06-ديسمبر-2024
المشروع النووي الإسرائيلي

مفاعل ديمونا النووي

تعرض هيئة البث الاسرائيلية "قناة كان" فيلم "الذرة وأنا"، وهو سلسلة وثائقية جديدة تكشف فيها لأول مرة عن تفاصيل حول البرنامج النووي الإسرائيلي، بدءًا من شراء "إسرائيل" للمفاعل النووي من فرنسا في أوائل الستينات وبنائه في ديمونا عام 1960، مرورًا بكيفية إدارة المشروع النووي بسريّة تامة، بما في ذلك تأمين التمويل اللازم له، والتغطية على النوايا الحقيقية خلفه، ومجابهة التحديات والضغوطات الدوليّة.

"الذرة وأنا" سلسلة وثائقية تكشف تفاصيل سرية عن البرنامج النووي الإسرائيلي، بما في ذلك شراء المفاعل من فرنسا وجهود الحفاظ على سريته وعمليات تأمين اليورانيوم

واحد من أبرز المواضيع التي تم كشف النقاب عنها في السلسلة هي المقابلات مع شخصيات بارزة مثل عاموس عيران، المدير العام السابق لمكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، الذي تحدث عن السلاح النووي الإسرائيلي في العديد من السياقات. وأيضًا مقابلة بنيامين بلومبرغ، الذي يعتبر من أبرز الشخصيات التي لعبت دورًا محوريًا في المشروع النووي الإسرائيلي طوال عدة عقود، وكان له دور حيوي في الحفاظ على سرية المفاعل ومنع تسريب المعلومات المتعلقة به للخارج.

ووفقًا لما ورد في فيلم "الذرة وأنا" كان بلومبرغ، مسؤولًا عن إنشاء وحدة أمنية سرية مكلفة بالحفاظ على سرية المفاعل ومنع تسريب أي معلومات عن المشروع إلى الدول الأخرى، وخاصة الولايات المتحدة. في بداية الأمر، كانت الوحدة تُسمى "مكتب العلاقات العلمية"، لكنها في الواقع كانت وحدة استخبارات علمية تعمل على حماية المفاعل النووي من أي تسريب أو كشف.

استعرض الفيلم أيضًا كيفية عمل بلومبرغ على إخفاء المعلومات المتعلقة بالمشروع النووي، بما في ذلك منع الكشف عن نوايا إسرائيل الحقيقية من وراء إنشاء المفاعل. وخلال فترة عمله، كان بلومبرغ في صراع مستمر مع شخصيات بارزة في جهاز الأمن الإسرائيلي، لا سيما مع رئيس الموساد أيسر هرئيل.

كان بلومبرغ شخصًا محوريًا في العمل على الحصول على اليورانيوم اللازم لتشغيل المفاعل بعد أن توقفت فرنسا عن دعم المشروع، وقد تقاعد بلومبرغ من منصبه عام 1981 بعد ضغوط لاستبداله من حكومة الليكود، رغم معارضة رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن في البداية.

خلال فيلم "الذرة وأنا"، يجري أيضًا استعراض دور "مكتب العلاقات العلمية" في عمليات سرقة التكنولوجيا واليورانيوم الذي كان أساسيًا لإتمام المشروع النووي. إذ بدأ المكتب كوحدة سرية كانت مسؤولة عن حماية المفاعل من التسريبات، بما في ذلك منع كشف هوية العاملين الفرنسيين الذين ساهموا في بناء المفاعل، وتغطية نوايا إسرائيل الحقيقية بشأن استخدامه لأغراض عسكرية. ومع مرور الوقت، تطور المكتب إلى وحدة استخبارات علمية وتقنية، حيث تولى شراء المعدات والمواد الأساسية للمفاعل، بما في ذلك اليورانيوم الطبيعي.

في الجزء الأول من السلسلة الوثائقية يتم أيضًا الإشارة إلى إيلاهو سخروف، وهو رجل أعمال وصناعي، وهو أحد الشخصيات الرئيسة وراء العمليات السرية التي قام بها المكتب. إذ قام بتأسيس شبكة علاقات مع رجال أعمال ألمان، بينهم طيار سابق في الجيش النازي الألماني، من خلالها تم شراء 200 طن من اليورانيوم الطبيعي الذي استخرج من منطقة كتانغا في الكونغو، وقد تم الحصول على اليورانيوم عن طريق خداع شركة تعدين بلجيكية كانت تبحث عن مشترين له. بفضل هذه الشبكة، تم نقل اليورانيوم إلى ميناء أسدود عام 1968، ثم إلى ديمونا.

كما تم تسليط الضوء على السياسة النووية الإسرائيلية التي اتبعت استراتيجية "الضبابية النووية" منذ بداية الستينات، حيث كان يهدف القادة الإسرائيليون إلى إبقاء العالم في حالة من الشك حول امتلاك إسرائيل للأسلحة النووية. كانت هذه السياسة نتيجة لضغوط دولية كبيرة، خصوصًا من إدارة الرئيس الأميركي جون كينيدي، الذي كان يسعى للحد من انتشار الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط. من خلال هذه السياسة، استطاعت "إسرائيل" تجنُّب التصعيد الدولي والحفاظ على استقلاليّتها، مع الحفاظ على قدرتها على المناورة في محيطها الإقليمي والدولي.