31-ديسمبر-2018

رغم الاحتجاجات على تعيينه من داخل مؤسسة الضمان الاجتماعي وخارجها، أطلَّ ماجد الحلو عبر شاشة تلفزيون فلسطين ليُعلن عن تقديم مقترحات لتعديل القانون، قال إنها يضعها على طاولة مجلس الوزراء، ومجلس إدارة المؤسسة، مؤكدًا استعداده للنقاش مع مختلف الجهات حول هذه التعديلات، فهل لقيت هذه المقترحات القبول لدى الحراك وخبراء قانونيين؟

تحدث الحلو عن تعديلاتٍ على عدة بنود، أولها "الوفاة الطبيعية وغير الطبيعية"، إذ أوصى بأن يُصبح كل مؤمن عليه مستحقًا الحقوق المترتبة مهما كان سبب الوفاة، وثانيها رفع الراتب التقاعدي ليكون متوسط إما آخر ثلاث سنوات، أو آخر 10 سنوات، وإعادة توزيع الراتب التقاعدي كاملاً لجميع الورثة، ورفع الحد الأدنى لهذا الراتب إلى نسبة 100% بدلاً من نسبة 75% التي وضعها القانون بشكله الحالي.

مقترحات ماجد الحلو لتعديل القانون جاءت تزامنًا مع استقالاتٍ جديدةٍ من مجلس إدارة مؤسسة الضمان بسبب تعيينه مديرًا للمؤسسة

كما شملت التعديلات المقترحة، البند المتعلق بتوريث الزوجة، إذ كان القانون يحرم النساء الموظفات من رواتب أزواجهن، وقد أوصى الحلو بأن ترث المرأة وتورث في كل الحالات، مع منحها امتيازًا خاصًا وهو التقاعد المبكر قبل 5 سنوات من الرجل.

إعلان الحلو عن هذه التعديلات تم بعد ساعات فقط من إعلان اثنين عضوين في مجلس إدارة مؤسسة الضمان عن استقالتهما كـ"احتجاج صارخ" على تعيينه في هذا المنصب. والعضوان المستقيلان هما، عبد الحكيم عليان من اتحاد النقابات المستقلة، ومحمد العاروري من الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، وقد سبقهما إلى الاستقالة أعضاء آخرون في المجلس، ورئيس المؤسسة أسامة حرز الله، الذي استقال بعد قرار مجلس الوزراء التنسيب إلى الرئيس بنقل الحلو من هيئة التقاعد إلى مؤسسة الضمان.

الترا فلسطين استطلع آراء محتجين على قانون الضمان الاجتماعي، فوجد أن هناك ما يُشبه الإجماع على رفض هذه المبادرة، إذ أكد ضرغام أبو مريم على رفض التعديل والتأجيل، والتمسك بمطلب إسقاط القانون. وهو ما أيّده أيضًا عبد المجيد درويش قائلاً: "لا نقاش في التعديلات. كيف تريد الحكومة تطبيق قانون هي ورئيس مؤسسة الضمان يعترفون بأن فيه خلل؟".

وقال رشد بيطار، إن التعديلات "جيدة لو كنا نثق بهم، ولكننا لا نثق بهم البتة". فيما أكد ياسر خطاطبة على التمسك بإسقاط القانون "لأنه غير دستوري".

هذا الرفض لم يكن رأيًا شخصيًا خاصًا بالأعضاء الناشطين في الحراك، بل هو الموقف الرسمي للحراك أيضًا، وفق ما أفادنا به عامر حمدان، الناطق الرسمي باسم "الحراك الموحد لإسقاط قانون الضمان الاجتماعي"، مبينًا أن "خطاب الحلو في ظاهره جيد جدًا من ناحية تسويق القانون، ولكنه في الباطن مخب للآمال، ويُخالف مطالب الحراك".

وأشار حمدان إلى تعريف الحلو بأنه مدير عام مؤسسة الضمان، مؤكدًا أن ذلك يحمل مخالفة لقانون الضمان ذاته، "فالمادة 26 منه تشترط أن يكون المدير العام هو مدير مالي وذو خبرة مالية وخريج اقتصاد، والحلو خريج قانون". ونوّه حمدان إلى أن تعيين الحلو يؤكد استمرار تدخل الحكومة في عمل المؤسسة، وهو ما تسبب بالاستقالات الأخيرة.

