76 مليار دولار على المحك: "إسرائيل" تواجه شبح العزلة الأوروبية
23 مايو 2025
تمر "إسرائيل" بمرحلة حرجة من تاريخها الحديث، حيث تتقاطع فيها أزمات متشابكة بين الجبهة العسكرية في غزة والتدهور الاقتصادي الداخلي، وسط تحوّل دبلوماسي متسارع قد يُفضي إلى عزلة دولية غير مسبوقة. قرار الحكومة الإسرائيلية، بقيادة بنيامين نتنياهو وبدعم من بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، باستئناف العمليات العسكرية في قطاع غزة دون سقف زمني أو أهداف واضحة، بات يشكّل نقطة اشتعال إضافية في علاقة تل أبيب مع شركائها الغربيين.
تجاوزت أصداء الحرب الحدود التجارية والمالية؛ إذ تتوسع المقاطعة لتشمل مجالات الطيران والبحث العلمي والتعليم العالي.
الانعكاسات الاقتصادية للعدوان المستمر باتت ملموسة: فقد خفض بنك الاستثمار "جي. بي. مورغان" توقعاته للنمو في "إسرائيل" لعام 2025، مرجحًا أن تؤدي الحرب إلى تباطؤ اقتصادي واسع النطاق. في ظل هذا السياق، أعلن كل من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة عن إعادة النظر في اتفاقيات التجارة الحرة مع "إسرائيل"، التي تمثل ركيزة رئيسية في العلاقات الاقتصادية، ويبلغ حجمها السنوي نحو 76.5 مليار دولار – أي ما يعادل 13.5% من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي.
قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي، الذي لطالما شكّل واجهة التصدير ونقطة القوة الاقتصادية، يبدو الأكثر تضررًا من إمكانية تقييد العلاقات التجارية مع أوروبا. فالاتفاقية التجارية البريطانية بعد "بريكست" لم تشمل قطاع الخدمات، ما يعني أن "إسرائيل" فقدت قناة حيوية لتصدير قدراتها في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والخدمات المالية.
تجاوزت أصداء الحرب الحدود التجارية والمالية؛ إذ تتوسع المقاطعة لتشمل مجالات الطيران والبحث العلمي والتعليم العالي، مع استمرار شركات الطيران الدولية في تجنب الهبوط في مطار "بن غوريون"، وانخفاض فرص التعاون الأكاديمي والعلمي مع الجامعات الأوروبية، في ما يمكن اعتباره مقدمة لعزلة طويلة الأمد.
وفي ظل هذه التطورات، يطرح مراقبون عدة سيناريوهات محتملة لمستقبل إسرائيل الاقتصادي والدبلوماسي:
1. التهدئة وإعادة الانخراط: وقف العمليات العسكرية قد يفتح بابًا لإعادة تفعيل الاتفاقيات الاقتصادية المتعثرة، ويمهّد الطريق أمام استعادة الثقة الدولية.
2. استمرار التصعيد والعزلة: مواصلة العدوان على غزة قد تدفع الأوروبيين إلى اتخاذ إجراءات عقابية أوسع، قد تشمل القطاعين الأكاديمي والبحثي، ما سيعمّق من عزلة "إسرائيل".
3. البحث عن أسواق بديلة: محاولة تعويض خسائر السوق الأوروبي من خلال توسيع العلاقات مع الولايات المتحدة، آسيا، ودول الخليج، لكن هذه المسارات تتطلب وقتًا واستثمارًا سياسيًا ودبلوماسيًا طويل الأمد.
4. التغيير من الداخل: الضغط الشعبي والاقتصادي المتصاعد قد يخلق مناخًا لتغييرات سياسية داخلية في القيادة أو السياسات.
وبحسب ما كشفته صحيفة "هآرتس" على لسان الخبير الاقتصادي إيتان أفريئيل، فإن الوضع آخذ في التدهور: "إذا استمرت سياسة الحرب في غزة، فإن كل أصل مالي مرتبط بإسرائيل سيتراجع في قيمته، من الأسهم إلى السندات، مرورًا بثقة المستثمرين".
وأضاف أفريئيل أن الخطاب العام داخل "إسرائيل" لا يزال يفتقر إلى نقاش أخلاقي حقيقي بشأن تبعات الحرب على غزة: "الجدل ينحصر في تداعيات الصور على الرأي العام الغربي، ويتجاهل السؤال الجوهري: هل من المقبول لدولة حديثة أن تجوّع السكان أو تقتل الأطفال حتى لو اعتقدت أن حربها مبررة؟".
من الأمثلة الصارخة على التداعيات الاقتصادية، ما قامت به النرويج – صاحبة أكبر صندوق ثروة سيادي في العالم بقيمة 1.8 تريليون دولار – حين قررت بيع استثماراتها في شركات إسرائيلية تنشط في المستوطنات، كـ"باز" و"بيزك". كما تتجه النرويج، بعد صدور قرارات المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، إلى تصفية أوسع تشمل عشرات الشركات الإسرائيلية الكبرى.
ولحقها صندوق الثروة السيادي الأيرلندي بقرارات مماثلة، فيما بادرت اليابان إلى خطوات مشابهة، وسط دعوات لبيع السندات الحكومية الإسرائيلية. هذه التحركات ليست معزولة، بل تؤشر إلى نمط عالمي يتسارع مع اتساع الإدراك بمسؤولية "إسرائيل" عن معاناة المدنيين في غزة.
ترى "هآرتس" أن هناك ما يشبه "الخصم السياسي" (Israel Discount) الذي بدأ يتشكل في البورصات العالمية ضد أي ورقة مالية تحمل طابعًا إسرائيليًا، مما يعني أن الشركات الإسرائيلية باتت تتداول بأسعار أدنى مقارنة بنظيراتها في دول أخرى. ويكمن الخطر في أن هذا الاتجاه، الذي بدأ بخطوات صغيرة، قد يتحول إلى تيار جارِف يصعب إيقافه.
وختامًا، تلفت الصحيفة إلى أن ما يحدث في الكواليس الدبلوماسية يتسرب بسرعة إلى الأسواق المالية: "كل من لا يسارع إلى بيع أصوله الإسرائيلية، قد يُوصم لاحقًا بأنه متواطئ مع جرائم حرب."
وفي ظل تصاعد الدعوات الأوروبية لفرض عقوبات، ووسط توبيخات دبلوماسية من لندن، وتحذيرات من بروكسل، ومع صمت أمريكي مريب، تبدو "إسرائيل" أقرب إلى مفترق طرق حاسم. السيناريوهات مفتوحة، لكن المؤكد أن ثمن الاستمرار في الحرب يتجاوز بكثير الميدان العسكري، ليصل إلى عمق الاقتصاد والمكانة الدولية.
الكلمات المفتاحية

