12-ديسمبر-2018

أكثر من عشر سنوات مرّت على الانقسام بين حماس والرئاسة الفلسطينية، فشلت خلالها العديد من المبادرات/المحاولات لرأب الصدع وإنهائه، لكلّ طرف حجّته ومنطقه ومبرراته وأسبابه، ولا خاسر سوى رصيد هذا الوطن في أعين من يحبه ويناصره، وباتت القضية الوطنية تتآكل على يد أولادها ممن يجيدون لغة التخوين ووصف المشكلات، ولم يتواضعوا للحظة ويعتقدوا أنهم جزء من المشكلة، هذا إذا ما اعتبروا أساسًا أنّ الانقسام خطأ يوجب التوبة والرجوع.

  ليس من السهل على من يشغل موقعًا قياديًا ويملك سلطة أن يعترف بأنه المشكلة أو أنه جزء منها  

ليس من السهل على من يشغل موقعًا قياديًا ويملك سلطة أن يعترف بأنه المشكلة أو أنه جزء منها، والحقيقة أنه لا ضير في ذلك، لأن مكمن الأمر ليس في قبول الشخص موقعًا قياديًا دون رضوخه للمسؤولية واستعداده لدفع ثمن عدم نجاحه/إخفاقه فيما يفترض به أن يحقق، مكمن الأمر إذًا في قبول المحكومين الحكم والطاعة دون أن يكون لهم حق المساءلة.

إن مواجهة "إسرائيل" تحتّم علينا النظر جيّرًا كيف تدار هذه "الدولة"، تمسُّكها بالديمقراطية والتعددية هو الأصل، بالرغم من توفر مبررات منطقية لمن يرأسها للخروج عن هذا الأصل، تجدهم جميعًا دون استثناء يفاخرون بأنهم الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، بينما توجه أصابع الاتهام دائمًا للقيادة الفلسطينية بأنّها لا تمثل جميع الشعب وتفتقد إلى النهج الديمقراطي التعددي.

  يؤكد واقع الحال أنّ الانقسام لن يزول قريبًا، ويبدو أن الأمور ستتفاقم في حال إنفاذ الرئيس وعده بحلّ المجلس التشريعي  

وبالعودة إلى ما الذي يمكن فعله، يؤكد واقع الحال أنّ الانقسام لن يزول قريبًا، ويبدو أن الأمور ستتفاقم في حال إنفاذ الرئيس وعده بحلّ المجلس التشريعي قريبًا، ولن تكون هناك إمكانية لعقد انتخابات نزيهة وحرة في حالة الانقسام والاستقطاب بين الفصيلين/السلطتين.

الحل الأكثر منطقية، ولا يتطلّب سوى الإخلاص لهذا الوطن وإعلائه على الحزب/السلطة، هو التوافق بين الحزبين على القبول بحل المجلس التشريعي، على أن يتم عقد انتخابات تشريعية خلال فترة وجيزة دون أن يدفع الفصيلين بأي من أعضائه للترشح.

تكمن أهمية وجود مجلس تشريعي منتخب في هذه الفترة الحرجة بالذات في، أولاً، إعادة الاعتبار للقضية وإنهاء حالة التشويه التي سببها الانقسام. ثانيًا، تفعيل باب المساءلة حتى لا ينعم صاحب السلطة بالهدوء والراحة التي تجنّبه السعي الحقيقي والجاد لتغيير الوضع القائم. ثالثًا، إعادة الأمل والثقة للمخلصين الوطنيين الذين باتوا في حالة اغتراب عن قضايا الوطن.

ليس مهمًا رفض الحزبين لهذا الطرح، ولا أتوقع ابتداءً قبوله، لكن المهم، هو مبررهم للرفض، هل هي الوصاية على الشعب التي لا يستطيعون التنازل عنها، أم أنه القصور في الرصيد الوطني لسواهم، أم أنهم من ضحّى لأجل الوطن، وبالتالي يكون ملكيتهم وحدهم؟ 


اقرأ/ي أيضًا: 

درع سلواد

نساء يعرقلن البلاد

السلطة عندما لا تكترث!