28-ديسمبر-2019

أنهت "صابرين" و"خالد" -أسماء مستعارة- شراء الذهب من أحد المحال التجارية في شارع عمر المختار غرب مدينة غزة، ثم أوصل الشاب خطيبته وأمها إلى منزلهما وغادر برفقة والدته، لكن في اليوم التالي عادت الفتاة مع والديْها إلى صاحب محل الذهب تريد إرجاعه.

حالات طلاق بين عرسان في غزة بسبب استبدال العرائس للذهب الأصلي باكسسوارات مشابهة تعرف باسم الذهب الصيني

بالفعل أخذ صاحب المحل الذهب وأعاد المبلغ إليهم ناقصًا على أساس أنه أعاد شراءه منهم بسعر اليوم، بعدما أقنعوه بأسباب خاصة لإرجاعه. توجهت "صابرين" مع والدها إثر ذلك إلى محل "سوار" المتخصص ببيع الاكسسوارات المعروفة باسم "الذهب الصيني"، وعرضا على صاحب المحل صورًا للذهب الذي كانت قد اشترته في اليوم السابق، وطلبا منه اكسسوارات شبيهة به، بحجة أنها أضاعت الذهب في الجامعة ومضطرة لشراء اكسسوارات مشابهة تبدو كأنها ذهب لأنه لم يتبقَّ للزفاف إلى أيام.  

اقرأ/ي أيضًا: الذهب في غزة في عصره الحجري

يسرد لنا التاجر يوسف شقورة، صاحب محل "سوار"، القصة، قائلاً إنه لم يقتنع بالمبرر الذي قدمته "صابرين" ووالدها، "لكن لا علاقة لي بدوافع فلان وعلان، فأنا أبيع الذهب الصيني وسعر القطعة عندي يتراوح ما بين 10 شواقل إلى 50 شيقل".

اكتشف شقورة لاحقًا تفاصيل القصة بعد تداولها بين تجار الذهب في المدينة، فالحقيقة أن والد "صابرين" كسب 1600 دينار هو سعر الذهب المرجع، واشترى لها ذهبًا صينيًا بديلاً بثمن بخسٍ.

ودخلت تجارة الاكسسوارات التي تعرف باسم "الذهب الصيني" إلى قطاع غزة قبل نحو 8 سنوات، حيث لاقت إقبالًا لدى الفتيات والسيّدات المتزوجات نظرًا لجمال القطع وقربها من حيث الشكل واللون والرونق من الذهب. كما لجأت إليه أخريات بديلاً عن الذهب الأصلي بسبب التردي المستمر للوضع الاقتصادي في القطاع الذي يقابله استمرار ارتفاع سعر الذهب.

كما يلجأ إلى شراء الذهب الصيني عددٌ غير قليل من العرائس مراعاة للوضع الاقتصادي الذي تسبب بانخفاض المهور وعدم قدرة الشباب على القيام بكافة تكاليف الزواج، وهذا الأمر يختلف تمامًا عن عمليات نصب تم اكتشافها كالمذكورة أعلاه.

وتعرضت محلاتٌ عديدةٌ في قطاع غزة لعمليات نصب واحتيال تمثّلت باستبدال قطع ذهبية صينية بأخرى أصلية داخل محلات الذهب الأصلي، وأخرى حدثتْ في أمور الزواج بشراء قطع ذهبية صينية من طرف أهل العروس وإيهام الطرف الآخر بأنه ذهب أصلي.

يصف شقورة صاحب محل الذهب الصيني عمليات النصب بأنها "كثيرة" ويقول: "ثلاثة أرباع من يأتون لشراء الذهب الصيني من عندي يكون لعروس، وبعضها بعلم العريس وأخرى دون علمه، وفي حالات وصلت الأمور إلى الطلاق".

تجار اكسسوارات: عمليات النصب من خلال ما يسمى الذهب الصيني كثيرة، بعضها نحن ضحاياها وأخرى بين العرسان

قبل نحو أشهر جاء رجل لشقورة يريد أن يبيع إسوارتين كانت قد أعطته إياهما زوجة ابنه كسلفة طلبها منها لغرض البناء، ففوجئ بصاحب المحل يقول له: "هذا ذهب صيني"، ليكتشف لاحقًا أنها قد أعطت الإسوارتيْن لشقيقها دون علم زوجها، ولجأت لهذه الحيلة لكي لا يعلم بالأمر، كما يروي صاحب إحدى محلات الذهب.

