02-أكتوبر-2019

 

أثار سماح وزارة الزراعة باستيراد 3600 طن من ثمار الزيتون المخصص للكبيس "المخلل"، موجة سخط عارمة في صفوف المزارعين، رغم تأكيدات من الجهات الرسميّة بأنّ القرار يستهدف أنواعًا من الزيتون غير متوفّرة في الضفة الغربية بكمّيات تكفي لتشغيل الشركات والمصانع العاملة في هذا المجال. 

     قرار وزارة الزراعة باستيراد أطنان من الزيتون المخصص للكبيس يثير اسيتاء المزارعين، رغم أنه قرار قديم ويُعمل به منذ سنوات!    

وحسبما جاء في بيان لوزراة الزراعة، فإنّ 2000 طن من هذا الزيتون سيتم توريدها من "إسرائيل"، ما دفع ناشطين ومزارعين للدعوة لوقفة اعتصاميّة ظهر الخميس أمام مقر وزارة الزراعة في شارع الإرسال برام الله، تحت عنوان "زيتوننا يكفينا"، معتبرين أنّ هذه الخطوة "طعنة في ظهر كلّ فلّاح".

ووجّه اتحاد الجمعيات التعاونية الزراعية في فلسطين، رسالة عاجلة إلى وزير الزراعة، أعرب فيها عن رفضه القاطع لهذا القرار الذي قال إنه سيكون له تداعيات كبيره على مزارعي الزيتون. 

وقال الاتحاد نأمل من وزير الزراعة التراجع عن هذا القرار الذي يلحق الضرر بجوهر القطاع الزراعي في فلسطين وهو قطاع الزيتون، وهدد بإجراءات تصعيدية. 

اقرأ/ي أيضًا: الزراعة: وافقنا على استيراد 3600 طنّ زيتون للكبيس

وأبدى مدير اتحاد جمعيات المزارعين الفلسطينيين عباس ملحم، تخوّفًا من توقيت صدور القرار، والذي من شأنه أن يؤدي إلى تلاعب بأسعار زيت الزيتون، إلى جانب التخوّف من استغلال التُجّار للقرار، ومحاولة تهريب كميّات إضافية من الزيتون وعصرها لإنتاج الزيت. 

وأوضح ملحم في حديث لـ "الترا فلسطين" أنّ الاتحاد فوجئ من القرار، كون وزير الزراعة الحالي اعتاد التشاور مع الجهات ذات العلاقة في القطاع الزراعي، وبيّن أنّ العلة ليست في القرار نفسه، لإن استيراد الزيتون يتم كل عام. 

الإشكاليّة الأخطر وفق ملحم، أن بعض التُجّار يستغلون أذونات الاستيراد لتهريب كميات هائلة من ثمار الزيتون، التي تذهب إلى المعاصر للحصول على الزيت، الأمر الذي يسهم بإغراق السوق، وضرب أسعار الزيت والزيتون، مثلما حصل السنة الماضية بعد تهريب 7 آلاف طن من زيتون "الكبيس" لكنها ذهبت للمعاصر. 

  قرابة 9 مليون شجرة زيتون مثمرة في فلسطين، و أكثر من 100 ألف عائلة تعتاش من موسم الزيتون     

ونقل ملحم عن أنّ أحد أصحاب معاصر الزيتون كشف له عن تلقيه عرضًا العام الماضي لشراء كميّات كبيرة من حبّ الزيتون القادم من "إسرائيل"، وعصرها في معصرته مقابل أن يحصل على الزيت بسعر 18 شيكلًا في الوقت الذي كان السعر يصل في رام الله حينها 27 شيكلًا، أي بفارق أقل بـ9 شواكل عن سعر السوق، ما يتسبب بخسائر فادحة للمزراعين الذين يتلهفون للموسم. 

ويرى ملحم أنه كان يجب على الوزارة تأخير القرار إلى حين انتهاء موسم الزيتون، وأن على الجهات الرسمية تتبّع خيط سير السلعة من مصدرها حتى تصل المستهلك، ومن ذلك مرافقة الشاحنات ومراقبة نقل حبّ الزيتون لضمان عدم خروج أي حبّة عن المسار المفترض أن تسلكه، لأن هذا "عبث بالاقتصاد الوطني". 

وعقّب رئيس الحكومة محمد اشتيّة، عبر صفحته في فيسبوك بالقول إن "منتوجنا الوطني أولوية، وسنتخذ كل الإجراءات لحمايته، وسياستنا واضحة بأن لا نسمح بالإضرار بمنتجنا وهذا يشمل الزيتون وزيته". 

واعتبر اشتية أن ما ورد في تصريح وزير الزراعة يعكس حالة كان معمولًا بها بالسابق، وهي السماح لمصانع المخللات باستيراد نوعيات زيتون محددة للتخليل. وأضاف: سنعالج هذا الأمر بما لا يضر بمصلحة المزارع أو المصانع، وبحيث نحقق أهدافنا بتعزيز منتجنا الوطني.

اقرأ/ي أيضًا: معصرة أحمد عيسى.. قرنُ ونيف من الحب

من جهته، يقول عبد الله لحلوح وكيل وزراة الزراعة إنّ كميّات الزيتون التي سُمح باستيرادها لا تدخل دفعة واحدة، إنما وفق ضوابط ورقابة مشددة، بحيث تحصل الشاحنة على إذن مسبق بالكميّة قبل إدخالها، وفي وقت محدد، على أن تذهب للمصنع مباشرة. 

