01-يوليو-2018

صورة توضيحية - (gettyimages)

قد يحدث يومًا أن "تنزلق" عبارة غير مفهومة من لسان فلسطيني إذا تحدث مع عربي آخر في موضوعٍ ما، طالبًا منه إعادة ما يقول أو تفسير ما قال باللكنة العربية الأكثر قربًا إلى الفصحى. لكن الطريف إذا حدث حوارٌ مماثل بين فلسطينيين ولم يفهم أحدهما ما قيل، رغم أن ما سمعه كان باللهجة المحلية.

ولتخصيص الحالة الفلسطينية؛ فإن أحدهم قد يشعر بالحرج في نسب عبارةٍ ما سواءً فهمها أو لم يفهمها المستمع إلى قريته أو قبيلته، وبلدته، فتراه "يضطر" للتوقف لحظات قبل النطق بكلمةٍ مناسبة واستبدالها باللهجة العامية المفهومة لدى الجميع.

مفردات اللغة العربية الفُصحى تُخفق كثيرًا في الوصول إلى الدهاليز والزوايا الضيقة كما تفعله اللهجة الفلسطينية

ورغم صغر مساحة فلسطين التاريخية؛ وذلك قد يُقارب - فرضيًا- بين لهجات سكانها. فسكان الجبل والسهل والمدينة والساحل والغور والقرية والبادية تمتد على 27 ألف كيلومتر مربع فقط، وهي بالكاد تظهر على الخريطة العالمية، إلا أنها شديدة الثراء بمفرداتها وتعابيرها وتراكيبها، بحيث لا تُدانيها اللغة العربية الأُم.

اقرأ/ي أيضًا: كلمات عثمانية على ألسنتنا.. هل تعرفون معانيها؟

وبحسب محمد توفيق السهلي في موسوعته "المصطلحات والتعبيرات الشعبية الفلسطينية" الصادرة عن مركز جنين للدراسات الاستراتيجية، والتي ضمت 4360 مفردة وتعبيرًا، فإن مفردات اللغة العربية الفُصحى تُخفق في كثير من الأحيان بالوصول إلى الدهاليز والزوايا الضيقة كما تفعله اللهجة الفلسطينية.

ويبدو أن مئاتٍ من تلك التعبيرات اندثرت؛ فلم يعد الناس يستخدمون ما قيل في تراثهم وتناقله آباؤهم وأجدادهم، كما يُخشى من دورٍ إسرائيلي لا يٌبرّأ في كل تفاصيل صراعه مع الفلسطينيين ومحاولاته لطمس كل تراثنا الشعبي بما فيه المحكي.

ولا تنفصل الثقافة الشعبية الفلسطينية عن نظيرتها الكنعانية (بلاد الشام)، لكن أهمية فلسطين في شجرة العائلة تكمن في كونها المركز. وتم إضعاف هذا المركز منذ نكبة 1948، حيث تم تدمير التطور الطبيعي للشعب الفلسطيني، مما ساهم في خلق ثقافة شعبية هجينة، خصوصًا في المنفى.

وهنا نستعرض بعض التعبيرات الفلسطينية التي شارفت على الاندثار والنسيان:

ما قيل في الأرض والفلاحة:

بْعاره: أو التبعير و"التّبعُر": أي أن يقوم الناس، وخصوصًا الفقراء بالذهاب إلى حقول الزيتون بعد جنيه، وجمع ما تبقى من بعض الحبّات من هنا وهناك. ومنه قولهم: "فلان يتبعّر".

الشاقوق: الرجل القوى وأمهر الحصّادين، ويأخذ مكانه في المقدمة، يشق الزرع بمنجله، محققًا أكبر كمية في الحصد بأقل مدة من الزمن.

ما قيل في النباتات والفاكهة والخضروات:

الزنبوط: الجزء الداخلي من الخَسّة، وتكون أوراقه صغيرة وطريّة نسبيًا، وجمعها زنابيط.

شالق نيعُه: الزيتون إذا تم دقّه ويُخلّل بالماء والفلفل والملح. شالق نيعه أي فاتحًا فمه من كثر الدق.

ما قيل في البيت والبناء:

التّصوينة: السور المحيط بالمنزل أو قطعة الأرض. ومنه: (مْصوّنْ) أي محاطُ بتصوينة، وصوّنها: أحاطها بتصوينة.

وْجاق: حفرة بالحائط تُشعل فيها النار، وفيها مجرىً للدخان الذي يُصرف عبر الجدار إلى السطح إلى الهواء. ويُحرق في الوْجاق وقود من الحطب.

ما قيل في الملابس والزينة:

برطوشة: فردة الحذاء القديم البالي. والجمع برطوشات أو براطيش.

رجل الجاجة: عبارة تقولها المراة الفلسطينية على إحدى القُطب في تطريز ثوبها.

ما قيل في الأواني المنزلية:

البقلولة: وعاء فخاري يستخدم لترويب الحليب ليصبح لبنًا.

الزعبوبة أو البعبوزة أو الزنبوعة: مصب إبريق الفخار.

ما قيل في الأدوات الشعبية:

البريموس: وهي تسمية اخرى للبابور. ويقال للإنسان الغبي: (راسه مثل راس البريموس).

الشرشوح: هو الفزّاعة، أي ما يُنصب في المزرعة لتخويف الطيور.

ما قيل في الألعاب الشعبية:

أنا النحلة: لعبة شعبية يلعبها صغيران، ويدير كل منهما ظهره للآخر، وينوب كلاهما على حمل الآخر بمقدار رفعه عن الأرض، وهما يُرددان: أنا النحلة، ويرد الآخر: أنا الدبور. أنا مسافر، على اسطنبول.

المراتي: لعبة شعبية تكون برمي الأسهم الخشبية المُدبّبة في الأرض الطينية المبتلة.

ما قيل في الغناء والموسيقى:

أبو الزلف: قالب لحني منتشر في شمال ووسط فلسطين ولبنان، ومنه:

هيهات يا أم الزلف.. يا أم الزلف هيا

تُلْتين عقلي شرد.. في هوى البنيّة

عً اليادي: قالب لحني انتشر في شمال فلسطين ودول الجوار. ومنه:

عُ اليادي اليادي اليادي .. يا أم العْبيديّه

بُعدك كاوي فؤادي .. عودي يا عينيا

ما قيل في الأوقات وأحوال الطقس:

جهجهة الضو: يعني انبلاج الفجر وانكشف عنه الظلام.

قطّبت الدنيا: مصطلح للدلالة على الوقت السابق لسقوط المطر، حيث تتراكم السحب بشكل مكثف وتختفي الشمس تمامًا.

ما قيل في الأكل:

دنينْ أبو علي: أكلة شعبية، وهي اسم آخر لأكلة (الشيشبرك).

مصحف الله: كناية عن الخبز. ويقال: "وحياة هالعيش اللي هو مصحف الله".

ما قيل في الحيوانات:

أبو الِعْيال: كناية عن البغل، لأنه عنصر فعال في زراعة الفلاح.

العلْما: الناقة إذا كان لونها أسود بالكامل.

ما قيل في الزواج والحمل والولادة:

إجرها خضرا: تعبير يقال في العروس إذا نزل المطر ليلة زفافها.

بدها تنقي على عينها: كناية عن الفتاة التي ترغب بانتقاء زوج المستقبل دون رغبة أهلها.

ما قيل في الأسرة والأقارب:

حليبهم فسد: كناية عن عقوق الوالدين.

دمّكْ سمّكْ: كناية عن الأقارب قد يحقد بعضهم على بعض.

ما قيل في الصفات الخَلقية والخُلقية والطباع:

ترلّلي: عديم الفهم، طائش العقل. وهي تركية الأصل.

عينه مش مُملحة: كناية عن الطفل الوقح. وقد كانوا يُنقّطون في عين الطفل عدة نقاط من الماء المملح حتى لا يصبح وقحًا.

ما قيل في الباعة ونداءاتهم:

من جورة العسل: ينادي بها بائع البطيخ، فيقول من جورة العسل يا بطيخ.

الدّندرْمَة: البوظة العربية، وهناك أغنية قديمة غنّاها بائعوها: "ثلاث تشكال الفرقيطة.. حليب وليمون وشوكوليطة.

ما قيل في المعتقدات الشعبية:

أبو مِحرِز الإحمر: اسم شيطان، كانوا يعتقدون أنه يسيطر على أيام الثلاثاء.

زوبعة الأبيض: اسم شيطان، كانوا يعتقدون أنه يسيطر على أيام الجمعة.

ما قيل في الموت:

انقطع الخيط: كناية عن موت رب الأسرة.

برّدِن عزاه: كناية أن قريبات الرجل الميت إذا لم يقمن بـ"واجبات" الندب والنواح، وإلا فإن نساء الحمايل سيُعيّرونَهُنّ بأن ميتهن قليل المكانة، وأنهن جعلن من عزائه باردًا لا حرارة فيه.

التعابير والمفردات الاصطلاحية:

أبو كمّونة: يُطلق على من كان شديد البخل على نفسه والآخرين. وسبب التسمية أن رأس نبتة الكمّون مغلق كيد البخيل.

دكّن: جمع المال وخبأه وحرص عليه.

شرْوَط: سقط منه بعض الطعام أثناء تناوله.


اقرأ/ي أيضًا:

كلمات فرعونية في لهجتنا العامية

الشتاء في لهجتنا العامية

أبناؤك ليسوا تجرب