17-يوليو-2018

آثار الغارة الإسرائيلية الكبيرة على منطقة الكتيبة في غزة - تصوير مجدي فتحي (gettyimages)

أنتجت التطورات التي تخللت جولة التصعيد الأخيرة بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي جدلاً كبيرًا في إسرائيل، سيطر على تصريحات السياسيين والتغطيات الإعلامية والتحليلات العسكرية والسياسية. وبالإمكان استخلاص ثلاثة سيناريوهات من كل هذا الجدل، تُشخص خيارات الاحتلال الإسرائيلي خلال الفترة المقبلة.

السيناريو الأول:

حتى الآن، يبدو أن الخيار المفضل لجيش الاحتلال - وفقًا للتسريبات الواردة من جلسات "الكابينيت وتقديرات كبار المحللين العسكريين الإسرائيليين - هو مواصلة تنفيذ الاستراتيجية المطقبة حاليًا، وهي مواصلة قضم قدرات حماس والجهاد الإسلامي العسكرية تدريجيًا، لتهئية الظروف لعدوان عسكري موسع ضد قطاع غزة، تنطلق شرارته بعد أن يتم استكمال منظومة اعتراض الصواريخ متعددة الطبقات؛  المكونة من القبة الحديدية ومنظومات أخرى يقول جيش الاحتلال إنها قادرة على اعتراض القذائف الصغيرة، والانتهاء من بناء العائق المضاد للأنفاق.

جيش الاحتلال ينفذ الآن استراتيجية "قضم القدرات العسكرية لحماس والجهاد الإسلامي" لتهيئة الظروف لعدوان واسع

عملية قضم القدرات العسكرية لفصائل غزة تقوم على استغلال إطلاق الصواريخ والقذائف، ولاحقًا الطائرات والبالونات الحارقة، لاستهداف منشآت التصنيع وأنفاق تهريب السلاح، والأنفاق الهجومية والدفاعية، مع الحرص على عدم إيقاع خسائر بشرية قدر الإمكان، حتى لا يتجاوز التصعيد الحدود المرغوبة.

اقرأ/ي أيضًا: حرب على غزة؟ أم تغيير لقواعد اللعبة؟

منذ مطلع العام، حققت هذه الاستراتيجية أهدافها التي تمثلت بـقصف 200 هدف داخل غزة، ترواحت بين تدمير أنفاق تهريب، وأنفاق هجومية ودفاعية، ومستودعات سلاح، ومنشآت تدريب، وفقًا للمصادر الإسرائيلية. وهذه المرحلة "المريحة" قد يجد نفسه جيش الاحتلال مضطرًا لإنهائها في حال أدى سقوط صاروخ لخسائر بشرية في صفوف الإسرائيليين. وفي حال لم يحدث ذلك، سيواصل قادة الجيش الضغط لتمديد هذه الفترة لأطول فترة ممكنة، فهم يرون أن عملية قضم قدرات حماس والجهاد العسكرية يوازيها عجز الطرفين عن تهريب السلاح لغزة، والمعطيات التي نشرتها إسرائيل بهذا الخصوص تزعم أنه منذ الحرب الاخيرة لم تفلح حماس بتهريب صواريخ أو سلاح من الخارج، وهذا هو السيناريو المرجح.

السيناريو الثاني:

استمرار إطلاق الطائرات الورقية  والبالونات الحارقة، سيرافقه تضخيم الخسائر الناجمة عنها كما أشار الكس فيشمان المعلق السياسي العسكري لصحيفة "يديعوت أحرنوت".  وزير جيش الاحتلال ليبرمان سيستغل ذلك لإصدار تعليمات للرد، وذلك بتشديد الحصار على غزة، وقصف مطلقي الطائرات الورقية، وهذا سيدفع فصائل غزة للرد على القصف بالقصف. هنا سيستغل السياسيون في إسرائيل غضب الجمهور لتعزيز شعبيتهم، ويطلقون الدعوات لتصعيد القصف الإسرائيلي.

يؤيد معظم وزراء "الكابينيت" هذا التوجه، فيما يعارضه قادة الجيش وجهاز المخابرات "الشاباك" ويدعمهم نتيناهو، وحجُّتهم تطبيق السيناريو الأول، أي استكمال إنضاج الظروف الملائمة لإطلاق عملية عسكرية موسعة تستهدف تغيير الواقع السائد في غزة بشكل كامل. وبموجب هذا السيناريو، لن تخرج جولات التصعيد بين الطرفين عن نطاق يوم أو عدة أيام، ولن يسعى جيش الاحتلال لإيقاع خسائر بشرية من خلال قصف ما يصفها بالمنشآت العسكرية.

الخلافات بين وزراء "الكابينيت" والاتهامات بالتقصير في حماية المستوطنين تزيد الضغط على نتنياهو لتنفيذ عمل عسكري ضد غزة

وعبَّر عن هذا الوضع؛ المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هرائيل، قائلاً: "الخلافات الحادة بين أعضاء الائتلاف الحكومي، خصوصًا وزير الجيش ليبرمان، ووزير التعليم نفتالي بينت، والاتهامات المتبادلة بينهم حول التقصير في العمل ضد حماس بغزة، تزيد الضغوطات على نتنياهو للعمل العسكري ضد قطاع غزة، وتعاظم الانتقادات من الأحزاب اليمينية المشاركة في الائتلاف الحكومي، لوزير الجيش ورئيس الأركان آيزنكوت، حول التقصير في حماية أمن سكان غلاف غزة، دفعت الجيش لزيادة حدة ردوده ضد حماس بالقطاع".

اقرأ/ي أيضًا: عدوان الجرف الصامد بعد 4 سنوات.. تقديرات إسرائيلية

وخلص هرائيل إلى القول إن "الخلافات الداخلية والأجواء السياسية في الائتلاف الحكومي، تُشابه الأيام التي سبقت اندلاع الحرب الأخيرة على غزة، وكل الحوارات والنقاشات السياسية سواءً داخل الحكومة، أو عبر وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، حول قضية الطائرات الحارقة، ستزيد الضغط على نتنياهو، من أجل تنفيذ عملية عسكرية ضد حماس".

السيناريو الثالث:

نجاح جهود الوساطة المصرية أو أي جهود أخرى في التوصل لتفاهمات جديدة تقوم على وقف إطلاق الطائرات الورقية والصواريخ، مقابل تراجع الاحتلال عن تشديد الحصار، وتقديم بعض "التسهيلات" لقطاع غزة، والعودة إلى الوضع الذي كان سائدًا قبل انطلاق مسيرات العودة.  التلفزيون الإسرائيلي الرسمي زعم أن حماس طلبت من بعض الوسطاء منحها الوقت الكافي لوقف إطلاق الطائرات الورقية.

وكان التصعيد الأخير أسفر عن استشهاد طفلين، وإصابة 26 مواطنًا، فيما أطلقت المقاومة 200 صاروخ على الأقل، فشلت القبة الحديدية في اعتراض أغلبها.


اقرأ/ي أيضًا:

كيف تستثمر إسرائيل مسيرات العودة لتسويق أسلحتها؟

التنظيم اليهودي السري في قمة إسرائيل

حرب نفسية على مسيرات العودة.. اعتراف إسرائيلي