06-ديسمبر-2018

الترا فلسطين | فريق التحرير

بعد احتلال قطاع غزة عام 1967، ساد إجماعٌ في حكومة الوحدة الإسرائيلية التي ترأسها ليفي أشكول، حول ضروة ضم القطاع لـ إسرائيل، ولكنَ مشكلةً واحدةً واجهتْ أشكول قبلَ الضم المرتقب، وهي مشكلةُ 250 ألفَ لاجئ سكنوا غزةَ بعد النكبة. الوزير الوحيد الذي تحفظ على التهجير كان مناحيم بغين واشترط لذلك أن يكون طوعيًا.

أشكول رأى أن أعداد اللاجئين الفلسطينيين في غزة تُسبب مشكلة معقدة، يكمن حلها في تطبيق سياسةٍ تشجع هجرةِ اللاجئينَ من قطاع غزة، وبالفعل شرعت حكومة الاحتلال بتطبيق خطةٍ تحقق هذه الغاية، تم بموجبها فرض ظروفٍ حياتية صعبة في مخيمات اللاجئين.

وكشف المؤرخ الإسرائيلي يؤآف غلبور من جامعة حيفا تفاصيل هذه الخطة قائلاً: "في نهايةِ صيفِ عام 67 تمَ البدءُ بتأسيسِ مشروعِ تشجيعِ هجرةِ اللاجئينَ بغزة عبرَ سياساتٍ حكوميةٍ إسرائيليةٍ، وأُجريتْ اتصالاتٌ مع شركاتِ هجرةٍ يهوديةٍ وغيرِ يهودية، وتلك الشركاتُ كانتْ تملكُ وكلاء من العرب، يعرفونَ الناسَ في مخيماتِ اللاجئينَ، والوكلاءُ يبحثونَ عن أشخاصٍ مرشحينَ محتملينَ للهجرة."

اتخذت حكومة أشكول قرارًا هامًا لدفع اللاجئين إلى الهجرة، وهو يتمثل في الحفاظ على مستوى حياة منخفض نسبيًا في القطاع. يُبين عمير رفيف، من قسم "تاريخ الشعب اليهودي" في الجامعة العبرية، أن هذه السياسة أدت إلى وصول نسبة البطالة بين اللاجئين إلى 50%، "وكان هذا الأمر بالنسبة للقيادة الإسرائيلية أمرًا رائعًا، لأنه لو كان مستوى الحياة جيد في غزة، لماذا سيُغادر الناس؟" وفق قوله.

وبحسب شهاداتٍ بثها التلفزيون الإسرائيلي الرسمي لمؤرخين إسرائيليين، فإن أشكول عيَّن مشرفة خاصة لتنفيذِ مشروعِ تهجير سكان قطاع غزة، وهي عيدا سيرني، وكانتْ متخصصةً في شؤونِ تهجيرِ اليهودِ الى أرضِ إسرائيل من أوروبا بعد الحربِ العالميةِ الثانية، لكن أشكول عيّنها رئيسة لوحدة سرية، وصفها رفيف بأنها "الوحدة السرية لشؤون الهجرة. أو وكالة تسفير لاجئ قطاع غزة للخارج".

ووفق التلفزيون الإسرائيلي، فإن سيرنا لم تكتفِ بتشجيعِ الهجرةِ من غزة إلى الأردن، بل إنها نجحت في إرسال لاجئين إلى البرازيل والبارغواي في القارة الأمريكية الجنوبية.

لم تتضمن شهادات المؤرخين الاسرائيليين معطياتٍ محددةٍ حول أعداد اللاجئين الفلسطينيين الذين هجرهم الاحتلال من قطاع غزة، ولكن تبين من أقوال رفيف، أن الاحتلال مارس الخداع لدفع اللاجئين الفلسطينين للهجرة من غزة. يقول: "بدأَ لاجئونَ من قطاعِ غزة بالهجرةِ إلى البارغواي لبدءِ حياةٍ جديدة، ولكن إحدى هذه القصص انتهت نهاية مأساوية، لأن اثنين من اللاجئينَ من قطاعِ غزة الذي هُجروا إلى البراغواي وعدَهم رجالُ الموسادِ وعودًا كاذبةً بخصوصِ الحياةِ الرائعةِ التي تنتظرُهم بعد هجرتِهم، دخلا مُسلحيْن إلى سفارة إسرائيل في عاصمة البارغواي، وقتلوا سكرتيرة السفير".

وأكد التقرير الإسرائيلي أن الفكرة عمليًا باءت بالفشل، وتبخر حلم تحويل غزة لجزءٍ لا ينفصل من "دولة إسرائيل".