10-أغسطس-2021

بعد 80 يومًا من انقطاع أخباره، تتحدث علياء مع زوجها محمد فطافطة (58 سنة). جاء السؤال مفاجئًا: "كم الساعة؟"، فأخبرته أنها الثالثة فجرًا. كان هذا الاتصال الأول بينهما بعد أن اعتقلته السلطات السعودية بتاريخ 3 نيسان/ابريل 2019، في إطار حملة اعتقالات نُفّذت على مراحل، وطالت 69 فلسطينيًا (بعضهم يحملون الجنسية الأردنية والسعودية)، ثم انتهت بإصدار أحكامٍ، هذا الأسبوع، وُصِفت بأنها "مفاجئة وقاسية".

بعد سنة من اعتقال محمد فطافطة، كانت الزيارة الأولى التي سُمِح بها لزوجته، ولنصف ساعة فقط

يحدثنا عبد الرحمن (46 سنة)، أصغر أشقاء محمد من بلدة ترقوميا غرب الخليل، أن شقيقه درس الرياضيات في جامعة بيرزيت، وسافر إلى السعودية ليحصل على العمل في تسعينيات القرن الماضي، وهناك عمل في شركةٍ بالعاصمة الرياض، ثم تزوج وأنجب ثلاثة أولاد: أكبرهم مجاهد (26 سنة)، ثم كامل (23 سنة)، وأصغرهم عبد الرحمن (20 سنة).

يقول عبد الرحمن: "كنا نسمع أنه محتجز، بس ما بنعرف مين الجهة المحتجز عندها، حتى أُخبرنا عن طريق كفيله في أواخر شهر رمضان بعد 70 يومًا من اختفائه أنه موجود في سجن حائر بالرياض للتحقيق معه. بعدها نُقل إلى سجن أبها في مدينة عسير التي تبعد أكثر من 1500 كم عن الرياض".

بعد سنة من اعتقاله، كانت الزيارة الأولى التي سُمِح بها لزوجة فطافطة، حيث نُقلت بطائرة إلى مدينة عسير، وقضت هناك ليلة في أحد فنادق المدينة، ثم في اليوم التالي سُمح لها برؤيته نصف ساعة فقط.

بحسب عبد الرحمن، فإن شقيقه مصابٌ بأمراض مزمنة مثل الضغط والسكري وديسك في الظهر، لكنه في ذات الوقت كان يؤكد لوالده خلال خمس مكالمات هاتفية أجراها معه في الأعياد أنه "بخير الحمدلله"، ويأخذ أدويته بانتظام. يقول عبد الرحمن، إن العائلة تشك بأن "أحدهم" كان يُملي على نجلها محمد هذه الإجابات، ودائمًا كانت تخشى أن الأمور ليست بخير كما يقول.

المعتقل محمد فطافطة مصابٌ بالسكري والضغط ولم يحصل على أدويته بانتظام

هذه الشكوك تأكدت بعد زيارات زوجته له، فوفق عبد الرحمن، لم يكن محمد يحصل على مميع الدم (يحمي من الجلطات) ولا على أدوية السكري والضغط إلا كل أسبوعين، بل إنه أحيانًا يبقى ثلاثة أسابيع بدون أدوية.

أخيرًا، بعد 28 شهرًا من اعتقال محمد وانتظاره وعائلته المصير الذي تُقرره له السلطات السعودية، جاء الحكم في محكمة الجزائية بالعاصمة الرياض يوم الأحد (9 آب/أغسطس الجاري) بالسجن 6 شهور وترحيله إلى الأردن. يعني ذلك أن محمد قضى في السجون السعودية فترة تزيد بما يقارب السنتين عن الحكم الصادر بحقه.

تنتظر عائلة فطافطة الآن -بفارغ الصبر- وصول نجلها إلى الأردن للالتقاء به بعد كل هذه الغياب والانتظار، وتأمل بأن يعود إلى قريته -مسقط رأسه- لإنهاء هذه المعاناة. هنا، يُشير عبد الرحمن إلى أن إجراءات الإفراج والترحيل قد تأخذ بعض الوقت. وبالتالي فإن موعد هذا اللقاء ليس معلومًا لأحد.


اقرأ/ي أيضًا: 

قطار جوي بين شركات تجسس إسرائيلية والسعودية برعاية جيش الاحتلال

"جائزة صديق إسرائيل" لمحمد بن سلمان