16-أكتوبر-2018

الترا فلسطين | فريق التحرير

تسابق قادة الاحتلال لتهديد قطاع غزة بعدوان غير مسبوق خلال الأيام الأخيرة، ردًا على ماوصفوه بـ"التصعيد الخطير في الجنوب". لكن بموازة تلك التصريحات نقلت صحيفة "هآرتس" العبرية ووسائل إعلامية عبرية عن مصادر رفيعة في جيش الاحتلال أن التطورات على الحدود لا تبرر عملية عسكرية موسعة في غزة. فلماذا هذه التهديدات شديدة اللجهة إذن؟

يعود الأمر كله إلى سباقٍ داخل قادة اليمين السرائيلي، لشعورهم بأن عقد انتخاباتٍ عامةٍ مبكرةٍ بات أمرًا وشيكًا بسبب الخلاف حول قانون فرض الخدمة العسكرية الإجبارية على الشبان المتزمتين دينيًا. وذلك المزاد يُشارك فيه أركان الائتلاف الحاكم بدءًا من رئيس الحكومة وزعيم "الليكود" بنيامين نتنياهو، ووزير جيشه أفيغدور ليبرمان زعيم "اسرائيل بيتنا"، ووزير المعارف نفتالي بينت زعيم "البيت اليهودي"، فالمنافسة المقبلة على الأصوات ستكون داخل كتلة اليمين.

نتنياهو وليبرمان يستخدمان غزة لمنع حزب "البيت اليهودي" من سرقة أصوات الناخبين اليمينيين

الحسابات والمصالح الحزبية فتحت معركةً بين ليبرمان وبينت الذي يحاول سرقة جزءٍ من مصوتي اليمين الذين صوتوا لصالح لبيرمان في الانتخابات الماضية، وفي سبيل ذلك يتهم بينت، لبيرمان، بالخضوع لإملاءات حماس والتفاوض معها تحت النار. فيما يرد ليبرمان باتهاماتٍ مشابهةٍ لبينت.

معركة التنابز بالألقاب بين الاثنين متواصلة، وكلما زاد احتمال تبيكر الانتخابات زاد أوارها. نتنياهو بادر هو أيضًا لإطلاق تهديداتٍ لنفس الأسباب، فهو يعتقد أن حزب "البيت اليهودي" بزعامة بينت ينفذ خطة دعائية لسلب أكبر عددٍ ممكنٍ من مصوتي اليمين ودفعهم للتصويت لصالحه في الانتخابات.

والانتخابات المقبلة سواءً تم تبكيرها أو لا، ستكون فيها المنافسة - بحسب استطلاعات الرأي العام - داخل اليمين، ولذلك فإن إطلاق التصريحات النارية بخصوص غزة هو جزءٌ من المعركة داخل أركان الائتلاف الحاكم. وهناك شواهد أخرى لهذه المعركة، فمثلاً نتنياهو حرص على الإعلان عن اتخاذ قرارٍ يقضى بجلب أكثر من ألف أثيوبي لإسرائيل، وذلك لخطب ود أهاليهم الذي يعيشون داخل إسرائيل. وبعد ذلك بادر ليبرمان لإصدار قرارٍ ببناء 30 وحدة استيطانية في الخليل، وكل هذه الخطوات يراها الكثيرون داخل إسرائيل جزء من الدعاية الانتخابية.

وفيما يتعلق بملف غزة، فقد استبق قادة الاحتلال زيارة رئيس المخابرات المصرية عباس كامل، لـ"تل أبيب" ورام الله، المنتظرة خلال أيام، بإطلاق التهديدات لتحسين الشروط التفاوضية الإسرائيلية، ولدفع مصر للضغط على الرئيس محمود عباس للموافقة على التهدئة.

جيش الاحتلال ليس معنيًا بأي حربٍ قبل نهاية عام 2019، ويؤكد للمستوطنين ذلك

وفي خلاصة الأمر، فإن جيش الاحتلال يفضل أن لا يبادر لعمليةٍ عسكريةٍ موسعةٍ ضد قطاع غزة قبل نهاية العام المقبل، أي بعد الانتهاء من بناء العائق البري المضاد للأنفاق الهجومية، والعائق البحري المعد لمنع التسلل إلى الأراضي المحتلة بحرًا.

وإذا كان اجترار التهديدات الموجهة لغزة أمرًا مفيدًا في السجال الانتخابي، وهو الطريق لقلوب الناخبين في إسرائيل، فإن تنفيذ عملية عسكرية في القطاع؛ مغامرة غير مضمونة العواقب، سيُحَاسِبُ عليها الناخبون، وسيدفع قادة الاحتلال ثمن كل قتيلٍ إسرائيليٍ أو خسارة اقتصادية تقع جراء ذلك العدوان، لا سيما أن جيش الاحتلال يواظب على تذكير الإسرائيليين أن المصلحة لا تقتضي المبادرة لأي حملة عسكرية ضد غزة قبل إنجاز مشاريع لتعزيز قدرته على تحييد صورايخ غزة وأنفاقها في المعركة المقبلة، وسيتم إنجاز تلك المشاريع نهاية العام المقبل.