تزوَّجتُ وأنا في الصفّ العاشر. لم أكمل دراستي رغم تفوّقي. أنجبت طفلين، ثم تقدّمت للتوجيهي عام 2000، كلمات لخّصت فيها نبأ خندقجي مشوارها في تعليم مادة الرياضيّات التي جعلتها الأحبّ لطلبتها، إلى أن حازت لقب "معلم فلسطين" للعام 2021.
احتوي طلابي كأمّ، ألاقيهم بالكثير من الحب.. نبأ خندقجي.. قصّة تحدّ ونجاح للفوز بلقب "معلم فلسطين"
وعشية يوم المعلم الفلسطيني (14 كانون أول/ ديسمبر)، أعلنت وزارة التربية والتعليم، فوز المعلمة نبأ من مدرسة دير الغصون الأساسية الدنيا بمديرية طولكرم، بلقب "معلم فلسطين"، وذلك خلال احتفاليّة بمقر المعهد الوطني للتدريب التربوي، في رام الله.
المسابقة التي انطلقت منذ ستة أعوام، شارك فيها هذا العامّ 42 معلمًا ومعلمة، تأهل منهم 10 للمرحلة الثانية، وتنافس على النهائيات ثلاث مُعلمات هُنّ رشا أبو عيشة، ولبنى أبو عودة ونبأ خندقجي (أبو زيتون) التي فازت بالجائزة.
وعادةً يتأهل للمسابقة معلمون ومعلّمات تُرشّحهم مديريات التربية والتعليم ومشرفيها التربويين، بحيث يُقدّم المعلمون المترشحون ملفات تتضمّن مبادراتهم التي قاموا بها، والإنجازات التي حقوقها خلال مسيرتهم التدريسية. بعد ذلك يتم فحص الملفات المقدّمة، ومدى مطابقتها للمعايير التي تعتمدها وزارة التربية والتعليم، بحيث يتم اختيار 10 معلمين/ات، ثم يتم إجراء مقابلات معهم للتعرّف على شخصياتهم ومكامن التميّز عندهم، لاختيار ثلاثة منهم فقط، ويتبع ذلك المرحلة النهائية من المسابقة، وتتمثّل بحضور اللجان المختصّة حصصًا دراسية يقدّمها آخر المتنافسين الثلاثة، لاختيار أحدهم للفوز بلقب "معلم فلسطين".
المعلمة نبأ خندقجي التي حظيت باللقب هذا العام، لم تزد أعوام عملها في مدارس التربية عن ثمانية. تخرّجت قبل سنوات بتقدير امتياز من "جامعة القدس المفتوحة"، رغم أنه كان يقع على عاتقها العناية بخمسة أبناء.
أطوّر أدواتي التدريسية باستمرار، وأقدّم وجبة تعليمية سهلة الهضم تتناسب مع عمر الأطفال الطلبة، وتراعي الفروقات بينهم
سألناها في "الترا فلسطين" عن ما يميّزها في حقل التدريس ليدفع وزارة التربية لاختيارها للقب. فقالت إنها تطوِّر باستمرار أدواتها المستخدمة في التعليم بحيث تتناسب مع عمر طلبتها الأطفال، كما أنها تراعي الفروقات والحاجات والقدرات المختلفة لديهم، لتقدّم لهم في النهاية "وجبة" تعليمية يسهل عليهم هضمها.
السرّ الآخر يكمن في علاقتها مع طلابها؛ تقول المعلمة نبأ إنها تحتويهم كأمّ، وتلاقيهم بالكثير من الحب، وترفع معهم شعار "بالحب نتعلّم"، الأمر الذي جعلهم يحبّون مادة الرياضيات ويتفوقون فيها.
وتشير المعلّمة التي حببّت طلبتها بمادة الرياضيات رغم أن كثيرين منهم كانوا يمقتونها، إلى أنها لم تكن تُحبّ الرياضيات في طفولتها "كنت أتذكر معاناتي مع هذه المادة"، لكن الأمر اختلف لاحقًا، حتى صارت الآن تقدّم رياضيات مشوّقة للطلاب تعتمد على الكثير من اللعب، تجعلهم يتلهفون لـ "كتاب الستّ نبأ".
المعلّمة التي قاست كثيرًا إلى أن حازت اللقب، تقول إنّها اضطرت لترك مدرستها في الصّف العاشر -رغم تفوقها- وتزوّجت في سنّ 16 عامًا، ثم أنجبت طفلين، قبل أن تقرر عام 2000 إكمال دراستها والتقدّم لامتحانات الثانوية العامة، ثم الالتحاق بالدراسة في جامعة القدس المفتوحة، لتتخرّج منها بتقدير امتياز، وهي الأمّ لخمسة أبناء، أصغرهم الآن طفلة في الصّف الثالث.
ويحظى الحاصل على لقب "معلم فلسطين" بألفي دولار كقيمة مادية للجائزة. لكن المعلمة نبأ تقول إن قيمة الجائزة المعنوية هو ما يهمها، كون فوزها باللقب يضاعف مسؤولياتها في التدريس، ويدفعها لأن تواصل للأمام.
وأثناء الاحتفالية الخاصّة بإعلان الجائزة، قال وزير التربية والتعليم مروان عورتاني، إن التعليم من أصعب المهن، وهو أصعب في فلسطين، نتيجة ما يعانيه المعلم بفعل الاحتلال الإسرائيلي الذي زرع المشقّات والصعوبات في الدروب، حرم المعلمين والطلبة من تعليم مستقر وآمن.
وحثّ عورتاني على ضرورة تجذّر ثقافة التميز في بنية النظام التعليمي، وأشار إلى أنهم وصلوا إلى المراحل النهائية لصياغة وثيقة مهننة التعليم التي تعطي مسار ارتقاء مهنيّ للتميز فيه، وتستند إلى معايير شفافة يحصل بموجبها المعلم على مكافأة مالية وإدارية.
اقرأ/ي أيضًا: