وول ستريت جورنال: كيف فكر دونالد ترامب في مشروع تهجير غزة؟

قال مسؤولان في إدارة ترامب، لـ"وول ستريت جورنال"، إن "فكرة الاستيلاء على غزة تشكلت مؤخرًا، حيث أدارها الرئيس الأميركي من خلال مساعديه وحلفائه في الأيام الأخيرة". 

وزعم مسؤولون آخرون في الإدارة الأميركية يعملون على قضايا الشرق الأوسط إن "الاقتراح كان متماسكًا". ولم يكن المسؤولون خارج الدائرة الداخلية لترامب على علم بأن الفكرة كانت على الطاولة خلال أيام التخطيط للاجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وول ستريت جورنال": "كما يُظهِر اقتراح ترامب بشأن غزة أن الرئيس يعتمد على تاريخه الطويل كرجل أعمال ومطور عقارات، وينظر إلى العالم باعتباره لوحة لتوسيع نفوذ أمريكا وتعزيز إرثه"

وبحسب الصحيفة الأميركية: "كان إعلان يوم الثلاثاء بمثابة تحول ملحوظ لترامب، الذي وصف الشرق الأوسط بأنه ’دم ورمال’ في ولايته الأولى، وفقًا لمستشاره القديم. ويقترح ترامب الآن إعادة بناء غزة، والتي يقول مساعدوه إنها عملية قد تستغرق من 10 إلى 15 عامًا".

وأفادت "وول ستريت جورنال": "كان الرئيس ترامب يروج في حملته الانتخابية لتقليص دور أميركا في الخارج. ولكن منذ توليه منصبه، صاغ رؤية عالمية أقرب في بعض الأحيان إلى التوسعية منها إلى الانعزالية".

وأضافت: "أثار ترامب موجة من الصدمة العالمية يوم الثلاثاء عندما قال إن الولايات المتحدة يجب أن تتولى السيطرة على غزة على المدى الطويل، مقترحًا نقل الفلسطينيين إلى مكان آخر بينما يتم إعادة بناء القطاع ليصبح ريفييرا الشرق الأوسط. وكتب وزير الخارجية ماركو روبيو على وسائل التواصل الاجتماعي أن: ترامب سيجعل غزة جميلة مرة أخرى".

وحول موقف ترامب السابقة، قالت "وول ستريت جورنال": "في حفل عشاء للحزب الجمهوري في فلوريدا في عام 2023، قال ترامب: لقد انتهى الحزب الجمهوري القديم الذي يتألف من الجمهوريين في الأسماء الحقيقية والمحافظين الجدد والعولميين. ولن يعود أبدًا. وبينما كان يستعد لتولي منصبه، أوضح ترامب أنه لن يوظف مسؤولين في الأمن القومي يعتبرهم مرتبطين ارتباطًا وثيقًا بالقيم المحافظة الجديدة التقليدية". 

وتابعت الصحيفة: "لقد صدم اقتراح ترامب حتى بعض أشد مؤيديه حماسة ونفوذًا في المجتمع اليهودي. فقد وصف أحد جامعي التبرعات الموالين لإسرائيل منذ فترة طويلة، والذي جمع الأموال للرئيس لسنوات، الفكرة بأنها ’مجنونة’ وتساءل كيف يمكن تنفيذها، مشيرًا إلى أن هذا النوع من السياسة من المرجح أن يستغرق أكثر من عام لإكماله مع وجود العديد من المتغيرات غير المعروفة التي تجعل من الصعب تنفيذها بسلاسة".

وقال نتنياهو خلال المؤتمر الصحفي إن أحد أهدافه الرئيسية هو "ضمان عدم استضافة غزة للإرهابيين مرة أخرى". وأضاف أن ترامب أخذ هذا المفهوم "إلى مستوى أعلى بكثير. إنه شيء يمكن أن يغير التاريخ، ومن المفيد حقًا متابعة هذا الطريق".

وقالت "وول ستريت جورنال": "رغم سعيه إلى توسيع بصمة أميركا في الخارج، فقد سعى ترمب إلى تحقيق أجندة ’أميركا أولا’ التي تسعى إلى تعزيز التصنيع المحلي من خلال فرض تعريفات جمركية صارمة على حلفاء الولايات المتحدة وخصومها. كما جمد ترمب المساعدات الخارجية وتحرك لتقليص وكالة التنمية الدولية الأميركية، بحجة أن الحكومة ترسل أموالًا كثيرة إلى الخارج".

وأضافت: "لكن ما حدث في غزة يوضح مدى الحزم الذي يتعامل به ترامب مع ولايته الثانية، وهو واثق من أن فوزه المريح في تشرين الثاني/نوفمبر يوفر له الغطاء السياسي للتصرف وفقًا لغرائزه. وبالفعل، وضع نصب عينيه الاستحواذ على جزيرة غرينلاند ذات الأهمية الاستراتيجية، وأثار معركة لاستعادة السيطرة على قناة بنما، وقال إن كندا ينبغي أن تصبح الولاية رقم 51".
وقال مستشار للرئيس الأميركي، إنه في حين رفض بعض المراقبين رغبته في السيطرة على غرينلاند وقناة بنما وأماكن أخرى، "فإنه جاد للغاية بشأن هذا الأمر".

