ذاكرة وطنية

محمد الضيف: من المسرح إلى السلاح وسيرة حقبة طويلة

11 فبراير 2025
محمد الضيف.png
قائد كتائب القسام محمد الضيف، في صورة تنشر للمرة الأولى له، بعد إعلان اغتياله
الترا فلسطين
الترا فلسطين

تصدّر اسم محمّد الضيف، كافّة الحروب الإسرائيليّة على قطاع غزّة، إذ كان الضيف، كما لقّب في سنوات مطاردته الأولى، شاهدًا ومشاركًا على وفي حقبة طويلة من تاريخ حركة حماس وجناحها العسكريّ كتائب القسّام، الّذي انتسب إليه مبكّرًا وساهم في تأسيسه، وشارك في عدّة عمليّات له، وقاده لسنوات. عاش الضيف صعود حماس، طوال سنوات، منذ تأسيسها، فيما أعلن عن استشهاده، في حقبة جديدة تشهدها حركة حماس والقضيّة الفلسطينيّة عمومًا، بعد الحرب الإسرائيليّة المدمرة على قطاع غزّة.

طوال سنوات، استطاع محمّد الضيف، تظليل المؤسّسة الأمنيّة الإسرائيليّة، بداية من مطاردته الطويلة، وصولًا إلى فشل اغتياله مرّات عديدة، مع غموض كبير حول حالته الصحّيّة في كلّ محاولة اغتيال له، مع اعتقاد إسرائيل لسنوات بأنّه عاجز عن الحركة، وحتّى عمليّة 7 تشرين الأوّل/أكتوبر، الّتي كانت العمليّة الحربيّة الأكبر في تاريخ الصراع، والّتي تنفذ من قبل الفصائل الفلسطينيّة، الّتي كانت فكرة في رأسه من تسعينات القرن الماضي، إذ قال في مرّة خلال مطاردته بالضفّة الغربيّة: "لو كان معي 1000 مقاتل سأغلب إسرائيل، وإن كان بالنقاط".

بداية نجاة الضيف من الاغتيالات، كانت في 22 آب/أغسطس 2001، إذ حاولت إسرائيل حينها للمرّة الأولى اغتيال محمّد الضيف

لا يُعرف الكثير عن حياة محمّد الضيف، لكنّ المؤكّد، أنّه ولد في قطاع غزّة عام 1965، باسم محمد دياب إبراهيم المصري، لعائلة لاجئة من قرية كوكبا المهجّرة، الّتي وصلت إلى مخيّم خانيونس للّاجئين، حيث عاش ونشأ هناك. كانت عائلة الضيف فقيرة، ممّا أجبره على العمل في سنّ مبكّرة للمساهمة في إعالة العائلة، إلى جانب حضوره الدائم في مساجد منطقته، وصولًا إلى دراسة الثانويّة، ومن ثمّ الانضمام للجامعة الإسلاميّة في غزّة، ودراسة العلوم فيها. وفي تلك الفترة، صار الضيف ناشطًا في الكتلة الإسلاميّة، الّتي تأسّست قبل نشوء حركة حماس في قطاع غزّة.

اعتقل الضيف للمرّة الأولى عام 1989، نتيجة نشاطه العسكريّ في حركة حماس، خلال الانتفاضة الفلسطينيّة الأولى، وتحديدًا في سلف كتائب القسّام، التشكيل الّذي عرف باسم "المجاهدون الفلسطينيّون" وأمضى 16 شهرًا في سجون إسرائيل، بالاعتقال الإداريّ، على خلفيّة نشاطه وبداية تأسيس العمل العسكريّ في حماس.

قبل ذلك، ضمن نشاطه الطلّابيّ، كان محمّد الضيف، مسرحيًّا، ومن هناك جاءت كنيته "أبو خالد"، إذ شارك في تمثيل مسرحيّة "المهرّج" لمحمّد الماغوط، ضمن فرقة "العائدون"، وكانت شخصيّة محمّد الضيف، هي "أبو خالد"، الّتي تناولت الحقبة الأمويّة من حكم الأندلس.