اقرأ/ي أيضًا: عطور "عالمية" في غزة والرائحة مسافة السكة

يقول صاحب محل "الزايد" للذهب أيمن زايد المصري: "في عمليات النصب التي تتم في أمور الزواج يكون الطرف الممارس له من طرف أهل العروس، بالمختصر حاجته للمال تدفعه للتصرف بجزء من مهر ابنته المتعلق بالذهب".

لكن "عمليات النصب"، كما يصفها التجار، لا تتوقف عند متعلقات الزواج، فبينما كانت إحدى السيدات داخل محل الزايد تختار خاتمًا من بين مجموعة خواتم، قامت خِلسةً باستبدال خاتم ذهب صيني كان بأصبعها بإحدى خواتم المحل الأصلية، ولم يكتشف المصري الأمر إلا بعد أيام أثناء تفقد الخواتم.

عملية نصب أخرى تعرّض لها المصري عند شرائه مجموعة من الحُلي الذهبية، فبعد توزين الذهب وشرائه على أنه ذهب أصلي، اكتشف أثناء عملية التذويب أن بين هذه القطع ذهبٌ صيني. يقول المصري: "ياما تعرضنا للنصب وأخذنا على رؤوسنا، لكننا أصبحنا حذرين ونحاول أن ندقق على كل الزبائن الذين يدخلون ويخرجون من المحل".

ويشير إلى أن كاميرا المراقبة ساعدته في اكتشاف بعض "النصابين"، وقد أعادت الشرطة له بالفعل قطعًا ذهبية أو ثمنها بعد أن ألقت القبض على الفاعلين.

ويؤكد المصري، أنه في الكثير من القطع لا يمكن التفريق بين الذهب الأصلي والصيني لدى المواطن العادي، حتى أنه في بعض الحالات لم يميز المختصون وأصحاب الخبرة هذه القطع إلا بعد الوقوع في فخ النصب.

مدير عام مديرية المعادن الثمينة في وزارة الاقتصاد الوطني بغزة جمال مطر، أكد لنا حدوث عمليات نصب داخل محلات الذهب الأصلي بفعل الغش باستخدام ما يُسمى بالذهب الصيني، وهو مصطلح تمنع وزارة الاقتصاد أصحاب المحلات من استخدامه.

وزارة الاقتصاد: نمنع المحلات من استخدام مسمى الذهب الصيني، فهي اكسسوارات عادية، وبعض عمليات النصب ارتكبها تجار أيضًا

وقال مطر لـ الترا فلسطين: "يجب أن نعلم أن ما يُسمى بالذهب الصيني بغزة ليس ذهبًا ولا تنطبق عليه أي مواصفات من مواصفات الذهب والمعادن الثمينة، وإنما هو نوع من الإكسسوارات العادية منشأها الصين".

أضاف، "يوجد في أنحاء قطاع غزة 20 محلًا لما يُسمى بالذهب الصيني، ونحن نجري رقابة مشددة ومتابعة دورية للتأكد من الالتزام بتعليمات تعريف القطع بأنها اكسسوارات وعدم استخدامهم لمصطلحات الذهب أو المجوهرات الثمينة فيها".

وفيما يتعلق بعمليات النصب، قال: "في محلات بيع الذهب والمعادن الثمينة تحدث هذه العمليات، وتم اكتشاف بعضها وتلقينا شكاوى بشأن استخدام بعض أصحاب هذه المحلات لقطع ما يسمى بالذهب الصيني بين قطع الذهب وبيعها للمواطنين على أنها ذهب أصلي".

هذه الصورة الأخرى للنصب أشار مطر إلى حصولها وتحويل من تم اكتشافهم إلى مباحث الاقتصاد ومنها إلى القضاء بمحضر ضبط.

وأكد أن حالات أخرى قال إنها "محدودة" مارس فيها مواطنون عمليات غش أثناء الادعاء بنيتهم شراء ذهب داخل محلات الذهب الأصلي والقيام خلال ذلك باستبدال قطع من الصناديق بقطع "ذهب صيني".


اقرأ/ي أيضًا: 

عسل مغشوش لمرضى السكر والأطفال في غزة

في غزة: السوشال ميديا لبيع منتجات مغشوشة

الإعلانات في فلسطين: هل شعرت بالاحتيال