من المدرسة إلى البيت.. كيف يتنقل الطلاب في مدينة طولكرم؟
9 يونيو 2025
كيف يُمكن لطفلٍ في المرحلة التعليمية الابتدائية أن يصل من منزله إلى مدرسته في مدينة طولكرم؟ المدينة التي تتعرض مع مخيميها لعدوان منذ أواخر كانون الثاني/يناير الماضي، يستنسخ فيه جيش الاحتلال جرائمه في غزة، من نسف المنازل وتهجير أهلها إلى الإعدامات الميدانية وفتح طرق تناسب "احتياجاته الأمنية"، عدا عن تواجده الدائم في المدينة ومخيميها.
العملية التعليمية في طولكرم تعرضت لتشوهات بسبب النزوح وانقطاع التعليم الوجاهي نحو شهرين في الفصل الدراسي الثاني، هذا عدا عن تأثير الإغلاقات والسواتر الترابية على سلاسة التنقل والوصول إلى المدارس
نشأت السيد، الطالب في المرحلة الابتدائية، تبدلت هوية شارع نابلس -الذي يقيم فيه- من شارعٍ رئيسٍ وحيويٍ إلى شارعٍ للثكنات العسكرية الإسرائيلية، أو كما وصفه بالعامية بالـ"زكزاك" المتعرج مرة يمينًا ومرة شمالاً بسبب السواتر الترابية.
يتابع نشأت مع والدته أماكن تواجد الجيش كل صباح كي يضمنا وصولهما إلى المدرسة دون أن يعترضهما الجنود. وأكثر ما لفتني في حديثي معه حفظه لأنواع من الآليات العسكرية، مثل "بوز النمر" و"دي 9".
والدة نشأت، الصحفية سندس علي، تقول: "نحن نعيش في شارع نابلس وهو تقريبًا يقع في المنتصف بين مخيمي طولكرم ونور شمس، وكان يُعدُّ شارعًا حيويًّا قبل أن يصبح شبه فارغ ويُحول الجيش بنايات سكنية فيه إلى ثكنات عسكرية".
تعيش سندس مع عائلتها في حالة تأهب لأن يكون بيتهم هو التالي في عمليات الإخلاء التي ينفذها جيش الاحتلال في طولكرم. وتقول إن طفليها قاما بتجهيز أغراضهما في حقائب ليكونا جاهزين في حالة اضطرارهم لمغادرة المنزل، مبينة أن الظرف الحالي أوجد شعورًا لدى نشأت بالخوف وانعكس ذلك على نومه، ودائمًا يسألها عن احتمالية حدوث اقتحام أو قصف وهو نائم، أو عن توجسات أبعد من ذلك.
كان نشأت يتعلم في مدرسة "راسم كمال" وهي الأقرب إلى منزل العائلة، حيث تقع على شارع السكة القريب من شارع نابلس، لكنه أصبح شارعًا لمرور الآليات العسكرية إلى مخيم نور شمس، وهذا ما دفع عائلته إلى نقله لمدرسة "طه حسين" التي لا تعد آمنة هي الأخرى، لكنها قريبة من مكان عمل أحد أفراد العائلة، ويستطيع أن يصل إليها لأخذ نشأت في حالة حدوث اقتحام أو اعتداء من الجيش، كما أنها قريبة من مكان عمل والدته.
وتروي سندس كيف انعكست الأوضاع العامة على تدريس طفليها في البيت قائلة: "تركيز طفليَّ مشتتٌ بسبب الزنانة وصوت مرور الآليات العسكرية على الشارع، إذ يتوجهان إلى النافذة لمراقبتها وعدِّها حتى أصبحا على معرفة بأنواع منها، كما أنهما يربطان أي صوت خارجي بالآليات العسكرية الإسرائيلية".
ولا تقتصر هذه الحالة على ظروف تعليم نشأت وشقيقه، بل أيضًا على تغير هوية بعض الأماكن من حولهما سواءً في مخيم طولكرم أو في "الديشة" مكان لعبهما السابق القريب من مدرسة "راسم كمال".
أثناء تنقلي بين هذه المدارس، قُمت بعدِّ الخطوات بين أحد مداخل مخيم طولكرم ومدرسة "زنوبيا" في شارع نابلس، وقد تصل المسافة بينهما إلى حوالي 55 خطوة. وهناك قابلت الطالبة ملك يعقوب في الصف العاشر حيث وصفت لي شعورها الدائم بالخوف وسط الظرف الذي تشهده طولكرم.
قالت ملك يعقوب: "أعرض حياتي للخطر كل يوم بسبب مروري من أمام العمارات التي تحولت إلى ثكنات عسكرية، أصادف الجنود أغلب الأوقات، ومرة أوقفوني ولم أفهم ماذا قالوا لأنهم كانوا يتحدثون بالعبرية، طلبت أن يتحدثوا بالانجليزية لكنهم لم يكترثوا ولاحقًا سمحوا لي بالذهاب".
وتتحدَّث فتحية حمدي من مخيم نور شمس عن فقدان القدرة على التحكم بالوقت ورسم خطوات تعليم أبنائها الخمسة بسلاسة، نتيجة العدوان على المخيم ولاحقًا اضطرارهم إلى النزوح، حيث كانت محطتهم الأولى في منزل أختها بعزبة ناصر قبل أن ياستأجروا بيتًا في ذات المكان، ليستقروا فيما بعد في حي الأقصى بضاحية شويكة.
وأوضحت فتحية حمدي في حديثها لـ "الترا فلسطين"، أن المعاناة بدأت قبل النزوح، عندما كان الجيش يشن عدوانًا على المخيم لفترات لا تتجاوز أيامًا يقوم خلالها بتدمير البنية التحتية، "وهذا الأمر انعكس على تعليم طفلتي وعلى قدرة وصول حافلات الروضة إليها، واضطررنا بسبب الأوضاع إلى نقلها من المدينة لضاحية اكتابا كي تكون قريبة على المخيم".
وعندما نزحت عائلة فتحية حمدي إلى العزبة أصبح من اللازم عليها أن تجد روضة لطفلتها قريبة على المنزل، وتم الأمر بعد صعوبة ومعاناة بسبب رفض أكثر من روضة أطفال إدخال أعداد جديدة على الفصل. ولم ينتهِ الأمر عند هذا الحد مع اضطرار العائلة لاحقًا لنقل مكان إقامتها إلى ضاحية شويكة، ليجدوا أنفسهم مجددًا أمام مشكلة المواصلات بخصوص روضة طفلتهم.
تتدرج المراحل الدراسية لأبناء فتحية حمدي من الروضة وحتى الجامعة، ولم يقتصر حديثها عنهم على الظروف التعليمية بل على المشهد بشكل عام، مستذكرةً مشاهد وأصواتًا عاشوها في المخيم لم تستطع حينها أن تطمأن نفسها كي تفعل ذلك لأبنائها.
من جانبه، منسق اللجان الشعبية في الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان بالضفة، سهيل سلمان، أوضح لـ الترا فلسطين أن العملية التعليمية في طولكرم تعرضت لتشوهات بسبب نزوح الأهالي من مخيمي طولكرم ونور شمس وانقطاع التعليم الوجاهي نحو شهرين في الفصل الدراسي الثاني قبل أن يُستأنف في نيسان/أبريل الماضي، هذا عدا عن تأثير الإغلاقات والسواتر الترابية على سلاسة التنقل والوصول إلى المدارس.
وقال سهيل سلمان: "حتى عندما تم استئناف التعليم الوجاهي في المدينة وضواحيها، تأخرت خمس مدارس ثانوية وأساسية للبنات في الحي الشرقي في تنفيذ ذلك عدة أيام بسبب الأوضاع الأمنية".
الطلبة يواجهون صعوبة في الوصول إلى مدارسهم، ويضطر بعضهم إلى سلك طرق أطول بسبب الحواجز الترابية وتدمير وإغلاق بعض الطرق
وأكد سهيل سلمان أنه كان هناك ضرورة لعودة التعليم الوجاهي لإنقاذ المراحل التعليمية في المدينة ودعمها، خاصة المرحلة الأساسية منها، وذلك على الرغم من تخوفات الأهالي والكادر التعليمي بسبب استمرار العدوان الإسرائيلي وتواجد الجيش وآلياته في المدينة.
وشدَّد سلمان أن الطلبة يواجهون صعوبة في الوصول إلى مدارسهم، ويضطر بعضهم إلى سلك طرق أطول بسبب الحواجز الترابية وتدمير وإغلاق بعض الطرق، تحديدًا في المناطق القريبة من مخيمي طولكرم ونور شمس أو بينهما، مثل شارع نابلس، وبعض المناطق القريبة من ضاحية ذنابة، أو بينها وبين المخيمين، أو بين مخيم نور شمس واكتابا.
يُشار أن تقريرًا نشرته القناة الـ14 الإسرائيلية في شهر شباط/فبراير الماضي، أكد أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستنسخ "محور نتساريم" في طولكرم وجنين، حيث يقوم بشق شوارع في جنين وطولكرم، ولكن ليس لنفس الغرض الذي أنشأ لأجله "محور نتساريم" في وسط قطاع غزة، فالغرض من هذه الشوارع في شمال الضفة هو إعادة الهندسة والتصميم للمخيمات بالكامل، ومنع المقاومين من زرع عبوات ناسفة تحت الشوارع القائمة، وتوفير مسار سريع لتحرك القوات.
الكلمات المفتاحية

