هآرتس: رفح وجباليا "سُويت بالأرض".. دمار يفوق هيروشيما
14 يونيو 2025
"رفح سُويت بالأرض ومُسحت: لم تعد هناك مدينة بهذا الاسم – وليست الوحيدة"، بهذا العنوان الصادم استهلّ الصحفي الإسرائيلي نير حسون تحقيقه في صحيفة هآرتس، واصفًا واحدة من أشدّ حملات التدمير في التاريخ الحديث؛ مدينة رفح جنوب قطاع غزة محيت بالكامل تقريبًا. فيما كتب طبيب فلسطيني مذهولًا عن جباليا: "لا بيت ولا شجرة ولا روح".
وفاق حجم الدمار الإسرائيلي في قطاع غزة بحسب التحقيق، ما شهدته هيروشيما وناغازاكي، فيما توالت خمس موجات من القصف والجرافات لسحق الحجر والبشر.
من بيت لاهيا وبيت حانون إلى خان يونس ورفح وغزة، لا مستشفيات، لا مدارس، لا بنى تحتية. أكثر من مليون نازح يعيشون اليوم في مخيمات مكتظة بالبؤس والذباب. وفي المقابل، يفاخر جنود إسرائيليون باقتلاع الأحياء بجرافات D9، بينما يتبنّى اليمين الإسرائيلي المتطرف شعارات علنية للاستمرار في إبادة غزة.
رفح.. مدينة في الذاكرة فقط
يؤكد حسون أن ما جرى في رفح ليس استثناءً، بل جزء من نمط تدميري ممنهج طال غالبية مدن ومخيمات القطاع منذ 7 أكتوبر 2023. ينقل شهادات ميدانية وصور أقمار صناعية توثق كيف تحولت مدينة كانت نابضة بالحياة إلى مساحة رمادية بلا معالم.

في تشرين أول/ أكتوبر 2023، بدت رفح كمدينة مكتظة: مبانٍ ومساجد وطرقات وبساتين. لكن في حزيران/ يونيو 2025، باتت رقعة رمادية مسطحة مغطاة بالركام. نسبة الدمار، بحسب الصور وتحليل التقرير، تفوق تلك التي شهدتها هيروشيما وناغازاكي.
جباليا.. البداية ثم تعميم النموذج
في شهادة لطبيب من شمال غزة كتب في كانون أول/ ديسمبر الماضي: "جباليا تحولت إلى صحراء قاحلة، سكانها اقتُلعوا قسرًا، بيوتها هُدمت، وحيواناتها نُفقت. هذه الصورة ستبقى شاهدًا على واحدة من أحلك الفترات في التاريخ الحديث".
وبحسب التقرير فإن جباليا، التي تحوّلت إلى رمز للكارثة، باتت اليوم جزءًا من قائمة طويلة: بيت لاهيا، بيت حانون، شرقي غزة، ضواحي خانيونس، واليوم رفح.
وفي مقارنة بالمدن العالمية التي دُمّرت في الحروب، يقول حسون إن حجم الدمار في رفح يفوق ما شهدته مدن كحلب، الموصل، سراييفو، وكابل، بل ويقترب من حجم الدمار في بخموت الأوكرانية، رغم أن عدد سكان الأخيرة كان أقل بكثير من رفح.
ويشير إلى أن عدد سكان رفح قبل الحرب بلغ 275 ألف نسمة – وهو ما يعادل تقريبًا عدد سكان حيفا – فيما كان عدد سكان جباليا 56 ألف نسمة (يعادل عدد سكان يفنه)، وبيت لاهيا 108 آلاف نسمة (كهرْتسيليا)، وبيت حانون 62 ألف نسمة (كغفعاتايم). جميع هذه المناطق، كما يوضح التقرير، تم محوها بالكامل.
ثلثا مباني قطاع غزة دُمّرت أو تضررت (174 ألف مبنى من أصل 250 ألفًا)
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، تعرّض نحو ثلثي مباني قطاع غزة للتدمير أو الضرر، أي ما يعادل 174 ألف مبنى من أصل نحو 250 ألفًا. من بينها، دُمر 90 ألف مبنى كليًا أو تضرّر بشكل جسيم، بينما أصيب 52 ألف مبنى بأضرار متوسطة. أما 33 ألف مبنى آخر فتظهر فيها مؤشرات تضرر، من دون إمكانية تقدير حجم الخسائر بدقة.

وإلى جانب المباني السكنية، طالت آلة التدمير الإسرائيلية المستشفيات، المصانع، المساجد، الكنائس، الأسواق، والمراكز التجارية. وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن 2,300 مؤسسة تعليمية تعرّضت للقصف، من بينها 501 مدرسة باتت بحاجة إلى إعادة بناء كامل أو إصلاح شامل. كما تم تدمير نحو 81% من شبكة الطرق والبنى التحتية الأساسية للمياه، والكهرباء، والصرف الصحي.
ووفقًا لتقرير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، سجّل قطاع غزة انخفاضًا كارثيًا في القطاعات الزراعية: عدد الدجاج البياض انخفض بنسبة 99%، وقطعان الماشية بنسبة 94%، بينما تراجع قطاع الصيد البحري بنسبة 93%.
أمّا كمية الركام التي خلّفتها الحرب، فيُقدّرها التحقيق بنحو 50 مليون طن. وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن إزالة هذا الركام قد تستغرق ما يصل إلى 20 عامًا.

