18-مايو-2023
عزمي الشعيبي: متنفذون في مكتب الرئيس ابتزوا عبد المالك الجابر: أملاكك مقابل إغلاق قضية تبييض تمور المستوطنات

الترا فلسطين | فريق التحرير

قال مستشار الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة - "أمان"، عزمي الشعيبي، خلال إطلاق التقرير السنوي الخامس عشر حول واقع النزاهة ومكافحة الفساد للعام 2022، إنّ تدخلات جرت من "مكتب الرئيس" محمود عباس، وخارج إطار القانون، في قضايا فساد وصلت "هيئة مكافحة الفساد"، بينها تلك المتعلّقة بقضيّة رجل الأعمال عبد المالك الجابر، المتّهم بقضية "تبييض" تمور المستوطنات، وانتهت بابتزازه، وإجباره على التنازل عن أملاك وأراض وتسجيلها باسم أفراد أمن، يعمل أحدهم مرافقًا في مكتب الرئيس.

تدخّل خارج نطاق القانون، من قبل مكتب الرئيس محمود عباس لابتزاز رجل الأعمال  عبد المالك الجابر المتهم بقضيّة "تبييض تمور المستوطنات" وإجباره على التنازل عن أملاك وأراضي في أريحا لتسوية قضيّته

وأوضح الشعيبي خلال حديثه في المؤتمر يوم الأربعاء، أنهم قدّموا عام 2020 ملفًا إلى هيئة مكافحة الفساد يتعلق بقضيية تبييض تمور مستوطنات، التي شارك فيها أشخاص من وزارة الزراعة بعضهم من كبار الموظفين وبدرجة مدير عام، وتورطوا في عملية التحايل مع شركات أخرى من أجل التغطية على هذه الشركات التي تمارس تبييض تمور المستوطنات.

وأفاد الشعيبي، أن دور موظفي وزارة الزراعية كان يقوم على إعطاء شهادات أن هذا التمر هو تمر فلسطيني، بينما هو في حقيقية الأمر من تمور المستوطنات الإسرائيلية، إلا أن الأتراك كشفوا الموضوع ومن ثم قدموا شكوى، وثبت صحة أن التمر من إنتاج مستوطنات إسرائيلية.

كيف تم كشف قضيّة "تبييض تمور المستوطنات"؟

وجرى كشف ذلك وفق الشعيبي بكل ببساطة لأن التمر الذي صُدِّر في ذلك الوقت إلى تركيا، لم يكن حينها التمر الفلسطيني قد أنتج بعد، حيث أن تمر المستوطنات ينتج أولًا، إلا أنهم قاموا بجمع التمر من المستوطنات، وتصديره إلى تركيا بحسب الكوتة المتفق عليها بين الطرفين، والتي منحتها تركيا إلى فلسطين وتبلغ ثلاثة آلاف طن، حيث وصلت كامل الكوتة إلى تركيا قبل إنتاج أي حبة تمر فلسطيني من أريحا، فانكشف الموضوع.

وتابع الشعيبي أن تحقيقًا بدأ من قبل هيئة مكافحة الفساد وثبت أن هناك على الأقل 3 من مسؤولي وزارة الزراعة، ومسؤول واحد من وزارة المالية، وقد تورطوا مع 6 شركات، ومعهم 4 موزعين، و9 منازل تقوم بتعبئة التمور.

وبيّن الشعيبي أن "هذه المنظومة استغلت القوانين"، لكن هيئة مكافحة الفساد وبعد تحقيقها قالت إن هذه الشركات ولكونها شركات قطاع خاص لا ينطبق عليها قانون مكافحة الفساد، وإنما يطبق عليها قوانين أخرى، وأهمها القانون الذي يجرّم التعامل مع منتجات المستوطنات، وطلبت الهيئة من النيابة العامة أن تكمل التحقيق.

وكشف الشعيبي عن وجود شخص من المتورطين من الشركات مقرّب من النظام، وقد تمت تسوية قضيته بهدوء، وإغلاق الملف، لكنّ شخصًا آخر هو عبد المالك جابر، وهو على خلاف مع السلطة بسبب أنه اتهم أحيانًا يأنه مع دحلان (المفصول من فتح محمد دحلان)، وهو شخصية معروفة عند السلطة لأنه كان مديرًا عامًا في شركة الاتصالات، وكان مقرّبًا من السلطة في الأساس، لكن حصل معه خلاف بعد ذلك.

ومضى الشعيبي بالقول إن عبد المالك الجابر كان شريكًا في إحدى الشركات التي مارست "تبييض التمور"، ويملك الجزء الأكبر منها، ومسجلة باسمه، فوجدت السلطة الفلسطينية في ذلك فرصة لتصفية الحساب معه، و"بدأت مفاوضات مباشرة من مكتب الرئيس"، بحضور المستشار القانوني للرئيس، ثم طلبوا من الجابر أن يتنازل عن كل أملاكه (تُقدّر بعشرات الملايين) لصالح شركة صغيرة، مسجّلة باسم شخص يعمل مرافقًا في مكتب الرئيس، وشخص آخر يحمل رتبة ضابط في جهاز الأمن الوقائي.

وعبّر الشعيبي عن استغرابه من إدارة القضية بهذه الطريقة، فهذا عليه قضية يجب أن يحوّل إلى المحكمة، "لماذا تفاوض على لمّ الموضوع، على أن يتنازل عن الشركة والأراضي في أريحا؟!".

ورأى أن هذا النوع من القضايا استخدمت فيه سيطرة السلطة السياسية على السلطة الرقابية مثل النيابة العامة، والتي لم تكن تقوم بالدور المفترض عليها أن تقوم به، وكان يتفاوض عنها مكتب الرئيس، وعندما تستعصي الأمور ولا يوافق الشخص الخاضع للابتزاز، يحضرون النيابة ويطلبون منها البحث عن قضايا قديمة لابتزازه بها تحت الضغط.

الشعيبي: هذا النوع من القضايا استخدمت فيه سيطرة السلطة السياسية على السلطة الرقابية مثل النيابة العامة

وأكد الشعيبي أن القضية لم تعد قضية فساد، وإنما أصبحت قضية صراع على ممتلكات وأموال، وهذا فساد لأنه تحوّل من قضية شخص ارتكب مخالفة، يجب أن يحاسب عليها، إلى مصلحة أفراد يريدون ابتزاز هذا الشخص لإعفائه من المخالفة، من أجل أخذ أمواله، وأصحبت هذه القضية فضيحة في المجتمع الدولي والكل تحدث فيها.

وأفاد الشعيبي أن القضية ما تزال منظورة أمام المحاكم وتحتاج إلى سنوات طويلة، وفي نفس الوقت لم يحاسب أحد من موظفي وزارة الزراعة بما فيهم المدير العام، رغم كل الإثباتات عليهم، وكذلك الأمر بخصوص موظف وزارة المالية المتورِّط في قضية أخرى.

وختم الشعيبي حول هذه القضية بالقول إنه "عندما يكون هناك تدخل سياسي لمصلحة أفراد، يفلت الفاسدون من العقاب، وهذا النوع من الفساد الذي توفره بيئة النظام، فيه مصلحة للاحتلال".