معبر الكرامة.. شكاوى من "تأخير" و"واسطات" و"رشاوى" أثناء السفر للأردن

خلال العطلة بين الفصلين الدراسيين، أرادت المعلمة (و. غ)، من مدينة جنين، استغلال الإجازة لأداء مناسك العمرة رفقة والدتها وخالتها، لكنها مرت بظروف "احتجاز وإذلال"، وفق تعبيرها، طوال تنقلها عبر معبر الكرامة في الذهاب والعودة، حولت رحلتها إلى "شكل من أشكال العذاب"، التي يعاني منها الفلسطيني.

"الحديث عن الرشاوي أمر عادي داخل قاعة الـVIP، وبأن بعض الأشخاص لديهم واسطات أو تنسيق خاص ولا ينتظرون كل هذا الوقت ويسافرون بشكل عادي وسريع"

تروي هذه المعلمة التي رفضت الإفصاح عن اسمها، أنهم اضطروا للخروج من منزلهم في جنين عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، وبعد المرور بحواجز الاحتلال في الطريق إلى أريحا وصلوا معبر الكرامة عند الساعة الرابعة فجرًا، وكان بانتظارهم طابور طويل من المركبات، ثم عند الساعة السادسة والنصف بدأت الشرطة الفلسطينية بتوزيع أوراق تحمل أرقامًا على كل مسافر داخل المركبات التي يتواجدون فيها خارج بوابة المعبر، وكان الرقم الذي حصلوا عليه هو 1950.

وأوضحت أن الشرطة سمحت بالدخول إلى القاعة الداخلية عند الساعة الثامنة صباحًا، "لكنَّ المفاجأة كانت أن هناك ألف مسافر يحملون أرقامًا تم تأجيل سفرهم من اليوم السابق، وبالتالي تحول دورها إلى 2950، وهكذا اضطرت مع والدتها وخالتها للانتظار داخل الاستراحة حتى الساعة الواحدة ظهرًا، أي أن 12 ساعة فصلت بين لحظة مغادرتهن من البيت حتى السماح لهن بالسفر.

وتجدَّدت المعاناة في رحلة العودة إلى الضفة الغربية، إذ تُبين المعلمة أنها وصلت جسر الملك حسين من الجانب الأردني عند الساعة السابعة صباحًا، لكنه كان مغلقًا بحجة أنهم سمحوا بدخول كل العدد المسموح لهم بالسفر اليوم ولا توجد طاقة استيعابية، بينما كان الآلاف في الخارج ينتظرون دورهم، رغم أن موعد بدء تسيير الحافلات لم يبدأ بعد، وموعده عند الساعة الثامنة صباحًا.

وأضافت: "قال الشرطي لنا اذهبوا إلى خدمة VIP إن كنتم تريدون الرجوع للضفة الغربية اليوم، ولدى توجههم هناك لم يجدوا أي دور ولا ترتيب ولا أرقام، وإنما يحضر الشرطي بين الفينة والأخرى وينادي على المسافرين بالاسم، و"هناك أشخاص يمرون بالواسطة، بينما البقية ينتظرون لساعات طويلة"، حسب قولها.

وتضيف أنها بعد دخولها للقاعة سلّمت جواز السفر ودفعت 86 دينارًا، و"كل عتَّال يحمل عنهم الحقائب لا يقبل بأقل من 10 دنانير؛ لأنهم في خدمة VIP وليسوا مسافرين عاديين".

وتابعت المعلمة: "بعد انتظارٍ حضر أحد الضباط وقال لهم إن الجسر أغلق وبدأ بتوزيع جوازات السفر علينا بالرغم من دفع تكاليف السفر VIP، وهنا أصابني انهيار عصبي وبدأت بالبكاء وتوجهت إلى مكتب المسؤول وبدأت بالصراخ، حتى سمح لي بالسفر مع آخر سيارة".

تؤكد هذه المعلمة، بأن "الحديث عن الرشاوي أمر عادي داخل قاعة الـVIP، وبأن بعض الأشخاص لديهم واسطات أو تنسيق خاص ولا ينتظرون كل هذا الوقت ويسافرون بشكل عادي وسريع".

وفي تعليق مقتضب، قال مدير شرطة المعابر في محافظة أريحا والأغوار مصطفى دوابشة، إنَّ شهر كانون الثاني/يناير الماضي شهد تنقُّل أكثر من 158 ألف شخص عبر معبر الكرامة، حيث بلغ عدد المغادرين 82 ألف شخص، بينما بلغ عدد القادمين حوالي 76 ألف قادم.

وأشار مصطفى دوابشة إلى أن حركة المسافرين في كانون الثاني/يناير كانت نشطة مقارنة بالشهور الأخرى، و"السبب الرئيسي في ذلك هو رحلات العمرة في هذه الفترة من العام". مع رفضه الحديث عن أي تفاصيل أخرى حول الموضوع.

من جانبه، يقول منسق حملة "بكرامة"، طالب عوض، إن هذه الأزمة الكبيرة في معبر الكرامة لها عدة أسباب، الأول أنه يعمل حتى الساعة الرابعة عصرًا، وليس على مدار الـ24 ساعة كما السابق، والثاني إغلاق المعبر يوم السبت بشكل أسبوعي.

وبيَّن طالب عوض لـ"الترا فلسطين"، أن رحلات العمرة والأعداد الكبيرة من المسافرين التي تأخذ من حصة المسافرين هي أيضًا سببٌ إضافيٌ لهذه الأزمة، بالإضافة إلى تجار الدخان، وعطلة المدارس والزيارات العائلية خلال هذه العطلة. ورأى عوض، أن الحل الأبرز لهذه المشكلة هو فتح الجسر على مدار 24 ساعة.

وردًا على سؤالنا لعوض حول الشكاوى المتعلقة بخدمة الـVIP، أجاب طالب عوض، أن الإقبال زاد على هذه الخدمة، لكنها تأخذ من حصة المسافرين العاديين، و"بالتالي فإن المطلوب أن يكون هناك ترتيبٌ لهذه الخدمة، وأن يكون لها حصةٌ إضافية وليس من حصة المسافرين العاديين، أي أنه في حال كان الاتفاق على سفر 50 حافلة في اليوم، فيجب أن تكون خدمة الـVIP لها حصة إضافية من الحافلات وليس من ضمن الـ50 حافلة الأساسية، كما يجب أن تكون العمرة مضافة إلى هذا العدد أيضًا".

ودعا عوض أيضًا إلى تقليل عدد المعتمرين وعدم ضغطهم في هذه الفترة من العام، و"هذه مسؤولية وزارة الأوقاف والشؤون الدينية"، حسب قوله.

وأشار طالب عوض إلى أن ضريبة المغادرة ارتفعت إلى 178 شيقلاً مع بداية العام الحالي، و"هذا رقمٌ كبيرٌ جدًا، ويجب دفعه على جميع الفئات العمرية، بما في ذلك الأطفال، ودون أي خصومات".

وفي تعقيبه على هذه الأزمة، يقول المحامي أحمد الأشقر، وهو محاضر القانون في الجامعة العربية الأميركية، إن رئيس الحكومة الفلسطينية "لا يكترث لعذابات شعبه على جسر الكرامة الذي ليس له من اسمه نصيب، فمنذ أسابيع، نساء وأطفال وكبار في السن ومرضى يبيتون في العراء لساعات طويلة بانتظار العودة إلى بيوتهم، والآلاف يتدافعون بشكل مهين للعبور إلى معبر لا يفتح أبوابه إلا نصف نهار، ويغلق أبوابه فعلياً أغلب ساعات الأسبوع".

وأضاف أحمد الأشقر، في منشور على حسابه في موقع فيسبوك: ربما يكون رئيس الحكومة ووزرائه لا يعلمون بذلك لأنهم يسافرون عبر (Vip) أو عبر تنسيق خاص (..) سيقول البعض أن الحكومة لا تملك من أمرها شيئًا، وسأقول أنها تملك لو أرادت الضغط بشتى الطرق لتمديد ساعات العمل وتنظيمه، وإذا كانت لا تستطيع فلماذا يدفع شعبنا أتاوة المغادرة ورواتب آلاف الموظفين".

أعرب أحمد الأشقر عن اعتقاده أن السلطات الأردنية لن تمانع في تمديد ساعات عمل المعبر، "لأن تدفق المسافرين أمرٌ يهمه"، وقال: "أعتقد أن الاحتلال كذلك، لأنه يأخذ نصيبه من أتاوة (ضريبة) المغادرة

وأعرب الأشقر عن اعتقاده أن السلطات الأردنية لن تمانع في تمديد ساعات عمل المعبر، "لأن تدفق المسافرين أمرٌ يهمه"، وقال: "أعتقد أن الاحتلال كذلك، لأنه يأخذ نصيبه من أتاوة (ضريبة) المغادرة وربما يتجاوب مع الضغط من قبل الشؤون المدنية وحتى ضغط من قبل وكالات الأمم المتحدة، سيما أن هذا الأمر لن يكلفه كثيرًا".

ووصف أحمد الأشقر المعاناة في السفر من الضفة الغربية بأنها "جزءٌ مسكوتٌ عنه من معاناة شعبنا، وجزءٌ من مشكلة غياب الرقابة البرلمانية والمحاسبة، وجزءٌ من حالة الانفصام في الشخصية التي يعانيها النظام السياسي الفلسطيني برمته"، داعيًا رئيس الحكومة أن يتحرك، "وإلا فليستقيل، هو وحكومته، وبذلك يوفر على شعبنا مصاريف الـ (Vip) على الأقل".

وحاولنا في "الترا فلسطين"، التواصل مع مدير عام الإدارة العامة للمعابر والحدود الفلسطينية، نظمي مهنا، للرد على تفاصيل القضية، دون التمكن من الحصول على رد.