بعد ذلك، خرج "أبو خالد"، من اعتقاله ليكون شاهدًا على تشكّل خلايا عدّة لكتائب القسّام في غزّة، وعلى هذا الأساس انخرط في العمل العسكريّ مباشرة، من تاريخ الإفراج عنه بداية تسعينات القرن الماضي، وحتّى اغتياله في عام 2024.

كان الأسرى، إحدى هواجس الضيف في حياته، وكان أسر جنود الجيش الإسرائيليّ، فكرة حاضرة طوال محطّات حياة محمّد الضيف، إذ كان ظهور الضيف العسكريّ الأوّل في عمليّة أسر الجنديّ نحشون فاكسمان في مدينة القدس، إذ أعلن عن عمليّة الأسر من قطاع غزّة، وكان يشرف عليه مباشرة، وهي من العمليّات الّتي ساهم فيها يحيى عيّاش. وتعوّد أفكار أسر الجنود إلى توافق مع زكريّا الشوربجيّ وصلاح شحّادة على تأسيس مجموعات بهدف أسر الجنود ومبادلتها بالأسرى.

وبالتزامن مع خروجه من السجن، انتقل محمّد الضيف، إلى الضفّة الغربيّة، الّتي عاش فيها فترة مطاردة، وحصل على تسمية الضيف من فترة مطاردته، إذ حلّ "ضيفًا ومطاردًا" على عشرات المنازل والقرى والبلدات الفلسطينيّة، ومن بينها القدس، الّتي عاش في إحدى قراها لمدّة 7 أشهر خلال عام 1993، رفقة الأسير المحرّر تيسير سليمان، وهناك ظهرت مع الضيف أنفاق بدائيّة، داخل آبار المياه. وقال محمّد المصري الّذي صار "الضيف" في مقابلة معه: "واللّه كنت يعني متحرّكًا ضيفًا في هذه الأراضي من شمال قطاع غزّة إلى جنوبه إلى الضفّة الغربيّة، وفي كلّ مكان من هذه الديار الحبيبة"

في تلك المرحلة، تنقّل الضيف في مناطق وسط الضفّة الغربيّة، بينما نشّطت قيادات أخرى في جنوب الضفّة، مثل عماد عقل. ويصف الضيف بلسان من رافقه في تلك الفترة، بأنّه كان "الأكثر هدوءًا بينهم، والأكثر معرفة، وخبرة بالسلاح". خلال تلك السنوات، كان الضيف يتحرّك بهدف بناء تشكيلات عسكريّة وخلايا صغيرة في الضفّة الغربيّة، بينما يتقدّم مسار مواز في قطاع غزّة، و"يتعاظم حضور الضيف في القسّام وحماس"، وبداية مطاردة الضيف الطويلة الّتي استمرّت لمدّة 35 عامًا.

وبينما كان يتطوّر جهاز حماس العسكريّ في غزّة والضفّة الغربيّة، اغتيل مهندس القسّام يحيى عيّاش في عمليّة إسرائيليّة مطلع العام 1996، وعلى إثر الاغتيال، اتّخذ الضيف قرارًا بالردّ على الاغتيال في سلسلة من العمليّات التفجيريّة، الّتي قادها الأسير حسن سلامة.

وبعد هذه العمليّات، تعرّض الجناح العسكريّ لحركة حماس، لضربة كبيرة في سلسلة من عمليّات الاعتقالات، من جانب إسرائيل والسلطة الفلسطينيّة، وصلت إلى اعتقال الضيف من قبل جهاز الأمن الوقائيّ في أيّار/مايو 2000، لكنّه تمكّن من الفرار من معتقله، مع بداية الانتفاضة الثانية.

عاد نشاط الضيف العسكريّ، في ظلّ قيادة صلاح شحّادة للجهاز العسكريّ لحركة حماس، إذ نفذ خلال الانتفاضة في قطاع غزّة سلسلة عمليّات إطلاق نار وتفجير وصلت إلى عمليّات نسف أنفاق واقتحام مستوطنات، وبعد عام 2005، اعتبر الضيف حرب الأنفاق على المستوطنات "القشّة الّتي قصمت ظهر البعير".