الحراك الموحد لإسقاط الضمان يرفض التعديلات التي اقترحها ماجد الحلو، ويؤكد استمرار الوقفات الاحتجاجية لإسقاط قانون الضمان

ورأى في حديثه لـ الترا فلسطين أن حديث الحلو لم يحمل جديدًا يُضاف إلى تصريحات وزير العمل مأمون أبو شهلا، إذ بقيت الحسبة الاكتوارية، "بابًا مغلقًا كأنها صندوق أسود مفقود"، معتبرًا هذه المقترحات "محاولة لتنميق القانون وتسويق الآلية الجديدة لعمل القانون".

ولفت حمدان أن الحلو لم يُحدد المدة التي سيتم خلالها تعديل القانون، وإن كان تطبيق القانون سيتوقف حتى ذلك الحين، أو سيتواصل إلى حين إدخال التعديلات خلال مدة زمنية غير معلومة.

وتعقيبًا على دعوة الحلو للنقاش حول التعديلات المقترحة، قال حمدان إن الحلو اشترط إجراء النقاش وفق "أسلوب علمي ومهني"، معتبرًا أن هذا الشرط يُغيب شريحة واسعة ممن لا يستطيعون إجراء هذا النقاش، مثل شريحة العمال في مختلف المجالات.

وأكد حمدان أن الحراك متمسك بمطلب إسقاط هذا القانون لأنه "غير دستوري وغير ضروري ولا يحتمل الاستعجال"، مضيفًا، "الوضع السياسي والاقتصادي لا يحتمل مزيدًا من الجيوب. نحن دولة على الأوراق ولا نمتلك رؤية".

وقرر الحراك قبل أيام تنفيذ وقفة احتجاجية كبيرة عند الساعة الـ12:30 من يوم الأربعاء بتاريخ 9 كانون ثاني/يناير في مدينة رام الله، ثم وقفة أخرى بعد أربعة أيام من هذا الموعد، وقد شدد حمدان على أن هاتين الوقفتين قائمتان والحشد لهما مستمر، "وستحملان مفاجآت"، محذرًا من "الدخول في مأزق آخر (..) الحكومة لا تستمع إلى شعبها وتجرنا إلى اصطدام، فالشارع يحتاج الاحترام ولا يُخاطَبُ بعقلية أنه شعب لا يفهم ولايقرا ولا يحلل".

الحراك الموحد لإسقاط قانون الضمان يُحذر من أن الحكومة تجر المحتجين إلى اصطدام، وتُدخل البلاد في مأزق آخر

عصام عابدين، رئيس وحدة المناصرة المحلية والإقليمية في مؤسسة الحق، قال في تعليق مُطوّل على حسابه في "فيسبوك"، إن الحلو لم يُقدم جديدًا من خلال مقترحاته على القانون، لكنه "لم يتردد في التضحية على الهواء مباشرة برئيس مجلس إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي ووزير العمل مأمون أبو شهلا".

وقال عابدين: لا أدري إن كان مَن تبقى من أعضاء مجلس إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي (..) يعلمون أن موظفهم التنفيذي الجديد يُحضّر لمشروع جديد للضمان الاجتماعي، كونه لم يقل إنه قد كُلّف أو تشاور أو بصدد التشاور مع مجلس الإدارة - ما تبقى من المجلس- بشأن المشروع وهو يذكر الجهات التي سيتشاور معها بالخصوص".

ورأى عابدين أن الحلو "لا يبدو ملمًا بقانون العمل" وهو يوصي رئيس الوزراء بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور، كون هذه المسألة تدخل في اختصاص اللجنة الوطنية للأجور المكونة من ثلاثي أطراف الإنتاج بموجب قانون العمل واللائحة رقم (46) لسنة 2004 بشأن تشكيل لجنة الأجور، مبينًا أن هذه اللجنة معطلة ولم تجتمع منذ زمن طويل نظرًا لانشغال رئيسها (وزير العمل) فيما يبدو بالضمان الاجتماعي.


اقرأ/ي أيضًا: