادة حصة الأسد بواقع إنتاج 22 ألف طن عنب، فيما توزع باقي الإنتاج بين محافظات بيت لحم والأغوار وجنين، وفق ما أفاد به صبارنة لـ الترا فلسطين.

عبد الرؤوف سلطان (35 عامًا) مزارع عنب خليلي، يعيش بين كروم العنب في منطقة البويرة في الخليل حيث تمتد مساحة الأراضي المزروعة بالعنب هناك إلى 2000 دونم. وبالرغم من تراجع إنتاج العنب هذا العام بنحو 7 آلاف طن عن المعدل السنوي، إلا أن سلطان قال: "الحمد لله رب العالمين، ربنا جبر بالخاطر وكان لدينا مردود جيد". وبرّر عدم تراجع الإنتاج لديهم بعملهم الدؤوب واجتهادهم في الأرض.

لماذا تراجع العنب هذا الموسم عن المعدل الطبيعي؟

يجيب صبارنة أن العنب هذا الموسم تعرض لنوعٍ من الآفات الزراعية الخبيثة التي أثرت على الإنتاج، وهذه الآفة هي نوع من أنواع الفطريات تتواجد بالعادة ولكن ليس بشكل اقتصادي (تراجع كمية الإنتاج بشكل يؤثر على اقتصاد العنب).

السبب الثاني لتراجع الإنتاج - كما ذكر صبارنة - كانت الظروف الجوية وعوامل الطقس المتقلبة التي لم تكن مساعدة لإنتاج العنب، وشكل التغير المناخي بيئة مناسبة لهذه الفطريات.

آفة زراعية خبيثة، والظروف الجوية، أسهمت في تراجع إنتاج العنب هذه السنة

وفي معرض الحديث عن أسباب تراجع إنتاج العنب هذا العام، أكد المزارع سلطان على ما تقدم به المسؤول الرسمي، أن هذه الآفة الزراعية داهمت العنب هذا العام وبشكل خاص في منطقة بيت أمر وحلحول، متسببة بتدمير العنب.

اقرأ/ي أيضًا: الزبيب الفلسطيني.. ما تبقى لكم من حلوى

وأكد سلطان، أن الطقس من العوامل التي تؤثر في كميات الإنتاج، "فقبل خمس سنوات هطلت الثلوج بغزارة مما أدى إلى انهيار دوالي العنب عن المعرشات".

وتحدث سلطان عن خمسة مواسم تمر بها دورة إنتاج العنب سنويًا، وأي إهمالٍ في أي مرحلةٍ منها يشكل سببًا لتراجع الإنتاج.

[[{"fid":"75803","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"2":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":427,"width":640,"class":"media-element file-default","data-delta":"2"}}]]

هذه المواسم هي: موسم التقليم أولاً والذي يجري لمرة واحدة، ثم موسم الحراثة وقد يصل لحد حراثة الأرض سبع مرات، ثم يبدأ موسم التوريق وهو قطف ورق الدوالي الزائدة؛ والورق الملاصق لقطف العنب حتى يسهل قفطه ورشه بالمبيد، مبينًا أنه يجب عدم المبالغة بقطف الورق لأنه يحضر الغذاء للثمار.

وأضاف سلطان حول موسم التوريق، أن البعض يقطع حوالي 20 كغم في اليوم بشكل تجاري، ويبيع كغم الورق بمبلغ 25 شيقل وهي بالفعل تجارة مربحة، لكنها تسبب الخسارة في موسم العنب وتقلل جودته.

[[{"fid":"75806","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"5":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":480,"width":640,"class":"media-element file-default","data-delta":"5"}}]]

الموسم الرابع من مواسم إنتاج العنب سنويًا هو موسم رش الدوالي بالمبيدات الحشرية، وأخيرًا يأتي الموسم الخامس القطف والتسويق.

أين دور الجهات الرسمية فيما ذكر؟

المزارع سلطان قال إن وزارة الزراعة قدّمت الدعم لهم قبل خمس سنوات بتوفير الجرافات لاستصلاح الأراضي، لكنه بيّن أن "المبيدات الحشرية مكلفة ولا توفرهاالوزارة، فهي فقط تقوم بإرسال مرشد زراعي للتوعية".

وزارة الزراعة لا توفر مبيدات حشرية للمزارعين، وتكتفي بالإرشاد والتوعية

يؤكد صبارنة أن الوزارة تُقدّم الإرشادات للمزارعين، ولكنها لا تقوم بتوزيع المبيدات الحشرية. ومع بداية هذه السنة بدأت وزارة الزراعة بالتحضير لمحاضرات إرشادية، وتوجيه المزارعين بعدة طرق للوقاية من هذه الآفة الحشرية لتفاديها.

[[{"fid":"75804","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"3":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":427,"width":640,"class":"media-element file-default","data-delta":"3"}}]]

وأضاف أن قطاع العنب من أولويات وزارة الزراعة قطاع الزيتون، وهي تعمل بشكل سنوي ضمن مشروع "تخضير فلسطين" على توزيع ما يقارب من 100-120 ألف شتلة مدعومة في متناول المزارعين.

تجارة العنب وأسعارها محليًا

يقول صبارنة إن أغلب العنب هذا الموسم جرى بيعه في السوق المحلي للاستهلاك الطازج، بينما دخلت نسبة 10-15% من العنب في تصنيع الملبن والدبس والنبيذ، موضحًا أنه في الموسم الحالي لم يتم تصدير العنب للخارج - كما السنوات الماضية - إلى الأراضي المحتلة عام 1948 وقطاع غزة والأردن.

ارتفع سعر العنب هذا العام عن السابق، حتى وصل من المزرعة 8 شيقل في بداية الموسم ثم انخفض في بعض الفترات إلى 4 شواقل، ثم 3 شواقل في نهاية الموسم.

[[{"fid":"75805","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"4":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":427,"width":640,"class":"media-element file-default","data-delta":"4"}}]]

ويفسر صبارنة ارتفاع الأسعار بقلة الإنتاج، وبسبب قرار منع استيراد العنب الإسرائيلي خلال موسم العنب، مؤكدًا أن لديهم إدارة عامة في الرقابة الزراعية تمنع أي تهريبٍ للعنب من إسرائيل.

وفي سياق الحديث عن تجارة العنب، قال المزارع سلطان "نقوم بتسويق العنب في حسبة الخليل وحلحول في السوق المركزي للخضار، ومن هناك يجري تسويقه محليًا أو تصديره للخارج".

يشيد سلطان بقرار منع استيراد العنب الإسرائيلي، وقال إن هذه السنة لم يدخل العنب الإسرائيلي، وبالتالي ارتفع سعره حتى وصل سعر كرتونة العنب في بعض الفترات إلى 80 شيقل، وهي بالعادة كانت تصل إلى 40 شيقل. يُضيف سلطان، "تجارة العنب ليست بالتجارة المربحة. الأرض لا تغني ولكنها تستر الحال".


اقرأ/ي أيضًا:

دير كريمزان.. البداية من نبيذ الصلاة

قيظ فلسطين.. موسم السمر والحب ونضج الثمار

تل.. إمبراطورية التين الفلسطيني