05-ديسمبر-2019

تشكل الإيرادات العامة (المحلية والمقاصة) أكثر من 74% من هيكل الإنفاق العام للسلطة الفلسطينية، وهي إيراداتٌ ممولةٌ بالكامل من الضرائب والرسوم المفروضة على المواطن الفلسطيني، الأمر الذي يعطي المواطن الحق في الرقابة على أداء المالية العامة للحكومية.

المتتبع للشأن المالي الفلسطيني يلاحظ تضخم بنود الإنفاق لبعض مراكز المسؤولية في الموازنة العامة على حساب مراكز مسؤولية أخرى

والمتتبع للشأن المالي الفلسطيني يلاحظ تضخم بنود الإنفاق لبعض مراكز المسؤولية في الموازنة العامة على حساب مراكز مسؤولية أخرى. أكثر ما يثير الجدل في هذا الصدد حصة قطاع الأمن من إجمالي نفقات الحكومة مقارنة بقطاعات حيوية أخرى كالتعليم والصحة والزراعة والتنمية الاجتماعية.

اقرأ/ي أيضًا: لا تكسروا شوكة مؤسسات المجتمع المدني

ما يلي من معلومات وأرقام حصل عليها الترا فلسطين من المنتدى المدني لتعزيز الحكم الرشيد في قطاع الأمن، والفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة، خلال ورشة عمل حول "الرقابة المجتمعية على موازنة الأمن" التي نظمها (المنتدى المدني والفريق الأهلي) بمشاركة عدد من الإعلاميين والعاملين في مؤسسات المجتمع المدني.

ميزانية الأجهزة الأمنية

بلغ إجمالي النفقات العامة للسلطة الفلسطينية للعام 2018 حوالي 5 مليار دولار، مع العلم أن ميزانية الداخلية والأمن لنفس العام شكلت نسبة 19.7% من حجم الموازنة العامة.

منذ بدء أزمة المقاصة في شهر شباط عام 2019، على إثر قرار الاحتلال باقتطاع 11.3 مليون دولار شهريًا تحت ذريعة أنها مخصصات تدفع لأسر الشهداء والأسرى، أصبح من الصعب الحصول على قانون الموازنة، سواءً للعام الحالي (مع العلم بأن هذا العام تم اعتماد موازنة الطوارئ) أو للأعوام السابقة، حيث يظهر عند الدخول على الموازنة العامة في الموقع الإلكتروني لوزارة المالية الرسالة التالية: "بسبب قانون الطوارئ والتبعات المالية مع الطرف الإسرائيلي تم إيقاف التقارير المالية مؤقتًا".

ولكن خيار التقارير المالية الشهرية (بيانات الإنفاق الشهري الفعلي) لا زالت مفعلة، لذلك تم اللجوء إلى التقارير الشهرية التجميعية لمعرفة حجم الإنفاق على المؤسسة الأمنية.

وهنا يشار أنه يؤخذ على التقارير المالية الشهرية عدم احتوائها على بياناتٍ وبنودٍ تفصيلية حول مخصصات كل مركز مسؤولية. وإذا أردنا تتبع مخصصات الرواتب والأجور للمؤسسة الأمنية لن نتمكن من ذلك من خلال التقارير الشهرية، ولكن يمكن متباعة تطورات تلك المخصصات من بيانات كتابة الموازنة العامة، مع ملاحظة أن تلك البيانات تأخذ المؤسسة الأمنية ككتلة واحدة لا كأجهزة ومراكز مسؤولية تفصيلية.

ميزانية الداخلية والأمن في عام 2018 بلغت 3.5 مليار شيقل، منها 2.9 مليار رواتب، و19 مليون سفر ومهمات رسمية

بلغت ميزانة الداخلية والأمن -التي تأتي تحت برنامج باسم "ترسيخ الأمن وسيادة القانون"- في العام 2018 حوالي 3.5 مليار شيقل، منها 2.9 مليار شيقل رواتب وأجور، و19 مليون شيقل سفر ومهمات رسمية، و165 مليون شيقل نفقات تشغيلية، و21 مليون شيقل إيجارات، و60 مليون شيقل تحت بند أخرى (تشغيلية)، و150 ألف شيقل مكافآت للموظفين، و300 مليون شيقل المساهمات الاجتماعية، و4.5 مليون شيقل الأصول الثابته، 5.3 مليون شيقل مخزون.

عدد أفراد الأجهزة الأمنية ورواتبهم

يبلغ عدد منتسبي الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، وفق بيانات الإدارة المالية والمركزية حوالي 65 ألف عسكري في العام 2018.

65 ألف عسكري في الأجهزة الأمنية في عام 2018، بينهم 200 لواء و410 عميد و2592 عقيد

من بين هؤلاء يوجد 200 لواء، 410 عميد، 2592 عقيد، 4727 مقدم، 6107 رائد، 6402 نقيب، 5852 ملازم أول، 4689 ملازم، 3384 محسوبين على منظمة التحرير والصندوق القومي، والبقية تتراوح رتبهم من مساعد أول وحتى جندي، علمًا أن عدد الجنود 4278 جنديًا.

اقرأ/ي أيضًا: ممالك الطوائف الفلسطينية

وهنا يلاحظ أن عدد الضباط سواءً في فئة مقدم أو رائد أو نقيب أو ملازم أول أو حتى ملازم، هم أعلى من عدد الجنود.

وحول رواتب الضباط، فهي بالشيقل على النحو التالي: اللواء 12590، العميد 9874، العقيد 7841، المقدم 6093، الرائد 5097، النقيب 4355، الملازم الأول 3968، والملازم 3500.

أما رواتب ضباط الصف والجنود بالشيقل فهي على النحو التالي: مساعد أول 3190، مساعد 2878، رقيب أول 2608، رقيب 2333، عريف 2142، الجندي 1943.

معيقات الرقابة على مالية المؤسسة الأمنية

وفقًا للتشريعات الناظمة لعملها اليوم، يمكن إلحاق الأجهزة الأمنية الفلسطينية إداريًا وتنظيميًا في مجموعتين، المجموعة الأولى وتتبع لوزير الداخلية، وهي جهاز الشرطة وجهاز الأمن الوقائي وجهاز الدفاع المدني وجهاز الضابطة الجمركية. أما المجموعة الثانية فتتبع لرئيس السلطة وهي جهاز المخابرات العامة وجهاز الأمن الوطني والاستخبارات العسكرية وحرس الرئيس.

وكان الرئيس قد أعطى تفويضًا لوزير الداخلية، وفقًا للقرار الرئاسي للعام 2007، يخوله الإشراف على قوات الأمن الوطني، وآمرًا للعمليات في جهاز المخابرات العامة، علمًا أن صفة الآمر هي صفة تمنح وزير الداخلية حق الاضطلاع على أنشطة المخابرات العامة داخل الأراضي الفلسطينية.

وتعتبر "الإدارة المالية المركزية العسكرية" مؤسسة عسكرية تخضع للقوانين العسكرية وتعمل بموجبها، وهي بمثابة حلقة الوصل بين وزارة المالية (ذات الهيكلية المدنية) والأجهزة الأمنية العسكرية.

ويلاحظ من خلال تتبع الهيكل الإداري والقانوني للإدارة المالية العسكرية عدم خضوعها لقالب مؤسساتي واضح، سواءً من حيث الصلاحيات والمهام أو من حيث التبعية الهيكلية. كما أنه لم يصدر أي قانون ناظم لاختصاصات ومرجعيات الإدارة، فهي تتبع عمليًا لرئيس السلطة الذي أقر الهيكل التنظيمي لها وعين مديرها العام، بينما تتبع إداريًا لوزير الداخلية.

توجد عشرات القوانين والتشريعات الناظمة للشؤون الإدارية والمالية في القطاع الأمني الفلسطيني، وهي من حيث المبدأ كافية لأغراض الرقابة عليه بالرغم من بعض الثغرات، لكن المشكلة تكمن في مدى الالتزام بتلك التشريعات على أرض الواقع، ومدى قدرة الرقابة المجتمعية (في ظل غياب المجلس التشريعي) على الوصول إلى قواعد البيانات حول آلية الصرف والتعيين والترقية.

