26-يونيو-2022
يجب وضع الضغط على الحكومة لتحمل مسؤوليتها في ضبط الأسعار (تويتر)

يجب وضع الضغط على الحكومة لتحمل مسؤوليتها في ضبط الأسعار (تويتر)

أجمع خبراء أن مقاطعة الشراء من المتاجر الإثنين، سوف تحمل رسالة احتجاجية ضد الغلاء، لكن دون أي أثر اقتصادي ينعكس على التجار. وكانت جمعية حماية المستهلك قد دعت إلى "يوم بدون شراء" يوم الإثنين، بالتزامن مع جلسة الحكومة الأسبوعية، احتجاجًا على حالة الغلاء التي يشهدها السوق الفلسطيني.

جمع خبراء أن مقاطعة الشراء من المتاجر الإثنين، سوف تحمل رسالة احتجاجية ضد الغلاء، لكن دون أي أثر اقتصادي ينعكس على التجار

وقال صلاح هنية رئيس جمعية حماية المستهلك الفلسطيني في تعقيب لـ"الترا فلسطين"، إن الخطوات المعتمدة منذ سنوات في التعاطي مع موجات الغلاء المتكررة من نهاية العام 2021، لم تتمكن من لجم الغلاء. لذا "رأينا أن نخرج من السبل الروتينية إلى فضاء المبادرات الشعبية الخلاقة والقابلة للتنفيذ والإجماع باعتبار يوم الاثنين 27 حزيران/يونيو الجاري، يومًا بدون شراء بالكامل، حتى نوجه عناية الحكومة والقطاع الخاص لعدم قدرتها على تحمل انعكاسات الغلاء". وتابع هنية "لقد سيطرت ثقافة الاستهلاك على المواطن وتراجعت ثقافة الإنتاج وبالتالي بات ملحًا كبح جماحها."

الضفة الغربية... أزمة غلاء

غير أن هذه الخطوة التي يطغى عليها البعد الرمزي، تثير قلق بعض مؤسسات المجتمع المدني والخبراء. إذ إنها تستند إلى رفع المسؤولية عن الحكومة ووضع الضغط على المواطن، كما يقول أبي العابودي مدير مركز بيسان للبحوث والإنماء، في تصريح لـ"الترا فلسطين". يرى العابودي أن المقاطعة لمدة يوم واحد غير مجدية، حيث إن المواطن سيضطر في نهاية المطاف أن يعود للشراء، خاصة عندما يتعلق الأمر بالسلع الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها. على هذا النحو، فإنه يجب توجيه الاحتجاج للمكان الصحيح، غير أن جمعية حماية المستهلك تعرف أن هذه الخطوة رمزية في أحسن الأحوال، ولم تدع إلى خطوات احتجاج ميدانية ضد الغلاء.

يضيف مدير مركز بيسان أن الخطوة الحقيقية يجب أن تكون بالضغط على أصحاب المسؤولية عن ارتفاع الأسعار، موضحًا أن الضغط على الحكومة يكون بدفعها لضبط الأسعار، وتوزيع مجالات الاستيراد لدينا وتنويعها بحيث لا يسيطر عليها عدد محدود من الشركات التي يعرف الجميع ما هي ارتباطاتها، وتعزيز الإنتاج المحلي، لأن سياسة الاستيراد المفتوح قضت على الإنتاج المحلي. ونوه إلى أن هناك فئة من الناس التي ترتبط مصالحها بتشكيلة النظام الاقتصادي الحالي وتجني أرباحًا كبيرة، وهي بالتالي معنية باستمرار الوضع الحالي كما هو.

يتفق عبد العزيز الصالحي، الباحث في حقل العلوم الاجتماعية والإنسانية، مع العابودي في أن "يوم بدون شراء" لن لا يكون له أي أثر اقتصادي، وإنما سوف يحمل رسالة احتجاج رمزية. ويوضح في حوار مع "الترا فلسطين" أن النشاط ضد الغلاء يجب أن يكون مستمرًا، وأن المقاطعة يجب أن تمتد لعدة أيام، لأن هناك بعض السلع لها عمر افتراضي وتاريخ صلاحية، وفي حال قطعت لعدة أيام سوف تتأثر، وهو ما سيشكل ضغطًا ملموسًا على التجار. ويفضل الصالحي الذهاب إلى حملة مقاطعة لعدة أيام، تكون فيها المقاطعة بشكل أوسع وتشمل كل القطاعات، لأنها كلما كانت أوسع ستضغط بشكل أكبر على التجار وقطاع الإنتاج، الذي بدوره سوف يتوجه للاحتجاج لدى صانع القرار، الذي ترتبط مصالحه بهذه القطاعات.

أما في مواقع التواصل الاجتماعي، فهناك من ذهب لتأييد هذه الخطوة ودعا للالتزام بها، وهناك من ذهب للسخرية منها. وفي حين أشار المؤيدون إلى ضرورة القيام بأي خطوة من أجل الوقوف في وجه الغلاء، اعتبر المعترضون أن يومًا واحدًا لن يكون له تأثير كبير، ولن يضع أي ضغط لا على التجار أو صناع القرار.

فعالية يوم بدون شراء

وكانت جمعية حماية المستهلك قد قالت في بيان لها، إن في ارتفاعات السلع الأساسية خطورة كبيرة على الوضع المعيشي والاقتصادي والأمن الغذائي، خصوصًا أن سلعًا شهدت في الشهرين الأخيرين ارتفاعات متكررة حتى بلغت أرقامًا قياسية، مثل الدقيق والزيوت النباتية والسكر والأرز والسمنة النباتية، وهذا انعكس بالكامل على كلفة الحياة مع تدني وتراجع واقتطاع جزء من الدخل. وأضافت الجمعية أننا نشهد منذ شهرين اجتماعات تتكرر، نتيجتها المصادقة على رفع أسعار للسلع الأساسية وآخرها الألبان والخبز، يرافقها تطمينات للمواطن بأن سلسلة التوريد لم تنقطع والسلع متوفرة، دون خطة واضحة المعالم لإنقاذ ذوي الدخل المحدود.

جمعية حماية المستهلك الـ"الترا فلسطين":  رأينا أن نخرج من السبل الروتينية إلى فضاء المبادرات الشعبية الخلاقة والقابلة للتنفيذ لمواجهة الغلاء

واعتبرت الجمعية في بيانها قيام بعض الشركات الفلسطينية للألبان برفع أسعار منتجاتها، من 60 أغورة إلى شيكلين للصنف الواحد، أمر غير مبرر، خصوصًا أن ثقة المستهلك بالمنتجات الفلسطينية زادت، كما زادت المبيعات والحصة السوقية لهذه الشركات، الأمر الذي يتطلب منها الوقوف مع المستهلك في هذه الظروف المعيشية الصعبة، وعدم النظر لمردود مالي مؤقت يكون على حساب ثقة المستهلك وولائه.