خلال تلك السنوات، اتّخذ صلاح شحّادة، قرارًا لتحويل كتائب القسّام من مجموعات مسلّحة وخلايا متفرّقة، إلى ما عرف باسم "جيش القسّام"، وهي عمليّة استكملها محمّد الضيف وأحمد الجعبري في قطاع غزّة، ويعتقد أنّ ملامحها بدأت تكتمل في عام 2005.

محمد الضيف

كانت تلك الفترة، بداية نجاة الضيف من الاغتيالات، إذ في 22 آب/أغسطس 2001، حاولت إسرائيل للمرّة الأولى اغتيال محمّد الضيف مع نائبه عدنان الغول (المعروف أيضًا باسم يحيى الغول) وصلاح شحّادة، قائد الجناح العسكريّ لحماس حينها، ومسؤولين كبار آخرين، إلّا أنّهم تمكّنوا من النجاة.

في تلك الفترة أيضًا، كانت المحاولة الثانية، إذ في 26 أيلول/سبتمبر 2002، أطلقت مروحية أباتشي تابعة للجيش الإسرائيلي صاروخين من طراز "هيلفاير" على مركبة محمد الضيف، الذي كان في طريق عودته من بيت عزاء في حي الشيخ رضوان في غزة. 

وبعد عدة ساعات من المحاولة، تلقت فيها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية معلومات متضاربة فيما يتعلق بمصيره، وتبين أن الضيف لم يُقتل، بل أصيب بجروح خطيرة (فقد عينه وبقيت يده مشوهة - وهي أنباء تبين لاحقًا زيفها) وأصيب نحو 30 فلسطينيًا كانوا حوله، نتيجة الانفجار بينهم اثنان من حراس الضيف.

وخشية من محاولة اغتيال أخرى، لم ينقل محمد الضيف إلى المستشفى بل إلى مكان سري، إذ تم علاجه في البداية على يد الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، الذي كان طبيب أطفال من قبل. ثم خضع لعملية تأهيل العظام على "يد أطباء عرب تم تهريبهم عبر مصر إلى قطاع غزة، رغم أن إصابته سببت له صعوبات في النطق وتحريك أطرافه، إلّا أنه عاد إلى النشاط عام 2003"، وفق السردية الإسرائيلية. 

وجرت محاولة أخرى في أيلول/سبتمبر 2003 عندما ورد بلاغ عن اجتماع لقيادة حركة حماس في شقة بمدينة غزة في حي الرمال، ومن بينهم عدنان العول وإسماعيل هنية ومحمد الضيف وأحمد ياسين. وأطلق جيش الاحتلال على عملية الاغتيال الكبيرة اسم "قطف شقائق النعمان"، وخلالها قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية بناية، كان كبار قادة حماس، يجتمعون في الطابق السفلي منها، ولم يصابوا بأذى تقريبًا. 

بعد سنوات من العملية، قال رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي وقتها، موشيه يعلون (بوغي): إن "فشل عملية الاغتيال كان أمرًا صعبًا". في الوقت نفسه، كان الضيف، يراكم "سمعة" نتيجة نجاته من محاولات الاغتيال هذه، وتحوله إلى قائد عام لكتائب القسام، في أعقاب اغتيال صلاح شحادة.

خلال حقبة الانتفاضة الثانية، وبينما كان الشهيد عدنان الغول، أحد الشخصيات الأساسية في التصنيع العسكري للقسّام، مقربًا من الضيف، أطلقت كتائب القسّام، أول صواريخها على المستوطنات الإسرائيلية، كان ذلك تحت "عناية خاصة قدمها الضيف لقسم التصنيع العسكري في كتائب القسام".