وأوضح لحلوح في حديثه لـ "الترا فلسطين" أنّ موضوع استيراد حبّ الزيتون "قديم"، ويحصل في أصناف مروية ومخصصة للكبيس وغير موجودة لدينا، مشيرًا إلى أنها كميّات "لا تذكر مقياسًا بالإنتاج العام من ثمار الزيتون المخلل". 

       بلغ إنتاج الزيتون في فلسطين العام الماضي، نحو 15 ألف طنّ، ويتوقع أن يصل 27 ألف طن، هذا العام   

وأشار لحلوح إلى أن عددًا من المصانع المخللات والكبيس يعتمد إنتاجها على أصناف لا تتوفر لدينا، فتلجأ لتقديم طلبات لاستيرادها. 

أمّا عن السماح باستيراد الكمية الأكبر من حبّ الزيتون من الاحتلال الإسرائيلي رغم قرار الحكومة بدء العمل للانفكاك عن الاقتصاد الإسرائيلي، فقد برر وكيل وزارة الزراعة ذلك بأن معظم الزيتون الموجود في "إسرائيل" مخصص للكبيس، ويعتمد على مياه الريّ المتوفرة لديهم بكثرة، بسبب سرقتهم المياه الفلسطينية. 

لماذا لا تتم زراعة زيتون مخصص للكبيس في الضفة الغربية؟ طرحنا هذا السؤال على وكيل وزارة الزراعة، فكان ردّه أن زراعته ممكنة من خلال البرنامج الوطني لتخضير فلسطين، بعد توفير المياه المعالجة أو من خلال الريّ التكميلي، أو زراعته في مناطق مروية أصلًا، بما يلبي احيتاجات مصانع "الكبيس". 

      زيتون الكبيس يحتاج كميّات كبيرة من المياه التي لا تتوفر بالضفة، الأمر الذي يجعل تكلفته عالية    

لكنّ بسام أبو غليون مدير عام اتحاد الصناعات الغذائية لم ير في استيراد هذا النوع من الزيتون أي إشكالية، لإنه زيتون يستخدم في تصنيع الكبيس فقط. وأضاف في حديثه لـ "الترا فلسطين" أن هذا النوع يسمى "المنزلينو" وهو غير مزروع في فلسطين، وإذا ما تمّت زراعته فعلى مساحات قليلة لأنه يحتاج مياهًا وفيرة، بالتالي تصبح تكلفته عالية على المزارع، وغير مجدية اقتصاديًا، بينما زراعة أصناف أخرى تستهلك نفس كميات المياه مثل الأفوكادو، تحقق مردودًا أفضل. 

وأشار غليون إلى أن خطوط الإنتاج لدى المصانع تعتمد على هذا الزيتون، وفي حال عدم استيراده سيتوقف إنتاج هذه الخطوط، لإن استخدام الزيتون البلدي لا يجدي نفعًا في الغالب كونه يحوي كميات كبيرة من الزيت، فلا يستفيد المزارع منه ولا المصنع في هذه الحالة. 

اقرأ/ي أيضًا: "أبو المواسم".. فرحة الفلاحين

ولم يستغرب فياض فياض مدير عام مجلس الزيت والزيتون الفلسطيني هو الآخر من قرار وزارة الزراعة على اعتبار أنه "يتكرر سنويًا منذ قدوم السلطة"، وأشار إلى أن لدينا فائضًا في زيت الزيتون، ولكن لدينا عجز في زيتون المائدة".

وبيّن فياض في حيدثه لـ "الترا فلسطين" أن هناك بداية محاولات لزراعة مثل هذه الأصناف من الزيتون، لكننا نحتاج سنويًا نحو 10 آلاف طن زيتون للكبيس، ولكن يتم تحديد ما يتم استيراده على دفعات، ووفق الحاجة.   

     نحتاج سنويًا نحو 10 آلاف طن زيتون للكبيس     

وكشف عن استيراد 7 آلاف طن العام الماضي، فيما المتوسط السنوي بين 3 آلاف إلى 3 آلاف ونص الطن، وأنّ لجنة مكوّنة من ستة أطراف (رئاسة الوزراء/ وزارة الزراعة/ وزارة المالية/ وزارة الصحة/  الشؤون المدنية)، هي المسؤولة عن الاستيراد والتصدير، ورفع الأذونات لوزارة الزراعة للسماح بالاستيراد من عدمه. 

ودعا فياض المزارعين لزراعة أصناف الزيتون التي تدخل في صناعة الكبيس، مبيّنًا أن ثمرة هذا النوع كبيرة الحجم، والشجرة تنتج كميات كبيرة سنويًا، وليس عامًا بعد آخر كما الزيتون المحلي، عدا عن أنّ سعره ممتاز، والدونم الواحد منه ينتج أكثر مما تُنتجه عشر دونمات من مزروعة بالزيتون العادي. 


اقرأ/ي أيضًا: 

السجن وعالم الكلمات

"عروس وسبع بدلات"

دورات "هاكر" في غزة دون رقابة وبلا "تعهّد" يُلزم المتدربين أخلاقيًا