القوانين والتشريعات الناظمة للشؤون الإدارية والمالية في القطاع الأمني كافية للرقابة عليه بالرغم من بعض الثغرات، لكن المشكلة في الالتزام بتلك التشريعات

ونظرًا لعدم وجود قانون أساس عام للمؤسسة الأمنية يضبط ويوحد آليات الصرف والضبط فيها، ونظرًا لافتقار بعض الأجهزة الأمنية (كالشرطة والأمن الوطني والاستخبارات العسكرية) لقوانين خاصة تنظم أعمالها وتحدد اختصاصاتها، تمت الموافقة في العام 2010 على اعتماد العمل باللائحة المالية الاستثنائية (غير المنشورة) التي قدمت من قبل الإدارة المالية المركزية بقرار من رئيس الوزراء السابق سلام فياض.

أبرز المعيقات الرقابية على أداء المؤسسة الأمنية، ويمكن توضيحها في البنود التالية: 

1. لا تزال التفاصيل المالية للأجهزة الأمنية الفلسطينية غير خاضعة لحرية الحصول على المعلومات، وقد يكون ذلك مبررًا في حال الإنفاق على التسليح والتصنيع العسكري، وهو ما لا نجده في الحالة الفلسطينية، لكنه غير مبرر في حالة النفقات الجارية والتشغيلية والرأسمالية.

2. لا يتبع القطاع الأمني مبادئ الشفافية في إعداد التقارير المالية ورفعها، ولا ينشر أي جهاز أمني تقاريره المالية (غير السرية) للمواطنين.

3. لا توضح موازنة الأمن موازنة كل جهاز على حدة مما يحد من قدرة أجهزة الرقابة على أداء دورها.

لا يتبع القطاع الأمني مبادئ الشفافية في إعداد التقارير المالية ورفعها

4. تصدر الأجهزة الأمنية تقارير سير العمل: البرامج والنشاطات والإجراءات الإدارية والتقارير المالية بشكل دوري سنوي دون أن تنشر تلك التقارير على الملأ.

5. يتم ترشيح مراقب داخلي في الجهاز من قبل مدير الجهاز، ويتم تعيينه بقرار رئاسي الأمر الذي يثير تساؤلات حول مدى استقلالية هذا المراقب.

6. يحظر على الضباط أثناء الخدمة العسكرية (وفقًا لقانون الخدمة في قوى الأمن الفلسطينية) ما يلي:

* الإفضاء بمعلومات أو إيضاحات عن المسائل التي ينبغي أن تظل سرية بطبيعتها، أو بمقتضى تعليمات خاصة، ويظل الالتزام بالكتمان قائمًا حتى بعد انتهاء الخدمة.

* الاحتفاظ لنفسه بأية وثيقة أو ورقة من الوثائق أو الأوراق الرسمية أو صورة عنها، ولو كانت خاصة بعمل كلف به شخصيًا.

* إصدار تصريحات لوسائل الإعلام إلا بموجب تفويض رسمي من الوزير المختص.

7. غالبًا ما يعفى موظفو الأجهزة الأمنية من أحكام قوانين الرقابة المالية التي تنظم سلوك الموظفين العموميين، ومن بينها الأحكام المتصلة بتقديم بيانات الذمة المالية.

8. يلزم قانون الكسب غير المشروع لسنة 2005 وتعديلاته جميع المؤسسات العامة بما فيها الأجهزة الأمنية والعاملون فيها من رتبة ملازم فما فوق بالتوقيع على إقرار الذمة المالية، دون أن تقدم تلك الإقرارات لأي جهة إشرافية أو مجتمعية.

9. لا يوفر الإطار القانوني الناظم للقطاع الأمني الفلسطيني أي نوع من الحماية للأفراد الذين يبلغون عن حالات الفساد. (من باب السرية في عمل تلك الأجهزة).

10. هيمنة مراكز الثقل في السلطة التنفيذية على قرار تعيين رؤساء الهيئات الحكومية والمستقلة (هيئة الرقابة العامة سابقًا، ديوان الرقابة المالية والإدارية، هيئة مكافحة الفساد) ذات العلاقة بالرقابة المالية والإدارية.

11. لا يوجد نظام موحد ومعتمد لتسجيل وإثبات المضبوطات، سواء النيابة العامة أو الضابطة الجمركية أو المعابر والحديد.


اقرأ/ي أيضًا: 

الأمن مقابل المال

سلطة مقاصة

الديموكتاتورية نظام حكم فلسطيني