وعن التصنيع العسكريّ، قال محمّد الضيف في مقابلة مع صحيفة فجر الانتصار في أيلول/ سبتمبر 2005: "تطوير السلاح هو المركزيّ في تقدّم عمل الكتائب والتطوير. أوّل بداية في عمل سلاح كانت في أواخر عام 91، كان هناك عمل مسدّس من نوع ستار محلّيّ، لكن لم تكن المحاولة ناجحة. ثمّ تبعها في بداية 92 عمل عوزيّ [سلاح إسرائيليّ] لكن لم يكتمل العمل به، وكشف لدى السلطة وسيطر عليه مع أنّه في النهاية بدأ يثمر وينجح".

وأضاف: "في سنة 94 بعد قدوم أبو بلال الغول [يحيى/عدنان الغول] من الخارج [سوريا] كان عنده خبرة استثمرناها بشكل كبير. وفي بداية 95، قدّم يحيى عيّاش [أي إلى غزة] فكونا طاقمًا ثلاثيًّا (يحيى الغول ويحيى عيّاش وأنا) وبعض الإخوة الآخرين... كان أوّل عمل، التفكير في قضيّة المتفجّرات، فركزنا اهتمامنا في كيفيّة تكوين الصاعق، وكان موجودًا لدينا مادّة TNT من بقايا المصريّين وآثار الحرب السابقة، ولكن لا يوجد فكرة الصاعق، والمادّة المحيطة به، وبدأنا العمل على هذا الأساس. وبدأنا نبحث كيميائيًّا وميكانيكيًّا على تكوين هذه المادّة وبالفعل نجحنا بعد 4 أشهر في تكوين الصاعق، رغم أنّه أمر بسيط في الظاهر".

وتابع محمّد الضيف: "بعد تجهيز الصاعق بدأ ترتيب العمل، الأخ يحيى كان يشتغل في مادّة بيروكسيد الأسيتون، لكن كنّا نحاول تطوير الأمر بشكل أفضل، ولو جزئيًّا وكان الترتيب بعد عمل الصاعق أن نصنع القنبلة وفعلًا بدأت تجارب متتالية، وبعد ستّة أشهر تقريبًا تمّ عمل أوّل قنبلة كانت على شكل قنبلة F1 الروسيّة مصبوبة صبّ، لكن عملناها بشكل آخر بحيث يكون رأسها مشابهًا للقنبلة الإسرائيليّة والجسم مشابهًا لجسم القنبلة الروسيّة. تمّ التطوير والتغيير في القنبلة، حتّى أصبحت في النهاية قنبلة جيّدة جدًّا، هذه كانت بداية العمل على مستوى تصنيع القنابل وبعد ذلك تمّ ترتيب وتطوير عمل صاروخ البتار، وقاذف الياسين وصاروخ القسّام والّتي تعرفونها جيّدًا. وطبعًا هناك دوائر تعمل في التصنيع، هناك دائرة تصنيع صاروخ القسّام، وهناك دائرة الياسين، وهناك دائرة العبوّات والقنابل.. إلى غير ذلك، لكن أنا تكلّمت عن البدايات في تصنيع الصواعق؛ لأنّ الصاعق هو أساس التفجير، ولا يمكن العمل بدونه".

تلك السنوات، حملت معها صورة الضيف الشهيرة، وبينما ظهرت مجموعة محدودة من الصور القديمة له، تلك التي تعود كلها إلى سنوات الثمانينات، باستثناء واحدة من سجون السلطة الفلسطينية، كانت صورة "الظل" التي التقطت داخل أحد منازل غزة، وتصدرت كافة كلمات وبيانات الرجل، هي الأبرز له، وتحولت إلى "صفة" قائد كتائب القسام، الذي ظل خفيًا قليل الكلام لسنوات، "كثير التحرك" رغم اعتقاد الاحتلال بإصابته.

وفي كلمة مسجلة له بعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، ونُشرت في آب/أغسطس تحت عنوان "بمناسبة الاندحار الصهيوني عن قطاع غزة وشمالي الضفة الغربية"، قال محمد الضيف: "اليوم تخرجون من الجحيم، لكننا نعدكم غدًا أن تكون كل فلسطين عليكم جحيمًا".

