منظومة الليزر الإسرائيلية الجديدة: بين الفاعلية الميدانية واحتياجات الحرب النفسية
29 مايو 2025
في ذروة حرب الاستنزاف الممتدة على الجبهة الشمالية مع حزب الله، ومع استمرار العمليات العسكرية في غزة والضفة الغربية، أعلن الجيش الإسرائيلي عن استخدام فعلي لمنظومة ليزر "دفاعية" جديدة لاعتراض طائرات مسيّرة أُطلقت من لبنان. الإعلان أتى مصحوبًا باحتفال إعلامي يوحي بـ"إنجاز استثنائي"، لكن قراءة معمّقة تكشف أن ما يُقدَّم على أنه تحول تكنولوجي قد يخفي وراءه دوافع نفسية وسياسية أكثر من كونه واقعًا عسكريًا ناجزًا.
تبقى المنظومة محدودة بمدى الرؤية المباشرة، وتضعف فاعليتها في الظروف الجوية الصعبة، وهو ما يجعلها أقرب إلى طبقة مكمّلة مؤقتًا للأنظمة التقليدية، لا بديلًا عنها.
وفقًا لبيان رسمي، تمكنت المنظومة من اعتراض "عشرات الأهداف"، في أول استخدام عملياتي لها، بينما لم يُقدم أي توثيق مصور، أو تفاصيل فنية دقيقة حول طبيعة الأهداف، أو نسبة النجاح، أو الظروف الجوية والميدانية المحيطة بالعملية.
المنظومة تعتمد على أشعة ليزر قوية موجهة نحو أهداف طائرة صغيرة، مثل المسيّرات، وتتميّز نظريًا بأنها:
منخفضة التكلفة مقارنة بصواريخ الاعتراض.
فورية في الاستجابة (سرعة الضوء).
لا تتطلب مخزونًا صاروخيًا، بل مصدر طاقة فقط.
لكن في المقابل، تبقى المنظومة محدودة بمدى الرؤية المباشرة، وتضعف فاعليتها في الظروف الجوية الصعبة، وهو ما يجعلها أقرب إلى طبقة مكمّلة مؤقتًا للأنظمة التقليدية، لا بديلًا عنها.
وتعاني "إسرائيل" منذ أشهر من تصعيد في هجمات الطائرات المسيّرة من لبنان، ومن نجاحات لافتة لأجنحة عسكرية فلسطينية في غزة باستخدام طائرات استطلاع وهجوم غير مكلفة ولا يمكن اعتراضها جميعًا عبر القبة الحديدية. وحسب التحليل العسكري يمكن إيجاز إشكالية الأنظمة "الدفاعية" التقليدية كالتالي:
القبة الحديدية أصبحت مكلفة للغاية عند استخدامها ضد أهداف منخفضة الثمن (مثل طائرات مسيّرة بـ1000 دولار تُسقط بصاروخ اعتراض يكلف أكثر من 50 ألف دولار).
الأنظمة الحالية (مثل باراك 8 ومقلاع داود) مصممة لأهداف أكبر وأكثر وضوحًا من طائرات صغيرة الحجم.
منظومات التشويش الإلكترونية أثبتت أنها غير فعالة في بيئات مشبعة ومركّبة مثل ما يجري على حدود لبنان.
من هنا، جاء إدخال منظومة الليزر كـ"حل اقتصادي وتقني" لمسألة الاستنزاف جرّاء الحرب طويلة الأمد.
وترتكز العقيدة العسكرية الإسرائيلية منذ عقدين على مبدأ "التفوق التكنولوجي لتعويض العمق الاستراتيجي"، ما يفسّر استثمارها المكثف في البحث والتطوير العسكري. لكن اختبار هذه العقيدة خلال الحرب الحالية كشف نقاط ضعف، أهّمّها:
الاعتماد المفرط على التكنولوجيا لم يمنع المفاجآت التكتيكية مثل اختراق حدود غزة في أكتوبر 2023.
الانكشاف أمام المسيّرات أثار قلقًا عسكريًا دفع إلى تسريع إدخال الليزر، رغم أنه لم يكن جاهزًا للتفعيل الكامل قبل عام 2026، وفق تقارير سابقة.
تعدد الجبهات فرض الحاجة إلى طبقات جديدة من الدفاع قد تكون أقل كلفة وأسرع انتشارًا، ولو بفاعلية جزئية.
وترافق الإعلان عن استخدام الليزر مع حملة إعلامية مفاجئة، استخدمت فيها مصطلحات مثل "تحوّل تاريخي في ساحة القتال" و"ثورة تكنولوجية"، ما يوحي بأبعاد تتجاوز التقنية والعسكرية.
قراءة سياسية
تعاني الحكومة الإسرائيلية من تراجع شعبي واسع، وتواجه انتقادات بسبب طول أمد الحرب وخسائرها، ما يجعل أي إنجاز رمزي وسيلة لرفع المعنويات. كما أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يستثمر في إبراز الإنجازات الأمنية لاستعادة موقعه السياسي، وخاصة في ظل دعوات متصاعدة لإجراء انتخابات مبكرة.
كذلك من المهم الانتباه إلى أن الرأي العام الإسرائيلي يعاني من إنهاك نفسي ومادي، وبالتالي فإن إعلانًا كهذا، حتى لو لم يغيّر المعادلة ميدانيًا، قد يُستخدم لإعادة ترميم صورة الردع.
يُقال إن الحرب الحديثة ليست فقط حرب سلاح، بل أيضًا حرب موازنات. والجيش الإسرائيلي يواجه اليوم معضلة حقيقية تتمثل في الجوانب التالي:
كلفة الصواريخ الاعتراضية باهظة مقارنة بالتهديدات.
ميزانية الجيش ارتفعت بشكل غير مسبوق منذ أكتوبر 2023، وسط أزمة اقتصادية وتضخم متصاعد.
استخدام الليزر كبديل اقتصادي – إذا أثبتت فعاليته – قد يسمح بإعادة توزيع الموارد إلى مجالات أخرى كالقوات البرية، أو دعم الأمن السيبراني.
لكن حتى الآن، لا توجد مؤشرات حقيقية على أن الليزر يمكنه استبدال الأنظمة القديمة؛ بل هو مجرد عنصر جديد في مشهد دفاعي معقّد. ورغم أهمية تطوير منظومات "دفاع" ليزرية، يظل ما جرى اليوم أقرب إلى نقطة اختبار تجريبي تحت ضغط الجبهة اللبنانية، أكثر منه تغييرًا جذريًا في موازين القوة. فالإعلان في توقيت كهذا، دون عرض فيديو أو إثبات عملياتي موسّع، يضع علامات استفهام حول أهدافه الحقيقية.
وبينما تستعرض "إسرائيل" قدرتها على الابتكار، فإن واقعها الأمني والعسكري لا يزال مرهونًا بتحديات لا تحلّها تقنية وحدها، بل تحتاج إلى قرارات استراتيجية عميقة تعالج تآكل الردع، وتفكك الجبهات الداخلية، والضغوط الدولية المتنامية.
الكلمات المفتاحية

الأمهات في يومهن الأول بعد الحرب
من سيقنع الأمهات اللواتي اعتدن ضجّة البيت، واتساخ الأواني، وتكدّس الملابس في سلال الغسيل، ومنع التجوّل فترة الامتحانات، وصوت المنبّهات في الصباح من كل غرفة، أنه لم يعد هناك أحد؟

واشنطن تساهم بـ70% من المجهود الحربي الإسرائيلي.. هل تمتلك كامل السيطرة؟
"إسرائيل" ليست قوة عسكرية مستقلة بذاتها، بل هي في جوهرها مشروع تمويل استراتيجي أميركي يمنح واشنطن قدرة فعلية على التأثير في السياسة الدفاعية والاستراتيجية الإسرائيلية.

البلادة النفسيّة واللامبالاة الجماعيّة: محاولة فهم تجاهل قطاع غزّة.. «الضحيّة المقدّسة»
الصمت المتزايد والتبلد النفسي المستمر يدعوان إلى مراجعة جذرية لكيفية تعاملنا مع قضايا حقوق الإنسان، ويدعواننا للعودة إلى جوهر القيم الإنسانية التي تُعلي من شأن الحياة وتحترم كرامة الإنسان

اعتداءات المستوطنين في الطيبة: بؤرة استيطانية وحرمان من الأرض ومحاولات حرق كنيسة الخضر
قال راعي كنيسة المسيح الفادي للاتين، بشار فواضلة، لـ"الترا فلسطين"، إن الاعتداءات على الطيبة "قديمة جديدة"

اشتباكات في غزة.. إصابات في صفوف جيش الاحتلال واستهداف مكثف لآليات الاحتلال
شنّ سلاح الجو الإسرائيلي غارات على نحو 90 غارةً في أنحاء القطاع

أطفال غزة يعانون بسبب "بدائل الحفاضات" أيضًا
أسعار الحفاضات ارتفعت إلى 10 شواكل على الأقل للواحدة منها، ولذلك اضطرت الأمهات لاستخدام أكياس من النايلون وقطع قماش بدل الحفاظات

السفير الأميركي في تل أبيب يزور قرية الطيبة بعد تصاعد هجمات المستوطنين
في الطيبة، أضرم المستوطنون النار مؤخرًا في مقبرة خارج كنيسة الخضر التي يعود تاريخها إلى القرن الخامس