يعيش اليوم أكثر من مليون نازح في مخيم ضخم بمنطقة المواصي الساحلية. وقد ارتفعت الكثافة السكانية في المخيم إلى مستويات مأساوية، بحيث تُنصب بعض الخيام فوق الأرصفة، وفي مكبّات النفايات، وحتى بين الركام. ويعيش السكان في ظروف صحية كارثية: بلا صرف صحي، بلا كهرباء أو مياه نظيفة، وسط أسراب كثيفة من البعوض. أما الطعام الذي يُقدَّم كمساعدات، فكثير من العائلات عاجزة عن طهوه بسبب غياب الوقود أو وسائل الطهي. الجوع بادٍ في كل مكان.
ورصد التحقيق آلاف المنشورات في وسائل التواصل تطالب بـ"تسوية غزة". شخصيات سياسية وإعلامية إسرائيلية تبنّت الدعوة علنًا. الحاخام زربيب نفسه تفاخر في مقابلات تلفزيونية: "بدأنا بهدم مبانٍ من خمس وست وسبع طوابق.. الطريقة تطورت وهي ناجعة".
خمس موجات تدمير
يقسّم حسون عمليّة تدمير قطاع غزة إلى خمس مراحل:
المرحلة الأولى: غارات جوية مكثفة بعد 7 أكتوبر، سقط خلالها 6,000 قنبلة في أسبوع واحد.
المرحلة الثانية: في أوائل 2024، خلال إنشاء منطقة عازلة على حدود القطاع، حيث تم تسوية آلاف المباني.
المرحلة الثالثة: بدء عملية رفح، وتوسيع محور فيلادلفيا، واستخدام ناقلات جنود مفخخة يتم التحكم بها عن بُعد لتدمير مبانٍ.
المرحلة الرابعة: تدمير المدن الشمالية، كبيت لاهيا، بيت حانون وجباليا.
المرحلة الخامسة: مستمرة حتى اليوم – التدمير الكامل لرفح ومناطق جديدة من القطاع.
عندما يصبح الدمار "عاديًا"
يختم حسون تحقيقه باقتباس صادم من جندي احتياط إسرائيلي، حين قال: "المفاجئ حقًا هو السرعة التي يصبح فيها كل شيء طبيعيًا. بعد ساعات قليلة، تجد نفسك تتأقلم مع حجم الدمار. تفقد القدرة على الانفعال. يصبح الأمر عاديًا".
الكلمات المفتاحية

ذا إنترسبت: منظمات أميركية ترعى "الجنود المنفردين" في جيش الاحتلال
كشف تحقيق لموقع "ذا إنترسبت" عن عمل منظمات غير ربحية أميركية على تحويل ملايين الدولارات إلى متطوعي الجيش الإسرائيلي

مسؤول في الخارجية الأميركية: انتقاد إسرائيل قد يؤدي إلى إلغاء التأشيرات
شهد مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية، بأن مكتبه، الذي كلفته إدارة ترامب بفحص منشورات الطلاب الأجانب على وسائل التواصل الاجتماعي وإلغاء تأشيرات الطلاب، عمل هذا العام دون تعريف عملي لـ "معاداة السامية" ويعتبر بشكل روتيني انتقاد إسرائيل كجزء من عمله

جمعيتان بريطانيتان تتبرعان بملايين الجنيهات الإسترلينية للاستيطان الإسرائيلي في الضفة
قال الخبير في شؤون الاستيطان الإسرائيلي درور إتكس: "من المرجح أن تكون المدرسة هي المصدر الأكبر للتوظيف في المستوطنة، وتشكل أحد العناصر الرئيسية لوجود المستوطنة بأكملها"

اعتداءات المستوطنين في الطيبة: بؤرة استيطانية وحرمان من الأرض ومحاولات حرق كنيسة الخضر
قال راعي كنيسة المسيح الفادي للاتين، بشار فواضلة، لـ"الترا فلسطين"، إن الاعتداءات على الطيبة "قديمة جديدة"

اشتباكات في غزة.. إصابات في صفوف جيش الاحتلال واستهداف مكثف لآليات الاحتلال
شنّ سلاح الجو الإسرائيلي غارات على نحو 90 غارةً في أنحاء القطاع

أطفال غزة يعانون بسبب "بدائل الحفاضات" أيضًا
أسعار الحفاضات ارتفعت إلى 10 شواكل على الأقل للواحدة منها، ولذلك اضطرت الأمهات لاستخدام أكياس من النايلون وقطع قماش بدل الحفاظات

السفير الأميركي في تل أبيب يزور قرية الطيبة بعد تصاعد هجمات المستوطنين
في الطيبة، أضرم المستوطنون النار مؤخرًا في مقبرة خارج كنيسة الخضر التي يعود تاريخها إلى القرن الخامس