بعد أقل من عام على انسحاب الاحتلال من غزة، وفي 12 تموز/يوليو 2006، أصيب محمد الضيف بجروح خطيرة جراء هجوم للقوات الجوية التابعة للاحتلال على المنزل الذي كان يقيم فيه. وعقب هذه المحاولة، قدر الاحتلال "بتر يديه وقدميه وإبقائه على كرسي متحرك". وعقب الإصابة، نُقل محمد الضيف لتلقي العلاج الطبي في مصر وعاد إلى غزة بعد ثلاثة أشهر، وفق الزعم الإسرائيلي. وفي غيابه، تولى أحمد الجعبري قيادة الجناح العسكري لحركة حماس، رغم أن اللقب الرسمي ظل محتفظًا به لـ"محمد الضيف". وحينها، صرح رئيس الشاباك السابق، آفي ديختر، عند استقالته من منصبه، أن محمد الضيف "لم يعد يعمل وهو معاق ومصاب بالشلل الجزئي"، وفق قوله. 

في تلك الفترة، أسرت كتائب القسّام، الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، بهدف مبادلته بالأسرى في السجون الإسرائيلية، في عملية عسكرية واحتجاز وتفاوض استمر لمدة 5 أعوام، قاد الجعبري غالبية أجزاء هذه العملية، وانتهت في واحدة من أكبر صفقات التبادل عام 2011.

ومع محاولة الاغتيال، غاب الضيف عن الحضور لفترة طويلة، ولم تخرج عنه الكثير من الأنباء والأخبار، باستثناء، كلمة مسجلة في ذكرى انطلاقة حركة حماس عام 2010. قال فيها: "لا نهنئكم اليوم؛ لأننا نحب الفخر والاحتفال.. لكننا نهنئكم لأن حركتنا وكتائبنا.. تقف اليوم في مواقع متقدمة في المقاومة والقتال والجهاد.. لم نكل ولم نتعب ولم نيأس ولم نتراجع، ولن ننحني أمام كل البطش والعربدة والإجرام الصهيوني".

عاد الضيف إلى الواجهة من جديد، في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، بعد اغتيال أحمد الجعبري، إذ نشرت له كلمة صوتية، قال فيها: "ارتكب العدو حماقة وخطًا فادحًا على المستوى التكتيكي والاستراتيجي بإقدامه على اغتيال القائد الكبير أبي محمد، كما ارتكب خطأ أفدح وأكبر في تقديراته لحجم الرد من كتائب القسام وجميع القوى الفلسطينية المقاومة". وفي تلك المواجهة القصيرة التي استمرت لعدة أيام، قصفت الفصائل الفلسطينية، تل أبيب للمرة الأولى في تاريخها بصواريخ من تصنيع محلي.

وقبل عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، خاضت الفصائل الفلسطينية الحرب الأكبر في تاريخها عام 2014، التي استمرت لمدة 52 يومًا. وكانت واحدة من أبرز معالمها، العمليات في المعسكرات الإسرائيلية عبر الأنفاق، بالإضافة إلى ارتفاع وتيرة القصف الصاروخي وتكرار عمليات قصف تل أبيب.

خلال تلك الحرب، أعلن في وسائل الإعلام الأجنبية، أن الجيش الإسرائيلي قصف منزلًا في خانيونس في 22 تموز/يوليو 2014، في محاولة أخرى لاغتيال الضيف. وبتاريخ 19 آب/أغسطس 2014، ألقت طائرة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي عددًا من القنابل تزن الواحدة طنًا على منزل في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، حيث كان الاحتلال يعتقد  بتواجد الضيف داخل المنزل، وأدى الهجوم إلى استشهاد زوجته، مع ابنتهما البالغة من العمر ثلاث سنوات وابنهما علي البالغ من العمر سبعة أشهر.  وردت حماس بزيادة معدل إطلاق الصواريخ على"إسرائيل.