اعتداءات المستوطنين في الطيبة: بؤرة استيطانية وحرمان من الأرض ومحاولات حرق كنيسة الخضر
قال راعي كنيسة المسيح الفادي للاتين، بشار فواضلة، لـ"الترا فلسطين"، إن الاعتداءات على الطيبة "قديمة جديدة"

أطفال غزة يعانون بسبب "بدائل الحفاضات" أيضًا
أسعار الحفاضات ارتفعت إلى 10 شواكل على الأقل للواحدة منها، ولذلك اضطرت الأمهات لاستخدام أكياس من النايلون وقطع قماش بدل الحفاظات

كرة القدم في غزة تحت نيران الحرب.. الملاعب مراكز اعتقال واللاعبون شهداء
منذ بدء الحرب، تحوّلت ملاعب غزة إلى مراكز اعتقال ودمرت معظم المرافق الرياضية، بينما قُتل مئات الرياضيين الفلسطينيين، بينهم نجوم بارزون. أحلام اللاعبين تبخرت، وآمال الاحتراف انهارت، لتصبح الرياضة هدفًا مباشرًا في حرب الإبادة.

اعتداءات المستوطنين في الطيبة: بؤرة استيطانية وحرمان من الأرض ومحاولات حرق كنيسة الخضر
قال راعي كنيسة المسيح الفادي للاتين، بشار فواضلة، لـ"الترا فلسطين"، إن الاعتداءات على الطيبة "قديمة جديدة"

اشتباكات في غزة.. إصابات في صفوف جيش الاحتلال واستهداف مكثف لآليات الاحتلال
شنّ سلاح الجو الإسرائيلي غارات على نحو 90 غارةً في أنحاء القطاع

أطفال غزة يعانون بسبب "بدائل الحفاضات" أيضًا
أسعار الحفاضات ارتفعت إلى 10 شواكل على الأقل للواحدة منها، ولذلك اضطرت الأمهات لاستخدام أكياس من النايلون وقطع قماش بدل الحفاظات

السفير الأميركي في تل أبيب يزور قرية الطيبة بعد تصاعد هجمات المستوطنين
في الطيبة، أضرم المستوطنون النار مؤخرًا في مقبرة خارج كنيسة الخضر التي يعود تاريخها إلى القرن الخامس