الأمهات في يومهن الأول بعد الحرب
من سيقنع الأمهات اللواتي اعتدن ضجّة البيت، واتساخ الأواني، وتكدّس الملابس في سلال الغسيل، ومنع التجوّل فترة الامتحانات، وصوت المنبّهات في الصباح من كل غرفة، أنه لم يعد هناك أحد؟

واشنطن تساهم بـ70% من المجهود الحربي الإسرائيلي.. هل تمتلك كامل السيطرة؟
"إسرائيل" ليست قوة عسكرية مستقلة بذاتها، بل هي في جوهرها مشروع تمويل استراتيجي أميركي يمنح واشنطن قدرة فعلية على التأثير في السياسة الدفاعية والاستراتيجية الإسرائيلية.

البلادة النفسيّة واللامبالاة الجماعيّة: محاولة فهم تجاهل قطاع غزّة.. «الضحيّة المقدّسة»
الصمت المتزايد والتبلد النفسي المستمر يدعوان إلى مراجعة جذرية لكيفية تعاملنا مع قضايا حقوق الإنسان، ويدعواننا للعودة إلى جوهر القيم الإنسانية التي تُعلي من شأن الحياة وتحترم كرامة الإنسان

اعتداءات المستوطنين في الطيبة: بؤرة استيطانية وحرمان من الأرض ومحاولات حرق كنيسة الخضر
قال راعي كنيسة المسيح الفادي للاتين، بشار فواضلة، لـ"الترا فلسطين"، إن الاعتداءات على الطيبة "قديمة جديدة"

اشتباكات في غزة.. إصابات في صفوف جيش الاحتلال واستهداف مكثف لآليات الاحتلال
شنّ سلاح الجو الإسرائيلي غارات على نحو 90 غارةً في أنحاء القطاع

أطفال غزة يعانون بسبب "بدائل الحفاضات" أيضًا
أسعار الحفاضات ارتفعت إلى 10 شواكل على الأقل للواحدة منها، ولذلك اضطرت الأمهات لاستخدام أكياس من النايلون وقطع قماش بدل الحفاظات

السفير الأميركي في تل أبيب يزور قرية الطيبة بعد تصاعد هجمات المستوطنين
في الطيبة، أضرم المستوطنون النار مؤخرًا في مقبرة خارج كنيسة الخضر التي يعود تاريخها إلى القرن الخامس