وبحسب حماس، فإن محمد الضيف لم يصب بأذى في الهجوم، إلا أن المخابرات الإسرائيلية قدرت بشكل غير رسمي استشهاده. وبعد ستة أسابيع، قام رئيس أركان جيش الاحتلال حينه بيني غانتس بتقييم، وجاء فيه: "أحيانًا ترى علامات كما لو كان الشخص موجودًا، وأحيانًا تكون هناك علامات كما لو أن الشخص غير موجود. وفي رأيي أنه على قيد الحياة". وفي عام 2015 أُعلن في إسرائيل أن الضيف ما يزال على قيد الحياة وأنه يشارك في صنع القرار في الجناح العسكري لحركة حماس.

بين محاولات الاغتيال في حرب 2014، ظهرت واحدة من مشاهد الحرب الأخرى، وهي كلمة مسجلة للضيف، تبعها عرض مقطع فيديو لعملية موقع ناحل عوز العسكري التي نفذت عبر نفق، بالإضافة إلى قصف تل أبيب. في تلك الكلمة قال محمد الضيف، يوم 29 تموز/يوليو، بالتزامن مع بداية الهجوم البري على غزة: "إن ما عجزت عن إنجازه الطائرات والمدفعية والزوارق الحربية لن تحققه القوات المهزومة على الأرض".

ساهمت تلك الحرب، أي صمود الفصائل الفلسطينية، في "أسطرة" جديدة للضيف، الذي نجا من محاولات الاغتيال، وصار اسمه "هتافًا شعبيًا" يحضر في المظاهرات الفلسطينية بشكلٍ متكرر، حتى أيار/مايو 2021، الذي كان مرحلة جديدة للضيف، في شعبيته، وفي شكل عملياته، إذ كانت الحرب المبادرة العسكرية الأولى للفصائل الفلسطينية، وارتبطت بتهديد بدأ من قضية منازل حي الشيخ جراح، وصولًا للاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى.

وفي نيسان/أبريل 2021، أصدر الضيف ما وصفه بـ"التحذير الواضح والأخير"، بهدف ثني الاحتلال عن تهجير أهالي حي الشيخ جراح، ولكن مع تطور الهبة الشعبية وتصاعد الأحداث في المسجد الأقصى، قصفت كتائب القسام مدينة القدس، وكان من اتخذ القرار حينها محمد الضيف، الذي تواصل مع وحدة المدفعية المسؤولة عن إطلاق الصواريخ، وأكد عليهم أمر قصف القدس. وخلال الحرب القصيرة، أكد المتحدث الرسمي باسم جيش الاحتلال للإذاعة العبرية هادي زلبرمان، فشل محاولتين لاستهداف الضيف خلال الحرب. 

بعد الحرب، ظهر الضيف مرة أخرى، في ذكرى انطلاقة حركة حماس عام 2022، التي كانت تحت عنوان "آتون بطوفان هادر"، وقال فيها: "لقيادة العدو وجمهوره، أيها الغرباء عن أرضنا، لقد عجز آباؤكم المؤسسون وهم في قمة جبروتهم وانتمائهم لفكرة الصهيونية الخبيثة، عن استئصال شعبنا أو طمس هويتنا، فأنتم اليوم أعجز وأجبن من أن تنجحوا فيما فشلوا فيه". وكانت تلك الاحتفالية، الأخيرة من حماس في غزة، إشارة أخرى لعملية 7 تشرين الأول/أكتوبر.

وفي يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أعلن الضيف عن انطلاق عملية "طوفان الأقصى"، في كلمة مسجلة له، تحدث فيها عن أسباب ومقدمات العملية، قائلًا: "في ظل عربدة الاحتلال وتنكره للقوانين والقرارات الدولية.. قررنا وضع الحد لكل ذلك"، مشيرًا إلى اقتحام القواعد العسكرية. وقال في الكلمة: "هذا يوم الثورة من أجل إنهاء الاحتلال الأخير، ونظام الفصل العنصري الأخير في العالم".

