05-يونيو-2022
مراد العباسي

بعدما بلغ الأربعينات من عمره، سيكون مراد العباسي مضطرًا لبدء حياة جديدة خارج مدينته القدس، بعدما قررت سلطات الاحتلال إبعاده خارج الجدار الفاصل الذي يحيط بالمدينة.

يوم الجمعة 3 حزيران/يونيو، ودَّع مراد العباسي (42 سنة) عائلته، ألقى نظرة الوداع الأخيرة على حي عين اللوزة في بلدة سلوان، ومنها خرج مرغمًا إلى رام الله، مصحوبًا بدعوات والديه وبكاء الوداع

يوم الجمعة 3 حزيران/يونيو، ودَّع مراد العباسي (42 سنة) عائلته، ألقى نظرة الوداع الأخيرة على حي عين اللوزة في بلدة سلوان، ومنها خرج مرغمًا إلى رام الله، مصحوبًا بدعوات والديه وبكاء الوداع.

يقول مراد العباسي: "بالأمس وصلت إلى رام الله في الضفة الغربية، ولغاية الآن الأمور غير واضحة حول مستقبلي (..) سأبدأ البحث عن عمل جديد أعيش من خلاله. قال لي أحدهم كيف ستعمل بألفين شيقل في الضفة؟ لكني مستعد لذلك وأستطيع العيش بها، وكذلك أقضي وقتي".

مراد العباسي واخر فنجان قهوة في القدس
مراد العباسي وفنجان القهوة الأخير في القدس

ينوه العباسي أن وضعه المادي كان "ممتازًا" -وفق وصفه- قبل أن يبدأ معركته الأخيرة للبقاء في القدس، فقد كان يملك مكتب تكسي، لكنه اضطر لبيعه، ثم مع الملاحقة المستمرة له وصل إلى أدنى مستوى معيشي، مؤكدًا أن الاحتلال كان يهدف إلى الوصول به إلى هذا الحال، لينتهي الأمر به أخيرًا إلى الإبعاد عن القدس.

مراد العباسي، له ستة أبناء (3 إناث و3 ذكور) بينهم طلبة جامعات، وبالتالي فإن التزاماتهم ومصاريفهم عالية. لكن الأصعب بالنسبة له هي المرحلة الجديدة التي تبدأ العائلة بانفصال مكاني داخل الجدار الفاصل وخارجه. "فأنا الآن لا أستطيع زيارة عائلتي في القدس. لكن زوجتي وأولادي لن يخرجوا منها مهما حصل. ولن أفتح مجالاً لأحد أن يعيش خارج القدس. بل إن هدفي الآن هو العودة إليها" أضاف العباسي.

مراد العباسي، له ستة أبناء (3 إناث و3 ذكور) بينهم طلبة جامعات، وبالتالي فإن التزاماتهم ومصاريفهم عالية. لكن الأصعب بالنسبة له هي المرحلة الجديدة التي تبدأ العائلة بانفصال مكاني داخل الجدار الفاصل وخارجه

وتابع: "بوصلتي الآن فقط تتجه إلى القدس. وما يجري الآن هو محاولة للتخفيف عن الضغط الكبير الذي مورس علي، إلا أن المعنويات عالية".

يُذكر أن مراد العباسي من مواليد القدس، وابن عائلة أصيلة في سلوان، لكن جده خرج من القدس في نهاية الستينات إلى رام الله بضع سنوات. وفي عام 1967، عند احتلال القسم الشرقي من المدينة، أحصت سلطات الاحتلال من يسكنون في المدينة ومنحتهم هويات يُعتبرون بموجبها "مقيمين في القدس".  عندما عاد جدُّ مراد عباسي إلى القدس، كانت عملية الإحصاء قد انتهت، فلم يحصل وأبناؤه على "الهوية المقدسية".

وأوضح العباسي، أنه في عام 2001  تزوج من امرأة تحمل هوية القدس، وفي عام 2004 تم اعتقاله بسبب دخوله إلى القدس بدون تصريح، وعلى أثر ذلك تعرض للسجن الفعلي إضافة إلى قرار مع وقف التنفيذ. على أثر ذلك، سكن مراد عباسي في بلدة أبو ديس، وواصل التردد على المدينة القدس من خلال فتحات في الجدار الفاصل، كما عمل مديرًا للأمن في مستشفى المقاصد، ثم افتتح مكتب تكسي خاصًا به في حي عين اللوزة، أحد أحياء سلوان.

تلغرام

وأضاف أنه في عام 2015 حصل على "تصريح لم شمل" كونه متزوجٌ من امرأة مقدسية، وبموجبه يستطيع السكن في مدينة القدس، إلا أن سلطات الاحتلال جمدت تصريح لم الشمل الخاص به، ما دفعه إلى إغلاق المكتب لاستثمار ثمنه في تكاليف الدعوى التي حاول من خلالها تثبيت حقه في لم الشمل، لكن النهاية كانت عكس توقعاته، فقد خسر القضية.

لا ينوي العباسي الاستسلام لقرار إبعاده عن المدينة. لكن العائق أمامه الآن للاستئناف على القرار هو عائقٌ مالي

وبيّن العباسي، أنه بعد بيع مكتب التكسي الخاص به عمل في مطعم في حي راس العامود، فطلبت منه سلطات الاحتلال تقديم "ورقة مشغل" تثبت أنه يعمل بعيدًا عن حي عين اللوزة، وبعد تقديم هذا الإثبات، استدعت سلطات الاحتلال صاحب المطعم وأبلغته أنه لا يجوز تشغيل مراد عباسي لديه "لأنه يشكل خطرًا على أمن الدولة". يقول: "تركت العمل حتى لا أسبب لصاحب المطعم مشاكل، ومن ثم توجهت للعمل في مطعم آخر في سلوان، ولكن بعد خمسة أيام أعطتني المحكمة قرارًا بالإبعاد عن القدس".

ولا ينوي العباسي الاستسلام لقرار إبعاده عن المدينة. لكن العائق أمامه الآن للاستئناف على القرار هو عائقٌ مالي، فالمحكمة تشترط تدفع كفالة مالية بشكل مسبق، وهو مبلغ كبير لم يعد قادرًا على توفيره بعدما خسر عمله في القدس ومكتب التكسي الخاص به قبل سنوات. "هم يريدون مني الاستسلام، لكني أصر على العودة إلى القدس" يؤكد مراد العباسي في ختام حديثه لـ الترا فلسطين.