وتابعت "وول ستريت جورنال": "كما يُظهِر اقتراح ترامب بشأن غزة أن الرئيس يعتمد على تاريخه الطويل كرجل أعمال ومطور عقارات، وينظر إلى العالم باعتباره لوحة لتوسيع نفوذ أمريكا وتعزيز إرثه. وبينما يسعى ترامب إلى منع حظر تطبيق تيك توك المملوك للصين، اقترح صفقة تستحوذ الولايات المتحدة بموجبها على حصة ملكية في الشركة. وعندما يتحدث عن الحرب في أوكرانيا، يندب ترامب خسارة العديد من الأرواح، بما في ذلك أرواح الروس، ولكن أيضًا تدمير المدن الجميلة".

وقد حير بعض الدبلوماسيين المخضرمين خطط ترامب بشأن غزة. وقال دان شابيرو، السفير الأميركي لدى إسرائيل أثناء إدارة أوباما: "إنها ليست اقتراحًا جادًا. وإذا تم تنفيذها، فسوف تستلزم تكلفة هائلة بالدولار والقوات الأميركية، دون دعم من الشركاء الإقليميين الرئيسيين". 

وقد ظهرت بوادر تفكير ترامب بشأن غزة في العلن وفي السر. قال ترامب للصحافيين في 20 كانون الثاني/يناير، بعد أداء اليمين. سأله أحد المراسلين عما إذا كان سيساعد في إعادة الإعمار، فقال ترامب: "ربما. كما تعلمون، غزة مثيرة للاهتمام، فهي موقع رائع، على البحر، والطقس هو الأفضل. كل شيء على ما يرام. يمكن القيام ببعض الأشياء الجميلة بها".

وقال ستيف ويتكوف، مطور العقارات الذي اختاره ترامب مبعوثا له إلى الشرق الأوسط، للرئيس بعد جولة في غزة، إن "القطاع غير صالح للسكن بعد الضربات الإسرائيلية"، متسائلًا عما إذا كان من "الإنساني السماح للناس بالعيش هناك قبل إعادة إعماره"، وفقًا لما ذكره نائب ويتكوف خلال مقابلة تلفزيونية.

وكتب تايلور بودويتش، أحد كبار مستشاري ترامب، على موقع "إكس" بعد هذه التصريحات: "يجب أن يتوقف القتل، ويجب أن تنتهي الحرب، ويجب أن نحقق السلام الدائم. ولهذا السبب ستعمل الولايات المتحدة مع إسرائيل لتأمين غزة وإيجاد وطن دائم للشعب الفلسطيني".

وفي أواخر الصيف، أخبر ترامب نتنياهو في مكالمة هاتفية أن قطاع غزة قطعة عقارية رئيسية وطلب منه التفكير في أنواع الفنادق التي يمكن بناؤها هناك، وفقًا لشخص مطلع بشكل مباشر على المحادثة. لكنه لم يذكر تولي الولايات المتحدة للقطاع. وقال شخص حضر المناقشة إنه أخبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هذا الخريف أيضًا أن أوكرانيا ستكون مكانًا جيدًا للتطوير العقاري، وذكر بشكل خاص مدينة أوديسا. 

وأفادت "وول ستريت جورنال": "في كثير من الأحيان، يتحدث ترامب عن السياسة الخارجية من منظور العقارات، كما فعل في حملة لجمع التبرعات مؤخرًا في إشارة إلى قراره في عام 2019 بتأييد السيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان".

نتنياهو "أهدى" ترامب جهاز بيجر ذهبي وآخر عادي، ليرد عليه ترامب، قائلًا: "كانت عملية كبرى" pic.twitter.com/fqbBishTaS

— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) February 5, 2025

وقال ترامب في فعالية لجمع الأموال في نيويورك الصيف الماضي، بحسب تسجيل مسرب وصل "وول ستريت جورنال": "لقد قمت بذلك بالفعل. لقد قالوا إن هذه القطعة تساوي 2 تريليون دولار، إذا ما حسبناها من حيث القيمة العقارية. ولكنها تساوي أكثر من ذلك".

كما قام صهر ترامب، جاريد كوشنر، الذي عمل على سياسة الشرق الأوسط في ولاية ترامب الأولى، بتقييم غزة من منظور تنموي، حيث قال لأستاذ في جامعة هارفارد في شباط/فبراير 2024 إن العقارات الواقعة على الواجهة البحرية في غزة "يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة".

وأضاف: "إذا فكرت في كل الأموال التي ذهبت إلى شبكة الأنفاق هذه وجميع الذخائر، لو كانت قد ذهبت إلى التعليم أو الابتكار، فماذا كان يمكن فعله؟".