وخلال الحرب هذه، كشف الجيش الإسرائيلي عن صورة حديثة للضيف، كان يرافقه فيها رافع سلامة، قائد لواء خانيونس. وفي تموز/يوليو الماضي، ارتكب جيش الاحتلال مجزرة كبيرة، بذريعة اغتيال قائد القسّام محمد الضيف. ومع دخول وقف إطلاق النار على قطاع غزة، وفي يوم الخميس 30 كانون الثاني/يناير 2024، أعلن الناطق باسم القسّام، أبو عبيدة، عن استشهاد الضيف وسبعة من قادة القسام، في الحرب على قطاع غزة.

الكلمات المفتاحية

انتشال شهداء

أمٌّ غزية تتابع انتشال جثمان نجلها الشهيد من مستشفى كمال عدوان

حصيلة الشهداء الذين سقطوا خلال العدوان الإسرائيلي منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ولم تصل إلى المستشفيات، وبقيت تحت الركام أو في الطرقات، وصلت إلى 14222


عبد الناصر عيسى.jpg

أصرّ الاحتلال على استثنائه من صفقة شاليط.. من هو الأسير عبد الناصر عيسى؟

يُعد الأسير عبد الناصر عيسى من أبرز الأسماء التي سيفرج عنها الاحتلال في صفقة التبادل يوم السبت المقبل


إياد حريبات.jpg

ذاق الويل في السجون.. الأسير إياد حريبات يتحرّر اليوم ضمن صفقة التبادل

من بين 369 أسيرًا، يتحررون ضمن دفعة السادسة من صفقة التبادل، ينتظر الأسير المريض إياد حريبات، اليوم السبت، موعدًا طال انتظاره مع الحريّة. 


233322323.jpg

اليوم في غزة: نهارٌ مقتول وليلٌ من ألم!

ليالي الاختناق ونهار الجري: يوميات الغزيين في مواجهة الموت البطيء، وتحت الخيام والقذائف حكايات بقاء بين الجوع والخوف

 

رمضان بلا مساجد في غزة
تقارير

صور | رمضان في غزة بلا مساجد

استهدفت صواريخ الاحتلال المساجد في قطاع غزة بشكل مباشر، بما في ذلك قصفها على رؤوس المصلين، وتعرضت مساجد أثرية، مثل المسجد العمري الكبير، للتدمير، ووثّق جنود الاحتلال بهواتفهم إحراق المصاحف وتدنيس المساجد

رونين بار وبنيامين نتنياهو
أخبار

المحكمة العليا الإسرائيليّة تجمّد قرار إقالة رئيس الشاباك مؤقتًا

أصدرت العليا الإسرائيلية أمرًا مؤقتًا بتجميد قرار إقالة رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، بعد تقديم التماسات من المعارضة وجمعيات مدنية، وقد منعت المحكمة تعيين بديل له حتى النظر في الالتماسات


القاضي المتقاعد أهارون باراك، الرئيس الأسبق للمحكمة الإسرائيلية العليا
راصد

الرئيس الأسبق للمحكمة العليا: "إسرائيل" على حافة الحرب الأهلية

حذر القاضي أهارون باراك من خطر انزلاق إسرائيل نحو حرب أهلية بسبب التوترات الداخلية المتفاقمة، ودعا إلى التهدئة والتفاوض لتجنّب العنف، منتقدًا محاولات إقالة مسؤولين كبار

نتنياهو طلب تدمير غزة
أخبار

بعد 48 ساعة من بداية العدوان.. نتنياهو طلب تدمير المنازل وقصف كل غزة

كشف الصحفي الإسرائيلي، ناحوم برنياع، عن حوار بين رئيس أركان جيش الاحتلال السابق، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، طالب خلاله نتنياهو في تدمير قطاع غزة

الأكثر قراءة

1
قول

الأرض مقابل الاستسلام.. نتنياهو مبشرًا بـ"الشرق الأوسط الجديد"


2
راصد

خبراء إسرائيليون: الحرب لن تعيد الأسرى واستئنافها دوافعه سياسية


3
راصد

نتنياهو انتهك وقف النار ودفع ترامب للتنازل عنه.. انقسامات في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية